دعونا نعترف بأن الاحتدامات والاحتكاكات والفوضي والانفلات الأخلاقي كلها مرادفات للحالة الانفعالية التي تكتنف لغة الحوار حالياً في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها مصرنا الحبيبة فلغة الحوار التي تسود حالياً علي أرضنا الطيبة هي ما يسمي بحوار الطرشان فلا يسمع كل طرف إلا صوته فقط فلن ننطلق إلي الهدف الأسمي وهو مصر الحديثة إلا من خلال تغيير ثقافة الحوار ولكن ما هو الطريق لذلك !! الطريق إلي ذلك هو إجابة واحده فقط لا غير وهي " عاوزين نسمع بعض " والمقصود بذلك أن الحوار يفترض وجود طرفين يسمعان بعضهما البعض سواء علي المستوي الاجتماعي أو السياسي وسواء علي المستوي الرسمي أو مستوي الأفراد العاديين !! فجدير بنا أن نعي جيداً أن ثقافة الحوار تقتضي قبول الآخر بما هو عليه من إختلاف وأن نستمع إليه جيداً بعيداً عن الانفعالات واعتناق مواقف متشددة سببها أيديولوجيات خاصة !! ولكن هذا الحوار الذي نحن بصدده لن يكون جدياً إلا إذا كان بصدد هدف معين وأن توضع إليه وضوابط محددة لإنجازه مع ضرورة أن يحاط هذا الحوار بأجواء تساعده علي التوفيق والنجاح من خلال تعميق روح السلم الاجتماعي وتوطيد النسيج المجتمعي دون لغة التخوين والتهويل !! ولامناص أيضاً من أن ندرك جميعاً أن ثقافة الاختلاف هي علامة جيده في طريق الديمقراطية وحرية التعبير لانها تعني أن هناك آراء متنوعة تحتاج فقط إلي ثقافة آخري هي فن الإصغاء ثم بعد ذلك أن تكون هناك قدوة فاعلة تجيد إدارة هذا الاختلاف بين جميع الآليات السياسية من أحزاب وقوي سياسية آخري سواء ائتلافات أو حركات وأيضاً علي المستوي الحكومي علي أن يكون كل هذا وذاك تحت الشعار الأسمي لتلك الثورة العظيمة وهو " عيش حرية عدالة اجتماعية " وبذات الترتيب لهذه الكلمات ذات المعني والقيمة!! فكيف ينعم الإنسان بالحرية أو يطلبها وحتي في حالة وجودها أن يمارسها دون حد أدني من الحياة الكريمة ولن تتحقق عدالة اجتماعية دون العيش والحرية أولاً !! فمصر حالياً في مرحلة جديدة وفي ظروف غير طبيعية هي نتاج ثورة عظيمة تحتاج بالفعل إلي أن نسمع بعضنا البعض وأن يكون الحديث بلغة واحدة من أجل هدف واحد هو مصر الحديثة!! فثقافة التطهير ومقاومة بؤر الفساد المؤسسي والتي أرستها تلك الثورة العظيمة يجب أن تسود لغة الحوار فهي الأمل في غد مشرق لتحقيق عدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية من خلال آليات جديدة يفرزها دستور قوي نتاج حوار مؤسسي وشعبي قائم علي الصدق والأمانة والاعتراف بالآخر والقدرة علي الاستماع إليه!! ولا ينبغي أن ننحي جانباً أهمية البيئة التعليمية في إرساء ثقافة الحوار أو ما يسمي بالاستماع للآخر من خلال تنقيه المناهج التعليمية من الإرث التعصبي القائم علي تمييز عناصر بعينها , وأيضاًَ أهمية تدريس المناهج الدينية وفق المنظور الإنساني والتسامحي . وأيضاً لا يمكن إنكار دور السياسة الاعلاميه الهادفة والتي تتسم بالصدق والأمانة عن طريق الدعوة إلي رموز وطنية حقيقية لديها القدرة علي أن تكون قدوه فاعلة وحقيقية من خلال الإحساس بنبض الشارع المصري . وفي النهاية " فنحن نري أنه حري بنا ونحن علي أعتاب مصرنا الحديثة أن نستمع جيداً حتي ندرك ما نريد أن نفعله بعيداً عن الإرث التعصبي مدركين أن الاختلاف هو حقيقة أنسانية وكونية " .