أكثر القرارات صوابا إقامة المعرض في موعده رغم رعب وزير الداخلية واصراره علي تأجيله، ثم هذا الاجراء العجيب، إغلاقه يومي 52 و62 يناير ثم استئنافه مما يعكس خشية الحكومة الباهتة التي تدير مصر حاليا. إقامة المعرض تعني استمرار مصر في دورها الثقافي، وأيضا استمرار الحياة العادية. واصرار مصر علي التطلع إلي الأمام، تفقدت المعرض مرتين، ورغم الخيام التي حلت في موقع المباني إلا أن معظم الناشرين العرب جاءوا، وأتيح لنا أن نري نتاجات الكثيرين ممن لا نتعرف عليهم إلا كل عام نتيجة صعوبة حركة انتقال الكتاب العربي، اختيار تونس ضيفا للشرف قرار حكيم، دال لما لتونس من دلالة رمزية، فستظل ثورة هذا الشعب العظيم ملهمة للجميع، جاء من تونس ستون ضيفا عزيزا، منهم أدباء كبار ومسئولون في مواقع مهمة، فرصة نادرة للتعريف بأدباء وثقافة تونس لا أثر لها في الإعلام المصري المقروء والمسموع والمرئي، إما لانشغال بالمحلي أو لجهل محكم، مازال التعاون بين الإعلام والثقافة مفقودا. وبدون ترابط هذه المنظومة: تعليم، ثقافة، إعلام، لن يكون هناك دور ثقافي، حققت دور النشر مبيعات تفوق أي سنة، قال الأستاذ حلمي النمنم إنه العام الأعلي في المبيعات لدار الهلال، والاقبال بالطبع علي الكتب التي تتناول الثورات. غير أن القيم منها قليل والهش كثير والأمر في حاجة إلي اختيار دقيق، المفاجأة اصدارات الهيئة، بصراحة لم أكن أتصور أن هذا الكيان المضطرب، والذي تعرض لكبوات عديدة، يمكنه أن يقدم هذا الانتاج الرائع الذي يفوق في المستوي الطباعي نتاج أكبر دور النشر قدرة وامكانيات، فوجئت بالمستوي الراقي لمطبوعات مكتبة الأسرة، أناقة، بساطة، اختيارات رفيعة، رحم الله الحبيب إبراهيم أصلان، رحل قبل أن يري ثمار ما زرع. أيضا كتب الدكتور ثروت عكاشة التي تعتبر اضافة للمكتبة العربية شكلا ومضمونا، أما الأعمال الكاملة لصلاح جاهين والتي صدرت في ثمانية مجلدات ضخمة أنيقة جميلة بأغلفة حلمي التوني فخطوة متعددة الدلالات في سبيل الحفاظ علي التواصل مع الرواد. والحفاظ علي ابداعهم، وإعادة اكتشافه أما ديوان (الميدان) للأبنودي فلي عودة إليه غدا. إن انتاج الهيئة الجديد يطلق الطاقات الكامنة العاطلة، ويظل الشكر واجبا للقيادة القادرة الواعية والمتمثلة في الدكتور أحمد مجاهد ومساعديه، ليس فقط فيما يتعلق بانتاج الهيئة الجديد ولكن الاصرار علي إقامة المعرض، إنه أكبر خدمة للثقافة خاصة وللبلاد عامة في هذا الوقت العصيب.