لايمكن ان تمر مذبحة اسوان بلا تحقيق جنائي وسياسي واجتماعي شامل، المذبحة التي وقعت احداثها بين قبيلتي الدابودية النوبية وبني هلال، كشفت عن حجم التوتروالعنصرية في المجتمع وعن انتشارالسلاح بين يدي الناس، نحن ابناء الصعيد نعرف تفاصيل عمليات الثأر والصراعات القبلية، ولكننا لانعرف ولم يسبق لنا مشاهدة هذه البشاعة التي فاقت كل حدود المعقول. قبيلة الدابودية تنتمي للنوبة وهم اكثر فئات المجتمع الصعيدي ميلاً للسلام الاجتماعي واقربهم لطبقات المثقفين، ولكنهم قتلوا وذبحوا 16شخص من بني هلال ومثلوا ببعض الجثث وحرقوا عددا من بيوتهم وقتلوا أُسرة كاملة مكونة من 7افراد. وقبيلة بني هلال إحدي القبائل العربية التي ينتمي اليها البطل الشعبي ابوزيدالهلالي، وهي لم تدخل في صراعات مسلحة مع قبائل اخري من قبل ولكنها كانت تعتمد علي الشوم الذين يجيدون استخدامه في معاركهم. إذن استخدام العنف المفرط من أهل النوبة مخالف لمورثهم الثقافي والاجتماعي واستخدام السلاح من بني هلال مخالف لجميع صراعاتهم القديمة، كما أن هذه المذبحة مخالفة تماماً لأخلاق وقيم أبناء أسوان الذين يضربون الأمثال في الطيبة وحسن المعاشرة. استمعت لأصدقاء من الطرفين وتطابقت الرواية حول قيام طلاب من الدابودية بكتابة شعارات عنصرية ومسيئة ضد أبناء بني هلال، فاشتبك معهم عدداً من طلاب بني هلال وعندما تمت إصابة عدد من طلاب بني هلال، شارك بعض ذويهم في مهاجمة الطلاب، تطور الأمر بقيام طلاب وعدداً من قبيلة الدابودية، بكتابة الشعارات المسيئة علي جدران منازل بني هلال وهذه الشعارات تحط من شأنهم وتطالب بطردهم من اسوان، وهو ما استفز بني هلال ودارت معركة عنيفة، قتل فيها ثلاثة من الدابودية المهاجمين، وبعد صلاة الجمعة تم اسر اربعة من الدابودية وواحد من بني هلال وتدخل الامن ومكث حتي الثانية عشر مساء الجمعة ونجح في الافراج عن الاسري وانصرف، وعقب انصراف الامن دارت معركة بالاسلحة الالية حتي صباح السبت، قتل فيها 14من بني هلال وحرق 20 منزل، وفي صباح السبت قتل بني هلال ستة من الدابودية. وذكر لي الشهود ان هناك سلاحا تم تسليمه للدابودية مساء الجمعة من قبيلة اخري وهو ما اشعل الموقف. الامر الاكثر خطورة ان الصلح الذي دعا اليه رئيس الوزراء مهدد بالفشل، ان هناك ثقافة ودعاية شديدة العنصرية ضد بني هلال، يرافقها تحريضهم علي قتل عدد مساو لقتلاهم من الدابودية. ليس امام حكومة محلب، الا التحرك الشامل لانقاذ اسوان وانقاذ المجتمع من تداعيات وعدوي هذا الحادث في صعيد مصر، ولن يحدث هذا الا بمعرفة الحقيقة مطلقة.