إن المدنية الحاضرة قد نمّت مدارك المرأة قليلا ولكنها أكثرت أوجاعها بتعميم مطامع الرجل، كانت المرأة بالأمس خادمة تعيسة، فأصبحت اليوم سيدة تعيسة، كانت بالأمس عمياء تسير في نور النهار فأصبحت مبصرة تسير في ظلمة الليل، كانت جميلة بجهلها فاضلة ببساطتها قوية بضعفها، فصارت قبيحة بتفننها سطحية بمداركها بعيدة عن القلب بمعارفها، فهل يجيء اليوم الذي يجتمع فيه الجمال بالمعرفة والتفنن بالفضيلة، ضعف الجسد بقوة النفس ان التقرب الي الكمال سمة بطيئة، ولا أحد يؤمن انها قد تكون فعالة، وإذا كانت المرأة قد ارتقت بشئ وتأخرت بشيء فلأنها دائما تقابل بمكامن اللصوص وكهوف الذئاب. هل المجتمع حقا يؤمن بالمرأة في انتظار دور تؤديه، أم الإقصاء، وإلقاء بعد الفتات لغسل ماء الوجه، هل علي النساء الناجحات أن يدفعن ضريبة باهظة لأشباه الرجال لمرورهن من بوابة النجاح، هل تستطيع المرأة التجلد والصبر، امام عين تبث لها معني اليأس والقنوط. المرأة الشرقية لها من الجلادين كثر، من وضعوا لها القوانين، من وضعوا لها العادات، ليطالبوها بكسرها وتخطيها، والغريب في تلك الازدواجية، ان المرأة ليست نصف المجتمع كما يدعون، لكنها هي كل المجتمع، هي النواة الأولي، والخلية الرئيسية، المنشأ والمنتهي، هل غفلت المرأة عن حقوقها ودورها، وخلفت عاطفتها ليخونها ذكاؤها تاركة للرجل زمام الأمور. إن عذاب الثبات أمام المصاعب و المتاعب لهو أشرف من تقهقرها حيث الأمن والطمأنينة، فالفراشة التي تظل مرفرفة حول السراج وهي تحترق، أسمي من الخلد الذي يعيش براحة وسلامة في نفقه المظلم، والبذرة الضعيفة التي تحتمل قسوة التربة لتفتتها وتشق سطح الارض وحيدة مثمرة فتزهر الثمار فمن ما تنبت يأكلون، غير عابئة بالأفاعي المنسلة بين الصخور ولا الأشواك المؤلمة التي تقاسمها المياه في جوف الأرض. كيف اضلها الدهر، بعدما كانت حاكمة، ملكة متوجة، قائدة لجيوش، والتاريخ ذاخر بملكات حملن لقب ملكة مصر العليا والسفلي دون ايضا رغبة من المصريين القدماء ايضا بحكم تلك التقاليد أمثال نيت اقريت، سبك نفرو، حتشبسوت الشهيرة صاحبة رحلات بونت، كيلوباترا. قد تصدم مقدمتي نساء جليلات لكني تعمدت أواجه واقع للأسف من كثرة تحاشيه أصبح مسلما به، وهذا منتهي العار لأجيال من الرائدات عانت وتفانت لتصل بالمرأة لحال أفضل الإستقلالية و التفرد والنجاح، ونحن ندير ظهورنا متعلليلن و منكرين فعذرنا أننا تهنا في منتصف الطريق وخلفنا وراءنا هويتنا.