جاءت القرارات الجريئة التى اتخذها الرئيس التونسى قيس سعيد يوم 25 من شهر يوليو الماضى لتستجيب لصرخات، ومطالب الشعب التونسى هذا الشعب الذى ظل ينتظر التغيير منذ ثورته على النظام لتصبح تلك القرارات بمثابة انتشال التونسيين من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية بسبب منظومة الفساد، وبسبب الصراعات، والتجاذبات السياسية التى تسبب فيها بعض الأحزاب التونسية، وعلى رأسها حزب النهضة برئاسة راشد الغنوشى الممثل الأول لحركة الإخوان فى تونس، والتى تسببت فى الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما جعل الرئيس التونسى يتخذ قرارات استثنائية جريئة لمعالجة الأوضاع الكارثية ولتحقيق مطالب الثورة التونسية، ومنها قراره بتعليق عمل البرلمان التونسى لمدة شهر، وإقالة الحكومة برئاسة هشام المشيشي، وبعض المسئولين والبرلمانيين، وبمطالبته لرجال الأعمال وبعض رجال الحكومات السابقة باسترداد الأموال التونسية المنهوبة التى تقدر بالمليارات، والتحقيق مع بعض الأحزاب التونسية، ومنها حزب حركة النهضة، وقلب تونس، وحزب عيش تونسى المتهمين بتلقى أموال خارجية خلال حملاتهم الانتخابية عام 2019، وقد اتخذ الرئيس قيس سعيد قراراته تلك من خلال تفعيله للمادة 80 من الدستور التونسى التى تكفل له ممارسة صلاحيته، واتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية أمن، واستقرار البلاد، الأمر الذى يصفه معارضوه بالانقلاب على الدستور، يحدث ذلك فى الوقت الذى دعت فيه الدول الأوروبية، وأمريكا وغيرها من الدول العربية والإقليمية الرئيس التونسى بسرعة تشكيل الحكومة لتلبية تطلعات الشعب التونسى دون وصفهم لما يجرى فى تونس بالانقلاب. وبرغم حدة الصراع بين الرئيس ومناصريه من جهة، وبين معسكر المعارضة التى يمثلها حزب النهضة الإخوانى من جهة أخرى إلا أن غالبية الشعب التونسى ومنظمات المجتمع المدنى تبارك خطى الرئيس وقراراته الجريئة التى تهدف إلى الإصلاح السياسى والاقتصادى من أجل إحداث التغيير، هذا بجانب تضامن النقابات التونسية وعلى رأسها نقابة الاتحاد التونسى للشغل التى دعت الرئيس لإقامة الحوارات البناءة، وبتقديمها خارطة طريق تتضمن تصورات سياسية واقتصادية واجتماعية هادفة للمساهمة فى حل الأزمة الدستورية التى تعصف بتونس الآن، وأمام تلك الانتقادات السياسية الموجهة للرئيس التونسى من جانب المعارضة، وقيادات حزب النهضة يؤكد الرئيس التونسى على تمسكه بالمسار الديمقراطي، وبحفاظه على حرية التعبير وعلى مكتسبات الثورة التونسية، مع إصراره على إحداث التغيير السياسى المطلوب وبتصديه لمنظومة الفساد ولكل هؤلاء الذين جلبوا الخراب للبلاد خلال عشر سنوات، وبإصلاحه لهياكل المؤسسات التونسية، وبحفاظه على مقدرات وثروات الشعب التونسي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبعودة الروح للحياة التونسية، وبتأكيده على سرعة الخروج من الأزمة الحالية. وبهذا يكون الرئيس قيس سعيد قد استجاب لصرخات شعبه الذى يواجه الموت والضياع على قارعة الطريق، فهل سيتمكن الرئيس التونسى بقراراته الجريئة من التخلص من المنظومة السياسية الفاسدة المتغلغلة فى مفاصل الدولة وإحداث التغيير الذى يستحقه أبناء الشعب التونسي؟