عندما كتبت الاسبوع الماضي مقالا بعنوان »ارحموا السكة الحديد« لم أكن أتصور هذا القدر من القراء المتعاطفين مع ما كتبت.. وزاد التقدير بمكالمة من الدكتور جلال السعيد وزير النقل يشكرني فيها علي ما كتبت مع أنني أؤمن بأنه لا شكر علي واجب.. لكني وأظن كثيرا من الكتاب مثلي لم أتلق في حياتي كلمة شكر من وزير أومسئول.. عادة الوزراء لا يعلقون الا علي ما يزعجهم فقط.. لكن الدكتور السعيد كان سعيدا ومختلفا. وفي لقاء مع الوزير بصحبة فضيلة وزير الأوقاف وفضيلة المفتي في نقابة الصحفيين وفي ضيافة نقيبنا ممدوح الولي كان الحوار طويلا وممتدا حول ما تعانيه سكك حديد مصر من عدوان يومي ودائم من أصحاب المطالب الوطنية أو الفئوية أو الخاصة.. الكل أصبح الآن يلجأ إلي خطوط السكة الحديد ليقطعها كإجراء أولي قبل أن يعرض مطالبه.. الهدف طبعا هو إزعاج الناس وتخويفهم وترويعهم.. وكأنهم أخذوا المصريين كلهم رهينة حتي تتحقق مطالبهم. الوزير قال إن عدد حوادث قطع الطريق بلغت منذ مايو الماضي حوالي 682 حادثا والاسباب كلها لا تتعلق بمرفق السكة الحديد نفسه.. بل لاسباب عديدة أبرزها نقص الغاز والاحتجاج علي محافظ أو مصنع أو كوبري ونتيجة انتخابات.. لدرجة أن اللي زعلان مع مراته أصبح خياره الأول هو قطع السكة الحديد. تحدث فضيلة المفتي ووزير الاوقاف عن حرمة قطع الطريق.. وعدم مشروعية احداث الاذي للناس.. وضرورة احترام حرية الآخر.. هذا هو أساس الاسلام.. وأساس كل الاديان السماوية.. وغير السماوية أيضا.. وهو أساس كل العلاقات البشرية.. ولكن هل يفهم هؤلاء الذين يقطعون الطرق هذا الكلام، هم بالطبع يفهمونه.. لأن شعب مصر متدين بطبعه.. والدين يمثل نسبة كبيرة من فكره بدليل نتيجة الانتخابات.. ولكن الدين لا يمثل أي نسبة من سلوكه.. والدليل أنه لا يحترم الآخر.. ولا يحترم القانون.. ولا يحترم حق المجتمع.. ومن لا يحترم هؤلاء.. بالتأكيد لا يحترم وطنه أو دينه. إذا كان لك حق.. لا تأخذه بغير حق.