دفاع المتهمين ينسحب من القضية ويغادر بور سعيد ويعتذر لأسرة الضحية - 'الراقصة' والدة المتهم الثاني تبيع شقتها بأقل من قيمتها وتهرب وابنتها من المحافظة - خاطر: قضايا الأحداث عام 2003في القاهرة والجيزة ألف قضية يوميًا, اليوم الأرقام كارثية - 'زينة.. أيقونة الطفولة' علي صفحات التواصل الاجتماعي, ووقفات احتجاجية وتظاهرات ومسيرات وكليبات تطالب بالقصاص 'يا بنتي لما الناس تشوف حد حلو أوي يقولوا عليه 'ده ابن موت' أصل الناس يا زينة مش متعودين يعيش بينهم حد حلو أوي كده, وانتي من يوم ما اتولدتي يا زينة وانا عارفة انك بنت موت. يا رب زينة أمانة بين إيديك لكن حقها بين إيدينا, يا رب إذا كان نصيبي أتحرم منها ومن كل حاجة حلوة في الحياة فامنحني من صبرك ورحمتك إللي تهدي بيه قلبي وروحي وتثبت بيه إيماني وعقلي.. يا رب إذا كان حكم البشر إن بنتي تضيع مني وتتخطف من حضني فيارب يكون حكمك إنها تبقي.. عصفورة في جنتك'. بذلك الوجع تصحو والدة زينة وتنام, بهذه الآلام التي لن تهدأ ولن يسعفها إلا القصاص العادل العاجل, بتلك الدموع التي تذرفها أم علي صغيرة تبكيها مصر, بهذا الوجع كله تعيش اليوم 'أم زينة' هي فقط تتعايش, لا تحيا.. بينما مازالت روح زينة تحلق في رحاب الكون, عالقة ما بين جنة رب وما بين حق لدم مهدر فوق الأرض, ومازالت الأصوات ترتفع تطالب بالقصاص العادل لها, والتفاعل مع قضية الصغيرة يتزايد والشارع يشتعل يومًا بعد الآخر بموجات من الغضب العارم والثورة لدم أهدر غدرًا في ظلام الليل, ومازالت صفحات التواصل الاجتماعي تتزايد للتضامن مع القضية ومع حق زينة. أما القضية فقد أخذت منحي جديدًا بعد أن قام النائب العام بإحالة المتهمين للجنايات, وانسحاب محامي المتهم. وكانت قضية الطفلة زينة عرفة ريحان, ابنة الأعوام الخمسة, قد شغلت الرأي العام في مصر منذ أن وقعت في 13 سبتمبر 2013وحتي اليوم, حين كشفت تحقيقات النيابة ان المتهمين محمود محمد محمود وعلاء جمعة عزت استدرجا الطفلة المجني عليها البالغ عمرها خمس سنوات إلي سطح العقار في الطابق ال11 بعد أن طلبا منها الصعود إليهما للهو معهما فاستجابت لثقتها فيهما وسابق معرفتها بهما إذ يقيم المتهم الأول بذات العقار ويعمل الثاني حارسا له ثم تناوبا الاعتداء عليها وألقيا بها من سطح العقار داخل المنور للتخلص منها خشية أن تفضح أمرهما, مازالت قضية زينة تشعل غضبة المصريين وتدمي قلوبهم, خاصةً بعدما تقدمت أسرة أحد المتهمين بشهادة تفيد أنه حدث بينما تقدمت أسرة المتهم الثاني بشهادة طبية تفيد أنه مريض نفسي, في محاولة منهما لتخفيف العقوبة عن المتهمين أو الإفلات منها, لكن زينة –رغم فجاعة الحدث- ليست الأولي ولن تكون الأخيرة في مجتمع لا يعترف بحق الطفل في الحياة, مجتمع طالب أعضاء برلمانه في النظام السابق بتزويج الطفلة عند بلوغها التسعة أعوام, مجتمع تنتهك فيه النساء بكل الأساليب, وتغتصب فتياته وسط التظاهرات وفي الشوارع وحتي داخل بيوتهن. جاء تقرير الطب الشرعي ليثبت إصابة 'الصغيرة' بكسور في قاع الجمجمة وفي البطن والأطراف والوجه والعنق نتيجة السقوط من علو والتعدي عليها جنسيا قبل إلقائها من أعلي السطح. وأثبتت المعاينة التي أجرتها النيابة العامة وجود تلف وتطبيق بجهاز التكييف بالطابق الثالث وهو ما فسره تقرير الطب الشرعي الذي أكد أن هذه التلفيات نتيجة اصطدام الطفلة به أثناء السقوط من أعلي. ووجهت النيابة إلي المتهمين تهم ارتكاب جرائم القتل العمد والخطف والاغتصاب. وكان تقرير آخر قد صدر من الطب الشرعي يفيد أنه بتوقيع الكشف الطبي علي المتهمين تبين أنهما يمارسان الشذوذ الجنسي, وقد اعترف المتهمان بذلك في تحقيقات النيابة. وكانت المفاجأة حينما انسحب محامي المتهمين رمضان أبو زيد وأعلن تنازله عن القضية وعدم الاستمرار في الدفاع عن المتهمين, وأكد أبو زيد أنه اتصل بوالدة الطفلة زينة وأخبرها بقراره, وبأنه أغلق مكتبه بصفة مؤقتة وسيسافر خارج المدينة لحين هدوء الأوضاع, أما والدة أحد المتهمين والتي عرفت بأنها تعمل 'راقصة' فقد باعت شقتها بأقل من ثمنها وهربت من بور سعيد هي وابنتها خشية غضب الأهالي الذين لم يتوقفوا عن التظاهرات. وكانت العديد من التظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية تم تنظيمها الأيام الماضية تضامنًا مع أهل زينة في قضيتهم حيث طالب المتظاهرون بالقصاص من قتلة زينة وتنفيذ حكم الإعدام فيهم, ومن هذه التظاهرات نظمت حركة 'المرأة حياة' تظاهرة كبري بمحافظة السويس للمطالبة بالقصاص والوقوف بحزم أمام محاولات أهالي المتهمين إتباع أساليب ملتوية لإنقاذ المتهمين مستغلين الثغرات بالقانون, كما نظم مجموعة من الشباب وقفة أخري أمام دار القضاء العالي, كذلك تظاهر عدد من الأمهات ببور سعيد وألتراس بور سعيد, كما نظم ائتلاف طلاب الجامعات المصرية وقفة احتجاجية بالطبول للمطالبة بسرعة المحاكمة والقصاص, وتقدم عدد من المتظاهرين بمذكرة للمجلس القومي لحقوق الإنسان بطلباتهم في القصاص ومن المنتظر أن يباشر المجلس القومي التحقيقات في قضية الطفلة زينة وإرسال مذكرة بتفاصيل مقتلها إلي كل من وزارتي الداخلية والعدل. من جانبها، طالبت أماني محمد الداعية لإحدي هذه الوقفات، بتحويل قضية الطفلة زينة إلي قضية رأي عام وعدم اعتبارها شأنًا شخصيًا يخص أسرة الطفلة فقط، لافتة إلي أن المتظاهرين سيستمرون في الضغط حتي يتم القصاص للطفلة، وينال المجرمون أقصي درجات العقاب علي جريمتهم البشعة. كما طالبت أماني، الحكومة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي بتعديل قانون العقوبات الخاص بالأحداث وخفض سن الأحداث إلي 14 عامًا، لكي ينال المجرمون عقابهم دون استغلال لثغرات القوانين التي تعانيه الدولة المصرية, إلا أن المحامي طارق خاطر مدير مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان فيعلق علي هذا المطلب بأن سن الحدث متفق عليه دوليًا في جميع أنحاء العالم وفي الدول الموقعة علي مواثيق الأممالمتحدة الخاصة بقوانين الأطفال ومصر واحدة من هذه الدول, ورغم إدانة خاطر للحدث ومرتكبيه إلا أنه يشير إلي أن هناك متهمين آخرين تجب محاسبتهم هم أهل المتهمين والمجتمع كله, هذا المجتمع الذي فتح المجال لتفشي ظاهرة الفقر والجهل وفساد الأخلاق والسماح للكليبات والإعلانات عن الأدوية والمنشطات الجنسية تعرض علي شاشات التليفزيون وتخترق البيوت وتنتهك حرمات الأسر, مجتمع يعمل علي تغييب الوعي دون الاهتمام ببناء هذا الجيل, فلا يهتم بتثقيفه ولا تعليمه ولا صحته النفسية ولا البدنية, ويضيف خاطر أن زينة ليست أولي ضحايا الاغتصاب أو القتل ولن تكون الأخيرة, فهناك الكثير من الأطفال سواء كانوا إناثًا أو ذكورًا يتعرضون للتعذيب وللقتل والاغتصاب. أما فيما يخص الأوراق والتقارير التي تقدمت بها أسر المتهمين فيقول خاطر: إن أية أوراق تقدم للمحكمة أو لجهات التحقيق يجب أن تكون صادرة عن جهة مختصة, وأن تكون الوسيلة التي تم الحصول بها علي هذه الأوراق, وإذا تحدثنا عن الشهادات الطبية التي أحضرتها أسر المتهمين فإذا ثبت أنهما مزورتان فتجب محاكمة الأهل الذين تقدموا بتلك الشهادات والطبيب الذي قدمها أو المستشفي التي فعلت ذلك, والمسئولية في ذلك تقع علي النيابة العامة والمحكمة التي من المفترض أن تتحقق من صحة المستندات المقدمة لها وأن توجه تهم التزوير وتضليل العدالة في حال ثبوت عدم صحتها. ويضيف خاطر أنه في عام 2003 وأثناء قيامه بتنفيذ برنامج تقديم الدعم القانوني للأحداث الجانحين 'الذين يتعرضون لعقوبات قانونية في مختلف القضايا' كان يصل 'رول' المحاكمات والتحقيقات علي مستوي القاهرة والجيزة إلي ألف قضية, المؤسف أن هذا الرقم في ارتفاع مستمر حتي وصل إلي أرقام كارثية الآن. واختتم خاطر كلامه بأن الجرائم ستظل تلحق بالعديد من أمثال زينة وغيرها طالما نعمي أبصارنا عن النظر للحلول الحقيقية التي يجب أن نلجأ إليها. أما سعد ريحان, عم الطفلة زينة فيطالب بمادة في الدستور تلزم بإعدام المغتصب حتي ولو كان 'حدثًا' مشيرًا إلي هذا الألم الذي تشعر به أسرة المغتصبة والمرارة التي تعيشها طول العمر. هذا وقد قام العديد من الفنانين الشباب بعمل 'كليبات' مصورة عن قضية زينة تضامنًا معها, أشهرهم أوكا وأورتيجا اللذان قررا تصوير كليب عن زينة داخل منزلها في بور سعيد. وحازت قضية الطفلة زينة، علي الكثير من التعليقات علي موقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت صورها علي الصفحات الشخصية للنشطاء، مطالبين بالقصاص لها، وتنفيذ حكم الإعدام في المتهمين بقتلها. وكانت شائعات قد تم تداولها علي بعض المواقع الإخبارية تشير إلي إلقاء القبض علي عرفة ريحان والد زينة عند وصوله إلي مطار القاهرة لاتهامه في التحريض علي قتل شيخ سلفي في بور سعيد إلا أن مصدرًا أمنيًا بمديرية أمن بورسعيد نفي صحة تلك الأخبار، مؤكدًا أن التحريات وأقوال الشهود في قضية مقتل الشيخ 'عادل أبو الحمايل' تاجر وأحد مشايخ الدعوة السلفية بالمحافظة، وأشار إلي أن التحقيقات لم تدن حتي الآن 'عرفة ريحان' والد الطفلة 'زينة' وهناك أكثر من متهم في القضية مازالت التحريات والتحقيقات تجري معهم، مؤكداً أن من بينهم والد الطفلة. يذكر أن والد زينة واثنين من اخوته اتهموا بالتحريض علي قتل شيخ سلفي يدعي عادل أبو الحمايل بعد أن توسط الشيخ لإنهاء أزمة بضائع بين رجال أعمال وشركات صينية. وتجري التحقيقات في مسارها, لتقتص العدالة بطريقتها من الجناة الذين وقفوا بملامح الخزي والعار مجبرين علي التقاط صورهم ليتداولها التاريخ. يا زينة, إن العين لتدمع, والقلب ليبكي, وإنا لفراقك يا صغيرتي لمحزونون, بينما ترتفع الكفوف إلي السماء وتتضرع القلوب إلي الله بأن يقبل 'زينة' عصفورة من عصافير الجنة