عرفته منذ العام 2002، إنسانًا، ومسئولاً، ومصريًا، متيما بعشق هذا الوطن.. حين تبوأ منصبه رئيسًا لمجلس إدارة شركة 'المقاولون العرب'.. قال لي من أعتبره 'أخي الأكبر' المحاسب 'عبد النعيم آدم' رئيس مطابع الشركة 'سأعرفك برئيس الشركة الجديد، وأنا واثق أنك ستحبة'.. وبالفعل.. منذ ذلك التاريخ، لم تنفصم عري العلاقة أبدًا بيني وبين المهندس 'إبراهيم محلب' عشت، وتعايشت مع أحلامه، وآلامه.. طموحاته، وأوجاعه.. إن علي مستوي الشركة، أو علي مستوي الوطن، ومصر التي يعشقها 'حتي الثمالة'.. ورث شركة 'المقاولون العرب' وقد أثقلتها الأعباء، وكبلتها الديون، وتزايدت هموم العاملين فيها.. راهن الكثيرون علي 'الفشل المؤكد' الذي ينتظر المهندس 'محلب'، فالشركة بوضعها الذي 'هوت إليه' آنذاك، كانت بحاجة لمعجزة، تنتشلها من واقعها الأليم. في هذا الوقت المبكر من تقلده منصبه، تعرضت الشركة، ورئيسها 'الجديد' لحملات إعلامية مغرضة، كان الهدف من ورائها.. إنهاء وجود الشركة العملاقة، وإحباط رئيسها الجديد عن المضي قدمًا في طريق إصلاحها، وضخ الحياة في أوردتها مجددًا، حرصًا، وحفاظًا علي دورها في دعم الاقتصاد القومي، ومصالح نحو 70 ألفًا من العاملين فيها. لكن 'إبراهيم محلب' الذي يعشق تحدي الصعاب، والمدرك لدوره، ومسئوليته، شمر عن ساعديه، ورهن نفسه لرحلة عطاء لا تنقطع، عمل بالليل والنهار لا يهدأ، ولا ينام، غير سويعات قليلة، ينتقل بلا هوادة بين مواقع العمل الميدانية، ويمضي وقتًا طويلاً في مكتبه، لا يعترف بأوقات محدودة في العمل.. اختار معه مجموعة من المخلصين في مجلس إدارة الشركة.. وراح يفتح السوق الداخلي، والخارجي سواء بسواء.. يمضي أوقاتًا طويلة 'طائرًا' في رحلات إلي بلدان عربية أو إفريقية، ليدفع، عبر مشروعات جديدة، وتعاقدات جديدة، منافذ ضخمة، تسهم بعطائها إلي خروج الشركة من 'كبوتها' وتجاوز 'عثراتها'. أعطي 'إبراهيم محلب' للشركة، من عرقه، وجهده، وأخلص في عمله، حتي بات نموذجًا علي العطاء الصادق لدي كل من تعاملوا معه، أو عرفوه عن قرب.. وباستثناء بعض أصحاب النفوس المريضة، والأحقاد المتوطنة 'آفة كل زمان ومكان' كان 'محلب' رمزًا ومثلاً وقدوة علي الوفاء للعمل، ولو علي حساب صحته ونفسه، وأسرته.. وكم سمعت من السيدة الجليلة 'حرمه' مخاوفها عليه، حيث لا يمنح نفسه أي قسط من الراحة، أو عناء العمل الشاق، والذي لا ينتهي أبدًا. ولأن العطاء المخلص، لأصحاب الضمائر الحية في هذا الوطن، لابد وأن يثمر مهما كانت المصاعب، والمخاطر، فقد أثمرت مجهودات 'محلب' المخلصة تخلص شركة المقاولون العرب من أعبائها الثقيلة، والديون التي كبلتها، وأطلق، بإبداعاته الخلاقة، وإخلاصه المتميز، مستقبلاً مشرقًا للشركة، بعد طول عناء، وحين جاءت ساعة الرحيل، تحت ضغوط 'عصابة مرسي' ترك الشركة متوازنة ماليًا، بعد أن شهدت تحقيق أرباح كبيرة في السنوات الأخيرة، وقبل أن تدخل مصر في نفق من 'العجز الاقتصادي' بعد ثورة يناير 2011. وبينما كانت مصر في عهد 'مرسي' تطارد الكفاءات والمخلصين، كانت واحدة من كبري شركات المقاولات في السعودية، تلتقطه كعملة نادرة وتدفع به لرئاسة مجلس إدارة الشركة، لإدراكها عبقريته الهندسية، وقدراته الفائقة في مجال 'المقاولات والتعمير'. كنت أدرك كم يتألم 'إبراهيم محلب' وهو مغترب عن وطنه كان تواصلي معه دائمًا، ولا يكاد ينقطع، كانت كلماته عبر الهاتف تحمل آلام 'مرارة الفراق' الذي اضطر إليه مرغمًا.. وكان يتحين تبدل الأحوال، كي يعود لوطنه، وبلده الذي عشقه، وأحبه، وقضي جل عمره، رهن خدمته، وسعيًا إلي رفعته. ويوم حلت بشائر الخير علي أرجاء مصر بعد ثورة الثلاثين من يونية، لم تجد الحكومة أفضل من المهندس 'إبراهيم محلب' ليتبوأ منصب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة. ورغم إغراء المنصب، والدخل المادي المرتفع جراء عمله بشركة المقاولات بالسعودية، إلا أنه لبي نداء الوطن فور تكليفه، ومنذ جلس في مقعده الوزاري، لم يعرف المهندس 'محلب' سوي العمل في كل وقت وحين، متسلحًا بإرادة لا تلين، وعزيمة لا تعرف غير الإخلاص، حتي أضحي الرجل حديث مصر كلها، من فرط نشاطه، وإخلاصه، واجتهاده. هو نفسه 'إبراهيم محلب' الذي عرفته منذ أحد عشر عامًا.. لم تغيره الأيام.. ولم تبدله المناصب.. هو ذات الإنسان الذي يعشق عمله، ووطنه، ويقدم بعطائه نموذجًا نادرًا علي الإخلاص في هذا الزمان.