لشهر رمضان الكريم تقاليده وخصوصية الدينية، و للموائد الرمضانية خصوصيتها أيضا, والتي تظهر جلية في كل من بلاد الشام ومصر، وذلك من خلال طبق القطائف، الذي يكون وجوده علي المائدة بعد انتهاء الشهر أمرا مستهجناً، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن. ما هوأصل القطائف؟ تختلف الروايات في تحديد أصل هذا الطبق الرمضاني من حيث مكان المنشأ والحقبة الزمنية، فنجد أن البعض يرجع ظهور هذا الطبق إلي نهاية الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية، و أن أول من أكل القطائف في رمضان هو الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وآخر يقول أنه طبق فاطمي حيث كان صناع الحلوي في ذلك الوقت يتسابقون إلي ابتكار أطباق الحلويات، أما من حيث مكان المنشأ فمن الروايات ما يقول أن هذا الطبق خرج من دمشق شأنه في ذلك شأن الكثير من الحلويات العربية، بينما يري أخرون أن هذا الطبق اندلسي جاء بعد الفتوحات الإسلامية للاندلس، وبرغم الاختلاف علي صحة هذه الرواية أو تلك، فان هناك إجماع علي اهمية و تميز هذا الطبق.وهنا يراودنا سؤال آخر وهو. لماذا يتميز هذا الطبق؟ يرجع تميز هذا الطبق لمجموعة من الخصائص تجعله مفضلا لدي غالبية الناس في بلاد الشام ومصر، وأهمها الجذور التاريخية لهذا الطبق، و التي جعلت منه طبق الحلو الأساسي لرمضان، ونظرا لإمكانية التنوع الهائلة التي تسمح بها طبيعته، فالابتكار ما زال مستمرا بالحشوات المختلفة للقطائف، و طرق إعداده التي تتنوع بين الشوي والقلي أو حتي أكله نيا مثل القطائف العصافيري, كما أن طبق القطائف غير مكلف نسبة إلي باقي الأطباق الأخري مما يجعله في متناول الفقراء والأغنياء دون تفرقة فيأخذ هذا الطبق روح الشهر الكريم، الذي يوحد الناس دون النظر إلي أموالهم، إضافة إلي ذلك غني طبق القطائف بالطاقة التي تلزم الصائم بعد يوم طويل من الصيام. ونجد أن للقطائف مكانتها في الشعر العربي أدي الانتشار الواسع والأصول التاريخية لطبق القطائف، جعلت منه مادة يتناولها الشعراء في أشعارهم عبر مختلف العصور، ومنها قول ابن عينين في مخاصمة ساخرة بين الكنافة والقطائف غدت الكنافة بالقطائف تسخر وتقول: إني بالفضيلة أجدر طويت محاسنها لنشر محاسني كم بين ما يطوي وأخر ينشر فحلاوتي تبدو وتلك خفيفة وكذا الحلاوة في البوادي أشهر وأيضا قول ابن نباتة المصري: وقطايف رقت جسوما مثل ما غلظت قلوبا فهي لي أحساب حلو فما تغلو ويشهد قطرها الفياض أن ندي علي سحاب وقال ابن الرومي : وأتت قطائف بعد ذاك لطائف ترضي اللهاة بها ويرضي الحنجر ضحك الوجوه من * الطبرزد فوقها دمع العيون من الدهان تعصر من مال ذي فخر كأن بنانه خلج الفرات إذا غذت تتفجر