رغم الألم الذي يعتصر القلوب، لاستشهاد جنود مصر الأبطال في سيناء.. إلا أنه وكما يقولون: 'رب ضارة نافعة'.. فالحادث الغادر الذي راح ضحيته 31 بطلاً من أبطالنا، كشف بوضوح.. أين يقف المصريون.. وأين يقف الآخرون.. لقد نزع الحادث الإرهابي، الأقنعة عن الكثير من الوجوه التي طالما تخفَّت وراء العبارات الرنانة.. ثم جاءت عمليات إخلاء الشريط الحدودي في رفح، لإقامة منطقة عازلة.. لتتضح الصورة أكثر وأكثر.. وتتكشف حقيقة المتاجرين بالدماء.. والأوطان. بداية.. ومع تداول الأخبار عن استشهاد الجنود.. راح 'مرتزقة الشرعية'، و'أرزقية الديمقراطية' يتاجرون بالحادث، ففريق يصف ما حدث بأنه 'مسرحية'.. وفريق انشغل بتوجيه الإدانات للنظام القائم.. وكلاهما يحاول تصفية الحسابات مع القوات المسلحة نيابة عن أسيادهم.. دون أدني اعتبار لحرمة الدماء الزكية التي سالت. فالإخوان وأذيالهم أو المتاجرون بالشرعية أمثال يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن السلفي.. حاولوا أن يمرروا للرأي العام المصري، أن ما حدث 'تمثيلية'!!، وأن جنودنا ماتوا أثناء قتالهم في صفوف الجيش الليبي.. ورددوا هذه الأكاذيب والخزعبلات في مواقعهم الإلكترونية، وحساباتهم الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي وعبر 'الجزيرة' وأخواتها. وعندما تكشفت الحقائق، بعد أن ظهر أهالي الشهداء علي الفضائيات، يتحدثون عما كان يرويه أبناؤهم عن سيناء وأهلها.. وعندما قرأ الناس ما كتبه الجنود عبر حساباتهم الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي وهم يتفاخرون بخدمتهم في هذه البقعة الغالية من أرض مصر.. وعندما رفض المصريون هذه التصريحات أو بالأحري الأكاذيب الإخوانية عن مقتل جنودنا في ليبيا، وقابلوها بغضب شعبي كبير، وبدأ البعض في تحريك دعاوي قضائية تتهم رموز الجماعة الإرهابية ومنهم يسري حماد بالتحريض ضد الجيش وإشاعة الأكاذيب وإثارة الفتن.. تراجع نائب رئيس حزب الوطن السلفي عما قاله أو كما يقولون في المثل الشعبي الدارج 'عمل قطة' وراح ينفي أنه شكك في هذه الجريمة الإرهابية، قائلا: 'ما كتبته بخصوص أوجاعنا ومصابنا في سيناء كان للمطالبة بالشفافية وعرض الحقائق في كارثة قومية تمس كل أبناء الشعب المصري'. يا سلام 'ع الوطنية'.. أوجاعنا ومصابنا والشفافية وكارثة قومية!!. ليس هذا فقط، بل اتهم حماد الصحف والفضائيات بفبركة تصريحاته.. لينطبق عليه المثل الشعبي: '.... يلهيك واللي فيه يجيبوا فيك'!. وأنا أدعوكم لقراءة ما كتبه يسري حماد علي صفحته الرسمية علي 'الفيس بوك' بعد الحادث مباشرة، لتعرفوا كيف يكذب هؤلاء كما يتنفسون، وكيف يزيفون الحقائق. فقد كتب يقول: 'إن منع الصحفيين من الدخول، وتقطع وسائل الاتصال عن سيناء، في الوقت الذي ينقل تليفزيون ليبيا فيه أخبار مقتل أبنائنا جنود مصر الذين يقاتلون إلي جانب خليفة حفتر عميل الأمريكان، فهذا يعتبر استخفافًا بالشعب المصري وعودة إلي مغامرات عبد الناصر، التي كانت سببًا في انهيار كل مناحي الحياة في مصر'!. لم يتوقف الكذب عند هذا الحد.. بل أضاف يسري حماد: 'عدد كبير من أهالي سيناء، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، أفادوا بعدم حدوث أي تفجيرات في سيناء، وتحدوا الدولة أن تنشر أي صور للتفجيرات التي أكدت سلطات الدولة وقوعها، واستشهد خلالها 30 جنديًا وضابطًا من القوات المسلحة'. إذن هو ينفي أصلا حدوث الواقعة.. ويعتبر المسألة استخفافًا بالشعب المصري!!. الحادث الأخير لم يكشف الإخوان.. أو مَنْ يُطلقون علي أنفسهم 'تحالف دعم الشرعية'.. فهؤلاء مفضوحون، عداؤهم مع الدولة الوطنية لا يحتاج إلي إثبات.. وتاريخهم الأسود، وحاضرهم الأكثر سوادًا واضح لكل صاحب عقل يفكر. فهؤلاء مَنْ وقفوا يرددون في 'رابعة العدوية'.. الله أكبر ولله الحمد.. عندما قالوا لهم علي المنصة: البوارج الأمريكية في الطريق لتركيع الجيش المصري، وهؤلاء مَنْ راحوا يحرّضون أمريكا علي مصر، وطالبوا بقطع المعونة عقابًا للجيش علي انحيازه للشعب المصري في 3 يوليو. وأجدادهم الأوائل هم مَنْ تحالفوا مع بريطانيا أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956، وفصلوا أعضاء الجماعة الذين انضموا للكفاح الشعبي.. وهم مَنْ تراقصوا بعد نكسة 1967، وراحوا يتشفَّون في الجيش المصري العظيم.. بل دفعهم حقدهم الدفين للتشكيك في حرب الاستنزاف، وانتصار أكتوبر العظيم. الحادث الأخير لم يكشف الإخوان كما أشرت سابقا لكنه فضح أصحاب الشعارات الذين يتغنون بعبارات الحرية والديمقراطية، ويرددون بتعليمات أسيادهم يسقط حكم العسكر، وغيرها من العبارات الصفيقة. فكما فعل 'أرزقية الشرعية'.. فعل 'أرزقية السياسة'.. فقبل أن تجف دماء الشهداء كتب علاء عبد الفتاح ساخرًا: 'هنسمع خبر استدعاء فالكون لتأمين سيناء إمتي؟'!!.. في استهانة شديدة بأرواح الشهداء. حتي عندما اعتذر علاء عن تغريدة 'فالكون'، كتب يقول: 'مش عارف أحس بالوجع علي ضحايا السياسات دي إن كان من الجنود.. ولا من أهل سيناء اللي بنشوف صورهم مقتولين تحت مانشيتات 'الجيش يثأر'.. بلا تفسير ولا تحقيق ولا رقابة'. مضيفا: 'اعتذار حقيقي لكل اللي انزعج من تركيزي علي السخرية من عبثية الإدارة الأمنية والسياسية في لحظة زي دي، واستحقار حقيقي لكل اللي استهبل وتعامل مع السخرية المريرة من الفشل علي أنها تبرير لجهاديين مخابيل هيودونا كلنا في داهية أو شماتة في مجندين غلابة مغلوبين علي أمرهم'. هل هناك تزييف للحقائق أكثر من ذلك؟!!.. الإرهابيون الذين يستهدفهم الجيش هم في رأي الناشط السياسي أهالي سيناء الذين يتم قتلهم بلا تفسير ولا تحقيق ولا رقابة.. والجنود الذين يضحون بأرواحهم لحماية وطنهم.. مغلوبون علي أمرهم!!.. ألا تذكركم كلمات المفضوح.. بتصريحات المعزول: بضرورة الحفاظ علي أرواح الخاطفين والمخطوفين؟.. وهل الحرية والديمقراطية والدولة المدنية يتم فيها المساواة بين الإرهابي المأجور الذي يرفع السلاح في وجه أبناء وطنه، ويقتلهم.. وبين الجندي الذي يدافع عن تراب وطنه وحدودها؟. نأتي لأكذوبة التهجير القسري التي يتشدق بها 'أرزقية الشرعية'.. و'مرتزقة السياسة'، ويصفون بها إخلاء المنازل علي الحدود مع فلسطين لإقامة منطقة عازلة.. وأنا هنا أستشهد ببعض كلمات الصحفي وائل قنديل الذي غادر الموائد السعودية إلي موائد حمد بن جاسم فقد استطاع بكفاءة نادرة في مداخلة له علي قناة الجزيرة لم تتجاوز دقيقة تلخيص الأكاذيب والادعاءات التي يرددها تجار الأوطان. حيث راح يقول بوجه مكشوف: 'ما يحدث حرب علي سيناء.. إخلاء سيناء من البشر يصنع منها فناء خلفيًا للصهاينة.. ما يحدث في سيناء عربدة.. حكاية الأنفاق لم تعد تنطلي علي أحد.. لماذا يحرقون سيناء؟'. تخيلوا.. نقل أهالي سيناء مسافة 500 متر أي من رفح إلي رفح وتعويضهم بالطريقة التي يحددونها، أصبح تهجيرًا قسريًا، وانتزاعًا للسكان من بيئتهم التي عاشوا وتربوا فيها!!.. إذن من يترك السيدة زينب ليسكن في حي عابدين، يعتبر عند وائل قنديل قد هاجر من وطنه!!.. وال500 متر التي تتيح لمصر ضبط حدودها.. وإنقاذ جنودها من جرائم الإرهاب.. خدمة للكيان الصهيوني!!. الغريب أن من يتشدقون بحقوق الإنسان لم نسمع لهم صوتًا.. وجنودنا يُقتلون يوميًا بدم بارد. أدعوكم لقراءة قصيدة 'دين أبوهم اسمه إيه'.. للشاعر الكبير جمال بخيت لعلها تخفف عنكم مثل هذه التصريحات: إيه يا أرض الطيبين اللي حكموا ف الزمان دا يبقوا مين؟! دين أبوهم اسمه إيه؟! حد يعرف فيكو دين كل أتباعه لصوص.. أو قوادين ف المعاصي.. مولودين ف الكراسي.. مأبدين ف التفاهة.. معدودين ف السفاهة.. مفرودين ع البلاهة.. مسنودين للشراهة.. مُجندين ع القرف.. متعودين ع الشرف.. متمردين ع الوطن.. متنمردين بالخيانة.. موحدين اللي يعرف دين كده يقوللي عليه.. دين أبوهم اسمه إيه؟!