رحل أمس عن 86 عاما القائد والمناضل الفلسطيني أحمد حسين اليماني 'أبو ماهر' لينضم الي رفيقيه في النواة التأسيسية لحركة القوميين العرب، جورج حبش ووديع حداد، والي جوار رفيقه الشهيد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفي الذي اغتالته اسرائيل في العام 2002 بواسطة صاروخ موجه من طائرة مروحية في رام الله. وكان اليماني الي جانب حبش وحداد وأبو علي وقادة آخرين، قد ساهم في تأسيس الجبهة الشعبية في العام 1967. أبو ماهر اليماني انخرط منذ نعومة أظفاره في قريته سحماتا في الجليل الأعلي في القتال ضد العصابات الصهيونية، وهو ابن حسين اليماني الذي لبي نداء الثورة الفلسطينية الكبري عام 1936، عندما قرر المجاهدون التصدي للانتداب البريطاني والاستيطان اليهودي الزاحف. في العام 1930، وكان أحمد اليماني يبلغ السادسة عشرة من عمره، زار عكا للمرة الأولي، وقد ارسله والده الي السوق ليبيع له بقرته الوحيدة ويشتري بثمنها بندقية. فعرف الانكليز بالأمر واعتقلوه وانهالوا عليه ضرباً قبل ان ينقلوه الي معتقل المالكية. وشارك أحمد اليماني في الاضرابات والتظاهرات ضد الانتداب البريطاني قبل ان يشارك في النضال المسلح ضده ثم ضد العصابات الصهيونية التي استولت علي قريته سحماتا في العام 1948،. اعتقلته العصابات الصهيونية بعد سقوط سحماتا، فتعرض للتعذيب، وشاهد وهو موثوق إلي شجرةٍ أهلَه وهم يشردون الي جنوب لبنان، واطلق سراحه بعد اسابيع امضاها في معسكرات الاعتقال. عمل ابو ماهر في لبنان كاتباً للحسابات في احدي الشركات.ثم قدم استقالته وعاد الي فلسطين لكن الي الضفة الغربية هذه المرة. والتحق ب"جمعية العمال العربية والفلسطينية" في نابلس عام 1949، وتعرض بسبب مناصرته لحقوق العمال وعمله النقابي والسياسي، لشتي المضايقات من السلطات الاردنية آنذاك، فعاد مجددا الي لبنان. وفي لبنان حيث عمل مدرسا وفي وظائف عدة، تعرض أيضا بسبب نشاطه النقابي والسياسي الي الملاحقة واعتقل نحو 55 مرة خلال عشرين عاما. أسس في العام 1950 مع عدد من الاصدقاء "المنظمة العسكرية لتحرير فلسطين"، وتعرف في العام 1951 الي وديع حداد الذي زاره مع وفد من الجامعة الأميركية في المدرسة التي كان مديرا لها، ودعاه الأخير الي ندوة ثقافية في الجامعة الأميركية - بيروت، حيث تعرف الي جورج حبش للمرة الاولي، وبعد عام من تعارفهما، فاتحه وديع حداد للمرة الاولي بأمر إنشاء "حركة القوميين العرب". التقي للمرة الأولي مع الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في 1965، في منزل أحد الأصدقاء في بيروت. واتفق القائدان خلال الاجتماع علي تنفيذ مهمة مشتركة داخل فلسطين بين حركة "فتح" وحركة القوميين العرب، لكن ذلك لم يتم لأسباب عدة. أسس ابو ماهر "إقليمفلسطين" في حركة القوميين العرب، وهذا الإقليم تحول في نهاية عام 1967 الي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وكان ممثل "الشعبية" شبه الدائم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. رفض أبو ماهر اتصالات سرية كانت تجري في 1974 بين بعض قياديي منظمة التحرير والادارة الاميركية، واقترح علي جورج حبش تجميد عضوية الجبهة الشعبية لتحرير لفلسطين في منظمة التحرير الفلسطينية، وما لبث أن عقد مؤتمراً صحافياً أعلن فيه باسم الجبهة قرار التجميد. وعلي الرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين "فتح" و"الشعبية"، وبين أبو ماهر وأبو عمار، وفي قمة الخلافات تلك، أطلق ياسر عرفات علي أبو ماهر اليماني لقب "ضمير الثورة". "ضمير الثورة" أحمد حسين اليماني 'أبو ماهر' يشيع اليوم بعد صلاة العصر من أمام مسجد الإمام علي في طريق الجديدة الي مثواه الأخير في مقبرة الشهداء.