كشف وزير المالية ممتاز السعيد عن العروض التي يقدمها »نزلاء طرة من رموز النظام السابق« للتصالح مقابل التنازل عن جزء من أموالهم، والمؤكد أن هذا الخبر أثار اهتمام الكثيرين خاصة ونحن نتابع جهود استرداد اموالهم المهربة دون جدوي حتي الآن، وكنا -طبعا- نعلق آمالا كبارا علي استعادة المليارات المنهوبة التي تفنن هؤلاء في افتتاحها من »اللحم الحي لبلدنا«، ثم تفننوا في تهريب معظمها الي الخارج. ولم تكن آمالنا محصورة في نطاق إنقاذ الاقتصاد الذي أرهقوه وأضعفوه، إذ جنح الخيال بالكثيرين لدرجة أن كل مواطن تصور انه سيحصل علي عشرات الآلاف من الجنيهات هي نصيبه من تلك الأموال، بل ان المطالب الفئوية انفجرت ليطالب أصحابها بتحسين أحوالهم المادية والوظيفية اعتمادا علي المليارات العائدة، واستنادا علي إغلاق ملفات الفساد. والسؤال الآن: هل نقبل بتلك العروض التي قدمها أحمد عز وحسين سالم وغيرهم بالاستعداد للتصالح والخروج من طرة مقابل التنازل عن جزء من أموالهم؟ هل نرحب بتلك العروض أم أن البعض سيرفوضونها من منطلق حتمية عقاب المفسدين الذين سرقوا البلد، أو من منطلق عدم الثقة في التزامهم بعروضهم؟. لكنني -بصراحة- أقف علي الشاطيء الآخر فأقول -ورزقي علي الله- أنا أوافق وأدعو الحكومة ومجلسي الشعب والشوري، وطبعا المجلس الأعلي للقوات المسلحة - الي قبول هذه العروض حتي تستفيد الدولة من أموالها المهربة، ويستعيد الاقتصاد توازنه، وإنني أعلم مسبقا أن رأيي هذا سوف يصدم المعارضين، الا انني أذكرهم بالحقيقة التي تحطمت عليها جهود استرداد تلك الأموال حتي الآن حتي بدا أن الدول التي هربوا اموالهم اليها لن تعيد لنا شيئا، إما لأن بنوكها ومشروعاتها تستثمر تلك المليارات التي جاءتهم علي طبق من فضة، أو لأن قوانين هذه الدول تفرض شروطا قاسية للموافقة علي مطالبنا الرسمية والشعبية، بالرغم من أننا استبعدنا فكرة إنشاء »محاكم ثورية« للتحقيق مع هؤلاء المفسدين لأن أحكامها قد لا تقبل في تلك الدول، وبالتالي اعتمدنا علي المحاكم المدنية »أو القضاء الطبيعي كما يقال« بالرغم من تعقيداته واجراءاته العديدة البطيئة التي قد تتيح مزيدا من الوقت للتلاعب في حركة تلك الأموال وطمس ملامح أماكن تواجدها. هكذا أراني موافقا -بل متحمسا- للقبول بتلك العروض، ولكن بشرط ان تتوافر لدينا المعلومات الكافية التي تكشف حجم ما هربه كل واحد منهم من أموال، حتي لا يلقون الينا بالفتات ويهربون بباقي المليارات مستمتعين بما نهبوه، أو حتي لاستخدامها في التخطيط لمؤامراتي تستهدف الثورة التي كشفتهم وأطاحت بهم. ذكاء »الجماعة« يحسب لها أثناء زيارته للكنيسة الإنجيلية مع وفد رفيع من أقطاب جماعة الإخوان المسلمين، قال الدكتور محمد بديع المرشد العام: »انتهي عهد الفصيل الذي يملك مصر وحده، ولا بديل عن أن نتعاون جميعا في البناء فقد أصبحنا معا بكل طوائفنا - اتحادا لملاك مصر« . ثم شدد مرشد الجماعة علي ان أتباع الديانات السماوية يجب ألا تقوم بينهم عداوات وصراعات لأن ذلك يخالف قطعا الوصايا الإلهية«. هكذا أثبتت الجماعة أن لديها من »الذكاء« ما يبعث الاطمئنان علي أنها تدرك الواقع الوطني والإقليمي والدولي وتحتكم الي صحيح الدين، ولكي يكتمل هذا الذكاء بتعين أن نري ما أكد عليه المرشد العام علي أرض الواقع البرلماني والتنفيذي.