في اطار الفعاليات التي شهدها مؤتمر مواجهة الارهاب والتطرف جاءت كلمات المشاركين للتأكيد علي نبذ الاديان ورفضها للعنف والدعوة للتسامح وفي كلمته دعا الامام الاكبر شيخ الازهر الي تضافر الجهود وان يكون لدي العالم العربي والاسلامي الثقة الكاملة بان الازهر قادر علي حماية الامة ومواجهة التطرف شدد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية علي ضرورة تضافر الجهود بين الجميع لترسيخ قيم التعاون المشترك. وقال البابا تواضروس الثاني: إننا في حاجة لمراجعة المناهج الدراسية وإصدار كتيبات من ندوات ومؤتمرات مشتركة يتعاون فيها كبار الادباء والمفكرين لترسيخ قيم العيش المشترك وان نخدم اطفالنا وشبابنا في كل مكان قرية كانت او مدينة وان يشترك كل رجال الفن والثقافة لاظهار حلاوة الاديان والمباديء فيها. واستشهد قداسة البابا في كلمته، بتلاميذ السيد المسيح الذين كانوا في حوار دائم معه رغم أن منهم الصياد والتاجر وأضاف أن الكنيسة تتضرع ليلا ونهارا لحفظ وحدة بلادنا وأن يصونها ويراعاها وأن نظل في وحدة وألفة وتظل بلادنا عالية وشامخة وليبارك الله اعمال هذا المؤتمر. وأشار قداسة البابا إلي أن الكنيسة المصرية عاشت بصورة وطنية ولم تسعي في اي يوم لسلطة زمنية أو مكانية وعاشت شاهده للوطن، مضيفا أن التاريخ يشهد أن الأمة المصرية بكل طوائفها كانت تدعم الزعيم احمد عرابي في ثورته وكذلك في ثورة 1919 تعانق الشيخ والقسيس في سبيل الكفاح الوطني ورفعوا شعار عاش الهلال مع الصليب. وأضاف: في مصرنا عشنا في كنائسنا ونصلي في كل يوم من أجل الزرع والعشب والحيوان ونصلي من أجل المدينة التي نعيش فيها ومن أجل جيراننا ونصلي من أجل الرئيس والجيش والوزراء هكذا تعلمنا الكنيسة من أجل المرضي ومن أجل الأرامل والفلاحين والجنود والمغتربين والذين في شدّة. وتابع قائلا: سمعنا عن مجازر ومأسي ولم يكن هذا الاسلام الذي عرفناه بين جيراننا وأحبابنا، وجاءت ثورة يناير ويونيو لتعيد الأوضاع إلي نصابها. وقال قداسة البابا تواضروس: تعرضت مصر لهجمة مفتعلة علي الكنائس وقلنا ان للحرية ثمن غالي وهذا جزء من الثمن الذي نقدمه للوطن. وأكد علي أن المصريين لا يمكن أن ينسوا كلمة 'البابا شنودة': مصر ليست وطننا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا. وقال د.محمد عبد الفضيل عضو هيئة كبار العلماء أن أزمة المسلم المعاصر جزءًا لا يتجزأ من أزمة الإنسان المعاصر. وأشار إلي أن المشكلة تكمن في العودة لعصر قابيل وهابيل بعد أن نقلنا الإسلام لعصر التعارف بين البشر، موضحًا أن الخلاف بين قابيل وهابيل ديني في ظاهره حيث انتهي تقبل القرابين إلي القتل، إلا أن الاسلام عاد ليدعو المسلمين إلي ضرورة التعارف والتعايش مع الآخر، مشيرا إلي أن اختلاف البشر تحول من التنوع إلي التضاد، والصراع بين السياسة والاخلاق منذ الميكافيلية، ثم اتساع الهوة بين الشمال والجنوب، من حيث الفقر والعلم، حيث يستخدم العلم استخداما شريرا، كما طغي الجانب المادي علي الروحي، واصبحنا نعاني من التلوث والمشاكل البيئية المتعددة. المشكلة الثالثة تكمن في إساءة تفسير قصد عبد الله بن عمر رضي الله عنه حين قال أن الخوارج انطلقوا من آيات نزلت علي الكفار وطبقوها علي المؤمنين، وقاموا بتطبيق الأحكام العامة علي الحالات الخاصة، وهي أخطر ما في التفسير بل أنه السبب الرئيس للتكفير. المشكلة الرابعة: الولاء والبراء، وفيها يجب أن نحدد معاني الكفر، حيث أن الشخص الذي انتقل للكفر برضاه، كافرًا بعقيدة الإسلام والمسلمين موضحا أن موالاة الكفار بمعني مناصرتهم، لا يوجب الكفر إلا أنه منهي عنه، كما أن نشر فضائل غير المسلمين يتنافي مع فكرة البراء، والاعجاب بحضارتهم بغض النظر عن معتقداتهم وهو ما يخالف البراء تمامًا. المشكلة الخامسة: وتتمثل في ظهور ما يسمي فقه الديار حيث انقسمت الديار، إلي ديار للكفر وأخري للإيمان، بل وأصبح هناك مؤلفات تحدد دار الإيمان ودار الكفر، وهو منافي تماما للفكر الاسلامي الذي يوسع من التصديق ويقلل من مداخل الكفر. د / رضوان السيد المفكر اللبناني تناول خلال كلمته التي ألقاها ضمن فعاليات 'مؤتمر الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب' موضوع 'الدولة الإسلامية والخلافة' وقد أشار إلي أن مفهوم الدولة الإسلامية هو مصطلح حديث نسبيًا أطلقته الدولة العثمانية علي الاراضي التي قامت بفتحها، وهي دار الإسلام واكثرية الناس فيها مسلمين، والتي يأمن فيها المسلم والمسيحي علي حد سواء. وأكد أن للجهاد أسباب محددة من بينها محاولة إخراجك من ديارك، أو محاولة تغيير دينك، أما فيما عدا ذلك فالمسلم مأمور بالتعامل بالعدالة والقسط والبر مع الجميع، مضيفا أن بعد زوال الخلافة جاءت الإمارة ثم السلطنة وغيرها من المسميات وكان هدفها الاساسي حراسة الدين، وصونه وهو ما يؤكد علي ضرورة السلطة ضرورية في كل مجتمع، ولكن لابد أن يكون هدفها حماية الدين والدولة، والمهم هو الكفاية والشوكة. كما عارض فكرة أن يكون الدين هو الحاكم حيث أنه لا يمكن تداول السلطة في ظل حكم الدين لان ذلك يقوض القدرة علي مراجعة السلطة الحاكمة مثل الخمائني في إيران والتي لا يمكن فيها التجرؤ علي السلطة الدينية لأنها تحكم حسب زعمهم باسم الدين. وانتهي إلي أنه لا يجب أن يكون للسلطة سياسية سلطة دينية، بل أن السلطة السياسية لها وظائف محددة تخدم الدين كحماية المصالح والأوطان. دكتور محمد أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر قال أن مفهوم الجهاد في الإسلام بمثابة شجرة جزعها الحوار والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، تهدف إلي توصيل حقيقة الإسلام الوسطي. وتطرق خلال ورقته إلي توضيح الفرق بين مفهومي الجهاد والدعوة الي الله، واعتبر أن القتال شٌرع للدفاع عن الدولة الجديدة وإقامة أركانها، كذا للدفاع عن حرية الاعتقاد، كما أكد علي روح الإسلام السمحة وأنه لم ينتشر بحد السيف بل جاء بالتسامح ولم يكره أحدا وكانت كل غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم في الاسلام تقوم علي أساس لاكراه في الدين، ولم تجيء بالقتال في بداياتها، ولكن كلها كانت دفاعا عن المسلمين. كما أشار الدكتور أبو عاصي أن مصطلح أهل الذمة وٌجد لحماية التعايش والتآلف بين المسيحين والمسلمين، معتبرا أن الشريعة الاسلامية تطلب من اتباعها أن تكون العلاقة بينهم وبين غيرهم كعلاقة المسلمين أنفسهم، وتحترم التنوع والتعايش. وذكر أن الحروب الاسلامية لها دساتير سبق بها المسلمين الأوائل العالم كله وأوضحت السنة النبوية والشريعة الإسلامية بعض الأوامر منها ' لا تخونوا، لا تغلو، لا تقتلوا طفلا صغيرا أو كبيرا أو إمرأة، وعبر عن سماحة الإسلام بقوله...هذه حقيقة الإسلام. د/ عبد الفتاح عبد الغني عميد كلية أصول الدين بالقاهرة تطرق خلال ورقته المقدمة للمؤتمر إلي مفهوم الحاكمية معتبرا أن هذا المفهوم يحتاج إلي تدقيق متسائلا هل يجوز إطلاق مصطلح الحاكمية علي الله عز وجل وهل يجوز إطلاقه علي البشر، واستشهد بما قاله الإمام الغزالي في شان هذا المفهوم وقال أن المتفحص لآيات القران الكريم يجد أن كلمة الحاكمية متي تم ورودها لله عز وجل تعني ثلاث معاني، أولها: هو الحكم التشريعي، والثاني: هو حكم القدر الكوني والذي يكمن في أن الله تعالي أجري السنن والنواميس الكونية، أما المعني الثالث أن الله سبحانه وتعالي يحاسب الناس جميعا يوم القيامة ويقفون بين يديه ويسألهم عن كل صغيرة وكبيرة. كما أشار إلي جواز إطلاق كلمة الحاكم علي البشر كما يتم إطلاقها علي الله عز وجل مع وجود اختلاف أن الحاكم في دنيا البشر قد يسمي خليفة أو سلطان أو أمير أو ملك. وأضاف أن الحاكمية عند المتشددين ترفض حب البشر وتطالب بالثورة عليه. وأشار أن قول السلطة في يد البشر كفر هو قولاً يتناقض مع أصول المجتمع مشيداً برؤية الأزهر الشريف واصفا إياه بالوسطية التي يعيها كل من ألقي السمع وهو شهيد. واختتم حديثه بأن الإسلام دوما مطالب بالدفاع عن نفسه بأنه يقف ضد الإرهاب، وهو الآن يقوم بذلك من خلال المؤتمر للدفاع عن نفسه، وأكد ن رسالة فضيلة الإمام واضحة أن الحرب ضد الإرهاب تشمل الجميع المسلمين والمسيحيين والكل مطالب بالتكاتف ضد الجماعات المتطرفة المرفوضة من المسلمين والمسيحيين علي حد سواء، حيث يوجد عدد كبير من رموز العالم الإسلام والمسيحي تؤكد دعم الأزهر الشريف للمسيحيين في مصر ضد الإرهاب وأي فكر متطرف، كما أعتبر المؤتمر رسالة للغرب الذي لا يفرق بين الإسلام ومفاهيمه السمحة والإرهاب وعنفه وتطرفه. كما أشار إلي أن مصر لها دور مهم كمركز رئيس في مواجهة الإرهاب بالعالم العربي والعالم كله، وأيِ قوة تحاول هدم مصر، هي في النهاية تحاول هدم المنطقة وأفريقيا كلها، فمصر هي راس الحربة في مواجهة الارهاب، ويجب أن نساعد مصر في تلك المهمة.