مع تداول وتشعب الحديث عن الترشيحات لرئاسة الجمهورية دُعيت إلي ندوة نظمها منتدي مصر الاقتصادي الدولي تحمل عنوانا مثيرا: »أول رئيسة جمهورية لمصر.. ولماذا لا؟«. صاحب فكرة هذه الندوة شفيق جبر رئيس هذا المنتدي والمتحدثون فيها ستة من أشهر وأبرز العناصر النسائية التي تشغل وتمارس العديد من الأنشطة المختلفة، هذه الجوقة القديرة ضمت عالية مهدي وهدي بدران ومرفت التلاوي وتهاني الجبالي ومني مكرم عبيد ودكتورة يمني الحماقي بينما تولي الإدارة الكاتب الصحفي أسامة هيكل نائب رئيس تحرير صحيفة الوفد. ونتيجة للإثارة التي أحاطت بالفكرة والموضوع فقد اجتذبت الندوة اعدادا كبيرة من المدعوين كان أغلبيتهم من النساء باستثناء عدد قليل من جنس الرجال من بينهم أحمد ماهر وزير الخارجية السابق. أن أهم ما كشف عنه حديث المتحدثات هو جنوح غالبيتهن إلي اعتبار تحقيق هذ الأمل نوعا من الخيال في الوقت الحالي نظرا لارتباطه بأحوال المجتمع والحالة المتردية للتعليم والثقافة وقصور الدور الذي يمكن ان تقوم به الأحزاب السياسية لتسليط الأضواء علي قيادات نسائية بما يؤدي إلي تعظيم دورها وقدرتها علي اجتذاب أصوات الناخبين في أي انتخابات. ان أهم ما لمسته من آراء هذه النخبة من المتحدثات اللاتي شغلن ويشغلهن مناصب وزارية وقيادية في الجامعات وفي العمل العام هو حالة الإحباط التي اتسمت بها أحاديثهن فيما يتعلق بإمكانية وصول المرأة إلي رئاسة الجمهورية في القريب العاجل.. قلن ان هناك العديد من السيدات في كل أنحاء الدنيا يشغلن حاليا مناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء باستثناء المنطقة العربية التي تخضع المرأة فيها للتمييز ليس في شغل هذه المناصب السياسية والتنفيذية العليا.. وإنما بمواجهة العقبات والمعوقات في تولي الكثير من المناصب الوظيفية الأدني. لقد اتفقن جميعهن علي ان لا مشكلة في القوانين التي تقضي بعدم التفرقة بين الرجل والمرأة ولكن الواقع المعمول به شيء آخر. أشارت بعض المتحدثات إلي أن ما كانت تتمتع به المرأة من حقوق وتقدير ما قبل الخمسينات والستينات كان يفوق بكثير ما يجري الترويج له في الوقت الحالي رغم كل المكتسبات بما في ذلك تخصيص كوتة لعضويتها بمجلس الشعب. وجاء في حديث المتحدثات أيضا أن فتح الطريق أمام المرأة لشغل المناصب القيادية العليا مرهون بمدي ما يمكن أن يصل إليه المجتمع من رقي وثقافة وسلوك حضاري. لا يمكن بلوغ هذه الانجازات في بنيان هذا المجتمع إلا بتطوير التعليم وتربية النشء علي أهمية المساواة وأن تحصل علي كل الحقوق دون أي تمييز. لقد عبرن عن أسفهن لهذه الأبواب المغلقة أمام المرأة في مصر خاصة وأن التاريخ يسجل لحضارتها تولي المرأة للمناصب القيادية في الدولة المصرية القديمة مثل الملكة حتشبسوت والملكة نفرتاري. ان ما يحدث الآن من إبعاد المرأة عن مواقع صنع القرار يعني ان المجتمع المصري هو مجتمع ذكوري. ان أحد الأسباب وراء هذه الظاهرة هو النفوذ الذي أصبح للاتجاهات السلفية التي لا تتفق معتقداتها وممارساتها مع جوهر الدين. كما ساهمت المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في استفحال هذه الظاهرة السلبية. إن إطلاق العنان لسيطرة الرجل بحجة انه هو الذي ينفق علي الأسرة لم يعد امرا صحيحا علي ضوء الاحصائيات التي تقول إن 22٪ من الأسر في المجتمع تعتمد في إعالتها علي المرأة. رغم هذه الصورة التشاؤمية التي طرحتها هذه المجموعة المختارة من العناصر النسائية اللاتي اثبتن وجودهن في المواقع التي يشغلنها إلا ان هذا لم يمنع تجاوبهن مع موضوع ندوة منتدي مصر الاقتصادي.. ولماذا لا تكون المرأة رئيسة للجمهورية؟ لا جدال ان أي إنجاز كبير يبدأ بفكرة يمكن أن يتحول مستقبلا إلي واقع.