إمتعاض في محله .. عبَّر عنه فنانو مصر من زيارة نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور لمرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع.. بحثا فيها "مستقبل الفن في مصر" بعد تحقيقِ الإِسلاميين الأَغلبية في البرلمان الجديد. وقد جاء بيان مجلس النقابة واضحا في إِعلانه عدم مسؤوليته عن الزيارة.. وعدم إلتزامه بأية إتفاقات تمت خلالها.. وأكد أن عبد الغفور قام بها دون علم المجلس الذي يرأسه.. ولا مصادرةَ في الإحتفاء بهذا البيان.. علي حقِ الممثل المعروف في تواصلَه مع من يشاء.. بل هو إستهجان بحثه عن تطمينات وضمانات من الإخوان بشأن مستقبل الفن في مصر.. لأَن هذا المستقبل يصنعه الفنانون أنفسهم.. بمنجزاتهم وإبداعاتهم التي لا تتوفر بدون شرط الحرية.. ورفض كل وصاية أو سلطة سياسية كانت أو دينية أو إجتماعية علي الفنون والآداب.. من الإخوان وغيرِهم.. وكان في وسعِ عبد الغفور أَن يصرح بأن مستقبل الفن في ظل جماعة الإخوان المسلمين سيكون رائعا ومبهرا في دردشة مع جريدة.. أوعبر لقاء تليفزيوني.. قناعة منه أو تخمينا يرجحه.. ولكن.. أن يجهر به بعد لقائه.. المثمر بحسب وصفه.. مع المرشد.. أمر مستنكر.. لأن الفن في مصر يكون مبهرا في ظل نفسه.. وكان كذلك دائما.. بدون مكرمات من جمال عبد الناصر وأَنور السادات وحسني مبارك.. ولن تكون روعته المرجوة مشروطة برضا الإخوان وغيرِهم.. نعم .. لقد نأي الإخوان بأَنفسهم عن تصريحات مفزعة لمشايخ سلفيين عن "إبتذال" نجيب محفوظ وتحريم السينما وإعتبار الغناء والموسيقي غير مستحبين والإفتاء بأن التصوير الفوتوغرافي مكروه.. وأن التماثيل الفرعونية حرام .. ولا نظن أن النخب الإخوانية في البرلمان المرتقب.. وفي مواقعِ صنع القرار في مصر الجديدة.. سيشغلون بلدهم بمثل هذا الكلام.. ومع كل التسليم بحقهم في إِشاعة تصوراتهم عن الفن.. نأمل أَلا يجعلوها موضوع إشتباك وسجال سياسي مع الفنانين ونقاباتهم.. ومع النخب الليبرالية العريضة.. ولا إعتراض علي أن يكون أَشرف عبد الغفور مع الفن الراقي الذي يهذب طموحات الشعب وأخلاقه.. وضد الفن المسف والمبتذل.. ولا علي أن يناصر ومحمد بديع الفن الهادف والمفيد للمجتمع.. فالمسألة ليست في هذا الطرح.. بل في سعي الإسلاميين وغيرِهم في البرلمانات والحكومات المقبلة إِلي فرض رؤيتهم للفنِ علي المجتمع.. وعلي صناع السينما والدراما والمسرح.. فالحرية والمدنية والحداثة التي يصونها القانون هي المحك.. ومواطن الإجماع في أي زمن.. سواء هيمنت فيه جماعة الإخوان علي برلمان وحكومة.. أم حتي سيطرت عليهما جماعة جمال مبارك!.. تشكيل الفنانين المصريين جبهة للدفاع عن الحريات وحق المعرفة.. في وقته.. خاصة وأن من أهدافها أن يشارك فنانون في لجنة صياغة الدستور الجديد.. حتي لايتضمن نصوصا تحد من الحريات المتاحة للفنانين.. وجيد من منتجين سينمائيين قولهم إِنهم لا يخشون صعود التيار الإسلامي وسيطرته علي البرلمان.. وإِنما هم معنيون بحرية التعبير.. ويبقي منتظرا أن تتحصن مصر دائما من أي تأثير خارج العملية الإبداعية علي كل جميل وراقٍ فيها.. في السينما والمسرح والتليفزيون.. .. وهذا هو الموضوع أولا وثانيا.. وعاشرا !..