عودة انقطاع الكهرباء في مناطق بالجيزة وخروج كابل محطة محولات جزيرة الذهب عن الخدمة    هآرتس: ترامب يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لضم أجزاء من غزة    200 مليون دولار، ليفربول يجهز عرضا خرافيا لحسم صفقة مهاجم نيوكاسل    رابطة الأندية: بدء عقوبة "سب الدين والعنصرية" فى الدوري بالموسم الجديد    السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة والاهتمام الطبي الفوري للكابتن حسن شحاتة    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في المريوطية    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    الكشف الطبي على 540 مواطنًا بقرية جلبانة ضمن القافلة الطبية لجامعة الإسماعيلية    بمناسبة اليوم العالمي.. التهاب الكبد خطر صامت يمكن تفاديه    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    سميرة صدقي: عبلة كامل أفضل فنانة قدمت دور المرأة الشعبية    بدء الدراسة بجامعة الأقصر الأهلية.. رئيس الجامعة والمحافظ يعلنان تفاصيل البرامج الدراسية بالكليات الأربع    «ما تراه ليس كما يبدو».. شيري عادل تستعد لتصوير حكاية "ديجافو"    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم بيج رامى بطولة رامز جلال    علاج الحموضة بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    هندسة المنوفية الأولى عالميًا في المحاكاة بمسابقة Formula Student UK 2025    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    السفارة الأمريكية: كتائب حزب الله تقف وراء اقتحام مبنى حكومي ببغداد    قنا: القبض على شاب متهم بالاعتداء على طفل داخل منزل أسرته في قرية الدرب بنجع حمادي    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    12 راحلا عن الأهلي في الانتقالات الصيفية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    تصعيد خطير ضد الوجود المسيحي بفلسطين.. مستوطنون يعتدون على دير للروم الأرثوذكس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق و'أسافين' واشنطن!!

'ستكون الزيارة الرسمية للرئيس السادات أول زيارة يقوم بها أي رئيس للدولة المصرية إلي الولايات المتحدة، كما أنها ستعرض علي مسرح الأحداث التغير الهائل الذي حدث منذ حرب 1973، ليس فقط في العلاقات الأمريكية -المصرية بل أيضاً في وضع الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، لقد أقام السادات سياسته علي أساس من الاعتقاد أنه يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط بشروط مُرضية له وللعرب من خلال التعاون معنا، من مصلحتنا أن نعمل علي إنجاح سياسة السادات، وعلي المدي الأطول، فإننا نأمل تطور علاقة مع مصر تظل قائمة بعد السادات'.. كلمات قالها وزير الخارجية الأمريكي 'هنري كيسنجر' إلي رئيسه 'جرالد فورد' في 27 أكتوبر عام 1975، لتعبر عن رؤية وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية ليس لمستقبل العلاقات الأمريكية مع مصر ومنطقة الشرق الأوسط لبعض السنوات فحسب، بل لتعبر عن تلك العلاقات خلال العقود التالية علي تلك الكلمات وحتي يومنا هذا..
انتهت زيارة 'السادات'، واستمرت المفاوضات، وتغير رؤساء الولايات المتحدة واحداً تلو الآخر، إلي أن أتي الرئيس الأمريكي 'جيمي كارتر' ليدعو طرفي الحرب إلي مباحثات 'كامب ديفيد' في سبتمبر 1978م، لتتمخض تلك المباحثات الشاقة عن اتفاقية سلام محورها سيناء، أقيمت مراسم توقيعها في 26 مارس من عام 1979م في حدائق البيت الأبيض بواشنطن، ليسدل الستار علي هذا الفصل بمصافحة قوية بين كل من الرئيس المصري 'محمد أنور السادات' ورئيس الوزراء الإسرائيلي 'مناحم بيجين' أمام الرئيس الأمريكي 'جيمي كارتر'، الذي كان يراقبهما وعلي وجهه ابتسامة المنتصر، ثم تحدث ليصف 'السادات' بأنه الرجل الذي أتي بالمعجزة، مضيفاً: 'بدون مبالغة.. فإن ما فعله يشكل أحد أعظم إنجازات زماننا'، بيد أنه التزم الحرص قائلاً: 'إن المعاهدة كانت خطوة في طريق طويل وصعب، ولا ينبغي لنا أن نقلل من العقبات التي تعترض سبيلها'.. هذا ما أعلنه الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية آنذاك، فما جديدها الآن؟!
أسافين استخباراتية!!
التقارير الصحفية خرجت مؤخراً لتعلن عن ذلك الجديد، بإعلان وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية 'سي آي ايه' إفراجها عن 250 وثيقة سرية في 1400 صفحة، تتعلق باتفاقية 'كامب ديفيد'، والتي تضم -حسب التقارير- مجموعة وثائق تم تسريبها لتنشر تحت عنوان 'الرئيس كارتر ودور المخابرات في اتفاقية كامب ديفيد'، مضافاً إليها الملفات السياسية والشخصية للرئيس 'السادات' ورئيس الوزراء الإسرائيلي 'بيجن'، وهي الوثائق التي اطلع عليها 'كارتر' قبل انطلاق المباحثات في 'كامب ديفيد' والتي استمرت لثلاثة عشر يوماً، وقالت الوكالة عن تلك الوثائق إنها كانت مهمة لدعم الجهود الدبلوماسية لإدارة 'كارتر'، وتركز علي الفترة من أوائل يناير عام 1977 إلي مارس 1979، كما تبرز بعض أدوار مسئولي الإدارة الأمريكية، مع تحليل ردود فعل الدول العربية بعد توقيع الاتفاقية، فيما تقدم محاضر جلسات مجلس الأمن القومي الأمريكي، وملخصات الاجتماعات الرئيسية بين المسئولين الأمريكيين والمصريين والإسرائيليين..
وتشير التقارير حتي الآن إلي أن وكالة الاستخبارات الأمريكية قدمت تلك التقارير إلي الرئيس الأمريكي الأسبق 'جيمي كارتر' بناء علي طلبه قبل 13 يوماً من توقيع الاتفاقية بين مصر وإسرائيل في المنتجع الرئاسي 'كامب ديفيد'، إلي جانب تقارير تشمل النصائح التي خرجت بها الوكالة لإنجاح المفاوضات، وإشارات إلي مخاطر فشلها، وبشكل موجز - لا نتدخل هنا إلا في ترتيب أحداثه- تضم الوثائق المسربة والمعلن عنها حتي الآن ما يلي:
وثيقة بتاريخ 1 يونيو 1976 تتحدث عن 'الإخوان المسلمين''!!'، تقول إن الجماعة تقاضت أموالًا وأسلحة من الجماهيرية الليبية، بهدف الاستفادة من أوجه القصور في نظام 'السادات'، لكن علي المدي الطويل'!!'، وكشفت أن الجناح العسكري للجماعة والمعروف باسم 'التنظيم الخاص' لم يتم حله وإلغاؤه كما زعمت الجماعة خلال الخمسينيات، وذكرت بعض أسماء قيادات سياسية تمثل تهديداً ل'السادات'، من بينهم: 'كمال الدين حسين' و'حسين الشافعي'، واسم آخر تم حذفه من الوثيقة حيث قررت المخابرات الأمريكية إبقاءه سراً، لكنها وصفته بأنه: 'القائد الحالي للجناح السري المسلح التابع لجماعة الإخوان المسلمين'!!
وتحدثت أخري عن وضع الرئيس 'السادات'، وقدرته علي السيطرة علي الأوضاع في مصر واحتواء أي معارضة لأول اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل، إلا أنها أشارت إلي وجود تقارير مثيرة للقلق حول سيطرة الرئيس الكاملة علي الأوضاع الداخلية ومدي استقرار نظامه وحجم الدعم الشعبي الذي يتمتع به، ووفقاً لتقديرها فإن 'السادات' بدا أنه كان يتمتع بتأييد شعبي واسع النطاق، ومحاط بمسئولين أكدوا قدرتهم علي حفظ الأمن وثقتهم في أن النظام المصري يمكنه التعامل مع أي عناصر تخريبية 'مدنية أو عسكرية'، كما أن المؤسسة العسكرية التي تعتبر الدعامة الرئيسية للنظام تدين بالولاء للرئيس، ولكن من ناحية أخري فإن ضباط القوات المسلحة لم يكونوا 'محصنين ضد تأثير أنشطة العناصر اليسارية أو جماعة الإخوان أو الناصريين أو حتي تأثير الركود الاقتصادي والضغوط التضخمية علي الطبقات الفقيرة والعاملة في مختلف مدن مصر'، وحذرت من احتمالية ضعف قبضة 'السادات' علي السلطة إذا تحالف أي من معارضيه مع الاتحاد السوفيتي، ولكن -وفقاً للوثائق- تظل القوات المسلحة هي كلمة السر في المشهد، وإذا تمسكت بموقفها الداعم للسادات فلن يكون هناك أي مخاوف علي قوته واستمرار حكمه لمصر ما لم يتعرض للاغتيال، قائلة: 'فيما عدا رصاصة قاتل أو أزمة قلبية أخري، فلا يوجد أي تهديد للسادات'، مؤكدة أنه قادر علي تغيير المشهد جذرياً وبسرعة بين البلدين وفي المنطقة بأسرها..
وتشير الوثائق إلي أن الوكالة اعتبرت في يناير عام 1977 أن التطورات في المنطقة، بما فيها الصلح بين مصر وسوريا ووقف إطلاق النار في لبنان، واستعداد السعودية لتحقيق تقدم في 'الخلاف الفلسطيني-الإسرائيلي'، خلقت ظروفا ملائمة لإطلاق مبادرة عربية واسعة للسلام بقيادة مصر وبدعم من السعودية..
أما الوضع السياسي والاقتصادي والعسكري للاتحاد السوفيتي من الدول العربية الكبري آنذاك، فوصفته وثيقة بالمتآكل علي مدي السنوات الخمس السابقة لتاريخها '1يونيو 1977'، دون وجود أي علامة علي التحسن، قائلة إن الوضع المتدني للعلاقات بين الاتحاد السوفيتي ومصر يسلط الضوء علي فشل السياسة الخارجية السوفيتية تحت قيادة رئيس الاتحاد السوفيتي آنذاك 'ليونيد بريجنيف'..
كما كشفت ملخصات اجتماعات مجلس الأمن القومي الأمريكي والاجتماعات الرئيسية بين المسئولين الأمريكيين والمصريين والإسرائيليين..
مع وثيقة أخري تشير إلي تراجع توريدات الأسلحة السوفيتية إلي مصر بعد حرب عام 1973، وإلي التسلح المستمر في إسرائيل، مما أسفر عنه تراجع قدرة مصر علي شن الحرب وعدم استعدادها لذلك..
ومن الوثائق التي تم تسريبها الوثيقة رقم 296 التي وصفت بأنها 'سرية للغاية'، والصادرة بتاريخ 19 نوفمبر1977، وكانت مرسلة من مساعدي وزير الخارجية لشئون الشرق الأدني والشرق الأوسط إلي وزير الخارجية الأمريكية 'هنري كسينجر'، تحت عنوان 'تحليل للتطورات العربية الإسرائيلية'، وورد فيها تعليقات علي ردود الفعل العربية علي زيارة الرئيس 'السادات' للقدس، ووصفتها بأنها 'أصبحت عنيفة وعدائية بصورة متزايدة'، وتابعت أن رد فعل السعودية كان 'مثيراً للقلق بصورة خاصة'، كما تطرقت إلي رد فعل وسائل الإعلام السوفيتية التي تناولت الزيارة بشكل سلبي، حتي وإن ظل الكرملين حذراً بشكل نسبي حول تحديد وجهة نظره الخاصة عن الزيارة ونتائجها المحتملة، إلا أن موسكو منحت بشكل أو بآخر دعماً ضمنياً إلي معارضي الزيارة 'الجريئة' المقلقة التي لم تكن تتوقعها، كما قالت الوثيقة إن الإعلام الروسي كان يشدد علي أن 'السادات' يقوض الوحدة العربية، ويقدم تنازلات لإسرائيل، ما بدوره سيؤجج العند الإسرائيلي، كما شملت الوثيقة تعليقًا علي ردود أفعال الإعلام الإسرائيلي، ووصفتها ب'السعيدة لكن مع توخي الحذر'، كما أثارت الزيارة جدلاً غير مسبوق داخل إسرائيل فيما يتعلق بالتعامل مع العرب..
وفي 16 أغسطس 1978 وذلك قبل بدء محادثات كامب ديفيد وقت قصير، دونت الاستخبارات ملاحظة أن المملكة العربية السعودية كانت تشير إلي حلفائها العرب لدعم مثل هذه المفاوضات، و'تحاول إقناعهم بوقف التعليق علي الاجتماع حتي وضوح النتائج'..
وفي مذكرة سرية أخري أرسلها مستشار الأمن القومي الأمريكي ل'كارتر'، قال فيها: 'السادات لا يستطيع أن يفشل وهو يعرف ذلك، ويظن كل من السادات وبيجين أنك أيضا لا تستطيع أن تفشل، لكن بيجين يعتقد علي الأرجح، أن فشل كامب ديفيد سيلحق ضررًا بك وبالسادات، دون أن يمس به.. كما أنه سيكون عليه السيطرة علي الإجراءات منذ البداية'، وفي وثيقة 'بريجنسكي' ل'كارتر' المؤرخة بتاريخ 31 أغسطس 1978 يضيف: 'الخطر هو أنك قد تفقد السيطرة علي المحادثات ويتم تحويلها عن قضايا مركزية، إما عن طريق حرفية بيجن أو عدم دقة السادات'..
ووثيقة أخري تتحدث عن عدم ثقة القيادة المصرية ب'موشي ديان' وزير الدفاع الإسرائيلي، وثقتها ب'عزرا فايتسمان'، ففي وثيقة بتاريخ 1 سبتمبر 1978 جاء أنه 'خلال بلورة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وجد الجانبان كثيراً من الصعوبة في منح بعضهما الثقة لبعض، الأمر الذي لاحظته واشنطن في نظرة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات لوزير الخارجية الإسرائيلي حينئذ موشي ديان، الذي شغل منصب وزير دفاع تل أبيب في الماضي، وألحق بالقاهرة الهزيمة عام 1967'، وأضافت الوثيقة أن جلسة 'عقدها كارتر مع مجلس الأمن القومي قبل أيام معدودات من بداية المحادثات الخاصة بكامب ديفيد، قام الحضور بإعطاء تحليلات للرئيس الأمريكي عن السادات وبيجن وعن طاقمي التفاوض المصري والإسرائيلي، وقام صموئيل لويس السفير الأمريكي بتل أبيب وقتها بفحص أعضاء الوفد الإسرائيلي والديناميكية والنشاط فيما بينهم'، ونقلت عن لويس وصفه ل'ديان' خلال الجلسة بأنه 'لديه تأثير خاص علي المحادثات، كما أن ديان ووزير الدفاع عزرا فايتسمان يرون في المحادثات نقطة تحول أكثر مما ينظر بيجن للأمر'، لكنه أشار إلي أن الرئيس المصري يثق ب'فايتسمان' أكثر من 'ديان'، مضيفاً 'فايتسمان كان عملياً وحريصاً جداً علي عدم إضاعة الفرصة لتحقيق السلام، كما أنه مقتنع بأن الرئيس المصري أكثر أمانة وصدقاً'..
كما أشارت إحدي الوثائق إلي أن الإعلان عن عزل 'السادات' لكل من وزير الدفاع 'المشير عبد الغني الجمسي' ورئيس الأركان 'محمد علي فهمي' من مناصبهم بشكل مفاجئ، ربما يكون جزءاً من إعادة تشكيل الحكومة والاستعدادات لتنفيذ اتفاقية 'كامب ديفيد'، وأشارت الوثيقة المؤرخة بتاريخ 4 أكتوبر 1978 إلي أنه 'تم إعلان اسم البديل لفهمي'، فيما قالت إنه 'علي ما يبدو سوف يتم الإعلان عن خليفة الجمسي من قبل رئيس الحكومة الجديد 'مصطفي خليل'، الذي يتوقع أن يعلن تشكيل حكومة جديدة في غضون أسبوع، الوثيقة قالت أيضاً إن مصادر من السفارة الأمريكية في القاهرة ذكرت أن 'كمال حسن علي' رئيس المخابرات المصرية العامة سوف يحل محل 'الجمسي'، ولفتت الوثيقة إلي أن الإعلان عن عزل 'الجمسي' يبدو أنه يتم التعامل معه من قِبَل الصحافة بعدم اهتمام ملحوظ، وأضافت أنه من الممكن أن يكون تحذير 'السادات' للصحافة في خطابه في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن تكون أكثر حذراً في التعامل مع الأحداث الإخبارية هو السبب..
وجاء في إحدي الوثائق أن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية 'ياسر عرفات' لم يكن يثق بالسادات للتفاوض بشأن التوصل إلي تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، وأنه كان يرغب في إجراء حوار مباشر مع الولايات المتحدة مباشرة وليس مع 'السادات'، ووفقاً لمصادر لم تكشف عنها أوراق وكالة الاستخبارات الأمريكية، فإن 'السادات' كان قد أمر رئيس المخابرات الحربية في هذا الوقت، والذي أشارت إليه تقارير الوكالة باسم الجنرال 'شوكت' بالتحقق من توجهات 'عرفات' وحقيقة موقفه من اتفاقية 'كامب ديفيد' واستمرار مفاوضات الشرق الأوسط، ووفقاً لما قاله السفير الأمريكي في القاهرة في هذا الوقت، فإن 'شوكت' ذكر له أن رغبة عرفات 'المزعومة' في الانخراط في حوار مباشر مع أمريكا تعتبر استمراراً لرغبته القديمة في أن يكون له ارتباط مباشر بالأمريكيين، وزادت تلك الرغبة أثناء الإعداد لاتفاقية 'كامب ديفيد'، وأضافت الوثائق أن 'عرفات' كان مستعداً للاعتراف بإسرائيل والقبول بحل يرضي الدولتين في هذا الوقت المبكر وقبل اتفاقيات 'أوسلو' بنحو 15 عاماً، مستشهدة ببرقية سرية تضمنتها سجلات المخابرات الأمريكية أفادت أن 'عرفات' وجه رسالة للرئيس الأمريكي 'كارتر' أعلن فيها استعداده للعيش بسلام مع إسرائيل مقابل اعتراف أمريكي بفكرة الدولة الفلسطينية..
وأشارت إحدي الوثائق إلي التغييرات التي أقرها الرئيس السادات في الحكومة، والبنية السياسية للبلاد، وذكرت أن هذه التغييرات تُعتبر تراجعاً في سياسة السادات التحررية، إذ قالت إن 'السادات' أطاح بأربعة من أقرب ستة مستشارين له، هم: 'سالم' و'الجمسي' و'أشرف مراون' ورئيس مجلس الشعب 'سيد مرعي'، أما الاثنان الباقيان فهما: نائبه 'مبارك'، ورجل الأعمال 'عثمان أحمد عثمان'، الذي لم يكن يشغل منصبًا رسميًّا لكنه قريب من 'السادات' بحكم المصاهرة، مؤكدة أن الرئيس الأسبق ونائب رئيس الجمهورية وقتها الفريق 'محمد حسني مبارك' كان هو المستفيد الأكبر من التغييرات السياسية التي شهدتها مصر في المرحلة التي تلت اتفاقية 'كامب ديفيد'، إذ قرر 'السادات' إقالة وزير الدفاع المشير 'محمد عبد الغني الجمسي' ورئيس الأركان 'محمد علي فهمي' وتعيينهما مستشارين عسكريين للرئيس عام 1978، وهو القرار الذي اعتبرته وثائق المخابرات الأمريكية 'جزءاً من خطة السادات لإعادة تشكيل الحكومة والاستعداد لتفعيل بنود كامب ديفيد'، وتبع ذلك إقالة حكومة 'ممدوح سالم' كجزء آخر من خطة لتمهيد الساحة لتقبل المعاهدة، ووفقاً للوثائق فإن 'السادات' كان قد سعي لاتخاذ إجراءات لحشد الدعم الشعبي، منها: إغلاق حزبين سياسيين وإسكات الصحفيين المعارضين وحل الاتحاد الاشتراكي وتأسيس حزب جديد 'الحزب الوطني'، وتم اختيار الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور 'مصطفي خليل'، للإشراف علي انتقال مصر للمرحلة الجديدة، وحول استفادة 'مبارك' من كل هذه التغييرات السياسية أكدت وثيقة بتاريخ 4 أكتوبر 1978 أن السادات أطاح بأقرب مستشاريه ولم يتبق إلا نائبه 'مبارك'، الذي أصبح الوكيل التنفيذي للسادات والشخص الذي يشرف علي أداء الحكومة ويطبق نهج 'السادات' في البلاد..
وفي وثيقة منفصلة عن أجواء مفاوضات السلام بتاريخ 24 نوفمبر 1978، وصف 'كارتر' اليومين الأول والثاني من المفاوضات في كامب ديفيد ب'الكارثة'، مؤكداً أنه كان يتحدث مع كل جانب من أطراف الصراع علي حدة، قائلاً: 'كنت أتحدث إلي الإسرائيليين عندما ينام المصريون، وحين ينام الإسرائيليون أتحدث إلي المصريين'..
وتحمل إحدي الوثائق تحت عنوان 'نتائج البحث والرصد المستمر للقادة المستهدفين' إشارات إلي أن وكالة الاستخبارات المركزية استخدمت وسائل مراقبة وتنصت علي كل من 'السادات' و'بيجن'، وجاء في هذه الوثائق عن شخصية 'بيجن' انه 'كان منشغلاً دائماً بالتفاصيل'، و'ان الوضع معقد بالنسبة له بسبب عدم استقرار حالته الصحية، بالرغم من إنكار الأطباء أنه في حالة خطيرة، حيث إن التحالف وقادة حزب العمل بالفعل يتنافسون علي منصبه'، بالإضافة إلي امتلاء شخصيته بتناقضات هائلة، وميله الطبيعي لإطلاق التصريحات الاستفزازية لدي رده علي أسئلة الصحفيين، فيما كانت شخصية 'السادات' المعروف عنه مقاربته الواقعية ونظرته الثاقبة والقدرة علي اتخاذ قرارات مفاجئة وشجاعة 'يريد بشدة أن يظهر كصانع سلام' أو 'زعيم محب للسلام'، لدرجة أن الوكالة كتبت علي ملفه 'السادات صاحب عقدة جائزة نوبل للسلام'، كما وصفته بأن 'له شغف كبير للظهور والشهرة'، وأشارات الوثائق أن الوكالة تجسست أيضاً علي السيدة 'جيهان السادات' وزوجة 'بيجن' وعدد آخر من قادة الدول المؤثرين في مسار التسوية بين مصر وإسرائيل، ووفقاً لهذه الوثائق فإن رجال المخابرات الأمريكية أكدوا أن إعداد ملفات شخصية عن هؤلاء السياسيين تطلب 'بحثاً دقيقاً في خلفياتهم ومراقبة مستمرة لهم'، ولكن وفقاً لصحيفة 'وول ستريت جورنال' فإن الوكالة رفضت التعليق بشأن ما إذا كانت هذه الوثائق اعترافاً رسمياً بأنهم تجسسوا علي هؤلاء القادة الذين استضافتهم الولايات المتحدة ورعت مفاوضاتهم لشهور طويلة، قائلين إن التقارير الشخصية اعتمدت علي مصادر متعددة منها 'الاتصال الشخصي الدقيق' مع هؤلاء القادة..
عن الوثائق أم عن أمريكا؟!
بعد أن استعرضنا بإيجاز شديد -ودون تدخل كبير- عدد من التسريبات التي تتحفنا بها الإدارة الأمريكية بين حين وآخر وكلما دعتها الحاجة لذلك، تُري هل يجب الحديث عن هذه التسريبات أو عن تلك 'الوثائق' التي لا تمنحنا أكثر من القشور المحشوة بالوهم والتشكك؟ أم نتحدث عن أمريكا وسياساتها مع مصر والعرب ومنطقة الشرق الأوسط ككل كما لخصتها كلمات وزير الخارجية الأمريكي 'هنري كيسنجر' إلي رئيسه 'جرالد فورد' عام 1975؟!
إن وضع خطوط متداخلة بين ما يحدث علي الساحة السياسية المصرية والعالمية، وتلك التوازنات الجديدة في عالمنا التي قد تعجز عن الاستقرار لزمن طويل، وبالنظر إلي ذلك التزامن والتوقيت 'الردئ' لتسريب أو لإفراج واشنطن عن ما تسميه 'وثائق'، قد يؤدي لتكشف الحقائق، فاستعرضنا السريع للوثائق أو حتي قرأتها بتمعن لن يمنحنا سوي تأكيد ما قد يجول بذهن أي منا، حول هلاميتها وعدم جديتها وغياب المعلومة الجديدة أو الأكيدة عنها، فهي تشبه القصص الحكائية التي لا تفشي سراً حقيقياً..
ولعل هذا ما يجعلنا نفترض أنها جاءت كالعادة لأسباب خاصة تسعي إليها واشنطن، أسباب لا تخرج هذه المرة عن إطار:
زعزعة الاستقرار والترابط الذي شهدته بعض الدول العربية مؤخراً، والتأثير علي العلاقات العربية-العربية كلما تحسنت، ولذلك ركزت الوثائق علي دول عربية بعينها، كان علي رأسها السعودية الداعم الأول لمصر في هذه المرحلة، محاولة التركيز علي مراحل الخلاف العربية التاريخية بغض النظر عن تقييمنا لهذا الخلاف..
التشكيك في أسماء لها ثقلها في التاريخ المصري المعاصر من القادة، ومحاولة الإيحاء بأن ثمة خائنًا دائمًا بيننا لا يعرفه سوي هؤلاء القاطنون بالبيت الأبيض المخضب بالدماء، وعلينا إذن أن نفزع ونطلب الدعم الأمريكي الدائم حتي لا يلتهمنا الوهم وأشباح واشنطن المرابطة علي أراضينا..
محاولة كسر أي محاولة مصرية روسية للتقارب، بنشر مواقف قد تكون حقيقية ولكنها تاريخية كان كل منها مرتبط بظروف خاصة عملت علي تشكله، وتذكير كل جانب سواء الجانب المصري أو الروسي بما حدث في الماضي لإثارة نوازع النفس، خلال أبرز وأهم التقاء تاريخي بين الجانبين بعد سنوات طويلة من البرود السياسي..
محاولة دق الأسافين بما تستدعيه المواقف، ففي هذه الوثائق سنجد ما تود الإدارة الأمريكية التأثير عليه حالياً، ولذلك ظهرت وثائق عن الإخوان المسلمين وتنظيمهم السري فجاءة، والأشباح التي وصلت إلي دوائر ومراكز صنع القرار في الدولة المصرية...وغيرها من الأمراض التي تود الإدارة الأمريكية أن تصيبنا بها لنحيا سنوات بعد أخري في شك لا يهدأ وفي انتظار راحة واستقرار تود ألا يأتي..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.