كذبت فاتو بنسودا، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بشدة ما ورد في مقال نشرته صحيفة 'الجارديان' البريطانية في وقت سابق من الأسبوع الجاري من أن المحكمة تجنبت فتح تحقيق في دعاوي وقوع جرائم حرب في غزة بسبب تعرضها لضغوط سياسية. وقالت بنسودا – في مقال للجارديان – إن الحقيقة البسيطة هي أن مكتبها لم يكن أبدا في وضع يخول له فتح مثل هذا التحقيق بسبب انتفاء الاختصاص القضائي.. وأشارت إلي أن هذا أمر معلن بوضوح. ولفتت إلي انه طبقا لما ينص عليه 'نظام روما الأساسي' أو معاهدة روما المنشئة للمحكمة فإن المدعي العام لا يحق له التحقيق أو النظر في جرائم إلا إذا كانت تلك الجرائم تم اقترافها علي أرض أو بواسطة مواطني الدول الأطراف بالمعاهدة أو الدول التي قبلت بالاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية عبر الإعلان عن ذلك طبقا للمادة 12 فقرة 3 من المعاهدة. وأشارت بنسودا إلي أنه حتي تاريخه لم تقرر فلسطين بعد، الانضمام لمعاهدة أو نظام روما الأساسي رغم قيامها بتوقيع عدد من الاتفاقيات الدولية المتنوعة منذ حصولها علي صفة 'دولة مراقبة غير عضو' بالأمم المتحدة في نوفمبر 2012، ولا هي أعلنت شيئا جديدا بعد حصولها علي تلك الصفة يتعلق بقبول اختصاص المحكمة من عدمه. وقالت بنسودا إنه من المعروف للجميع أن القادة الفلسطينيين لا يزالون في مرحلة التشاور الداخلي حول هذا الصدد، وأكدت بنسودا أن القرار في هذا الشأن منوط بهؤلاء القادة لا بغيرهم، قائلة 'وأنا كمدع عام للمحكمة الجنائية الدولية لا أستطيع اتخاذ القرار بالنيابة عنهم'. هذا معناه أن الجرائم المدعي اقترافها في فلسطين لا تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وأشارت بنسودا إلي أنه بطبيعة القضايا التي تنظرها المحكمة الجنائية الدولية، فإن أي موقف يتخذه المدعي العام يتم تحميله بصفات سياسية أكثر مما يحتمل.. قائلة لكن رغم ذلك تبقي مهمتي كمدع عام واضحة تماما وهي التحقيق في ونظر الجرائم استنادا إلي وقائع وتنفيذ القانون بحذافيره في استقلالية تامة ودونما تحيز. وأكدت بنسودا أنه متي قررت الدول المعنية أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اختيار تخويل المحكمة الجنائية الدولية بالاختصاص القضائي للنظر في الادعاءات فإن مكتب المدعي العام سيستخدم كافة سلطاته دونما خوف أو انحياز ملاحقا مقترفي الجرائم الصادمة لضمير الإنسانية 'بغض النظر عن كنههم أو من يقفون وراءهم'. واختتمت بنسودا مقالها 'إنني أؤمن إيمانا راسخا أن طلب العدالة لا ينبغي أن تشوبه النفعية السياسية، وأن الفشل في دعم هذا المطلب المقدس لن يقتصر أثره علي النيل من قضية العدالة واهتزاز ثقة الناس ولكنه سيزيد من معاناة الضحايا.. وهذا ما لن نسمح به أبدا'.