في الخامسة والنصف من مساء اليوم - الأحد - هاتفت قداسة البابا شنودة لكي أشارك قداسته وجدانياً بعد الحادث البشع الذي راح ضحيته الأبرياء.. استمعت إلي صوته عبر الهاتف.. كان صوته حزيناً.. شعرت بألمه علي فقدان هؤلاء الضحايا الذين سقطوا صرعي من جراء الضرر والتآمر علي الوطن بأسره. أعرف قداسة البابا شنودة منذ سنوات طوال.. تميز دائماً بالحكمة والموضوعية.. يمثلك حساً وطنياً يجعله دائماً يطوي أحزانه وآلامه. في لحظات كثيرة يفضل الصمت علي الكلام.. وفي لحظات أخري يطلق عباراته القوية مدافعاً عن الوطن وعن أمنه واستقراره ولم لا وهو القائل دائماً ان مصر وطناً يعيش فينا كما نعيش فيه. عدت أقلب في هذا الكتاب الضخم الصادر عن الهيئة العامة للكتاب 'البابا شنودة بين السياسة والدين' الذي تضمن حواراته العديدة مع قداسته.. إنها نفس الكلمات ونفس المواقف حيال الأزمات، فهو يبقي دائماً هذا الإنسان النبيل والوطني الغيور الذي يذوب شوقاً وحبا لتراب هذا الوطن الذي لا يعرف سواه. كان قداسته دائماً في قلب الحدث، فمنذ أيام التقي الرئيس مبارك ودار حوار طويل وخرج قداسة البابا من هذا اللقاء دون أن يدلي بكلمة واحدة. لكنه كان دائماً في كل كلماته معبراً عن تقديره للرئيس ولمواقفه مشيداً بتدخله الحاسم في الأزمات ليضع حداً وينهي مشاكل كثيرة. تمني قداسة البابا دوماً الخير للوطن ونحن بدورنا مع قداسته في تمنياته وفي دعواته وصلواته بأن يحفظ الله مصر من كل مكروه وأن يدحر المؤامرة والمتآمرين لاسيما وأن المؤامرة تمتد إلي هذه الأمة من السودان إلي فلسطين إلي العراق ولن ننسي له أبداً مواقفه الوطنية العروبية الخالصة تجاه الأمة العربية، فهناك فلسطين التي كثيراً ما دافع عنها وتمني النجاح والنصر لشعبها وحرم علي نفسه زيارة القدس إلا بعد تحريرها وهناك مواقفه الوطنية بالنسبة للأمة وتمنياته بأن تتجاوز مخاطر التقسيم الطائفي والعرقي عبر الكثير من الأحاديث التي أدلي بها. إنني أبعث برسالة إلي قداسة البابا ويبعثها معي كل مصري غيور علي أمن هذا الوطن، أقول فيها إن مصر ستبقي دائماً حائط صد بوحدتها الوطنية في مواجهة كل المؤامرات والمخططات التي لا تريد خيراً لشعب مصر. تحية لهذا الرجل الوطني العظيم صاحب القلب الكبير الحكيم الواعي بحقيقة ما يجري والذي ينتظر الجميع كلماته الحكيمة في خضم هذا البحر المتلاطم من الأزمات والمتغيرات فإذا بكلماته تأتي دائماً كالبلسم الذي يضمد الجروح وكالدواء الذي يعرف الطريق لمواجهة الداء.