حالة من " اللخبطة " يشهدها ميدان التحريرامس بعد نجاح أول يوم من الإنتخابات البرلمانية .. الحلقات النقاشية الجادة لم تختف كعادة الميدان .. ولكن في المقابل كان هناك فاصل من " الهزار " وإلتقاط الصور التذكارية من السياح و" الحبيبة " والتي تشير إلي ان الميدان بدأ يفقد طبيعته الثورية .. وما بين هذا وذاك تثور من حين لآخر مشاكل سببها بلطجة الباعة الجائلين. الحلقات النقاشية كان يتزعمها " رجال " و " نساء " ، علي ما يبدو من وجوههم أنهم سعداء بالإقبال الجماهيري منقطع النظير الذي شهدته مصر في الإنتخابات البرلمانية، وأرادوا استغلال " شحنة الأمل " التي أعطتهم الإنتخابات إياها لنقلها إلي الشباب، في محاولة لإقناعهم بمغادرة الميدان. الحاج فوزي واحد من هؤلاء الذين أخذو علي عاتقهم محاولة إقناع الشباب .. كانت الحلقة النقاشية التي تواجد بها تضم شباب غاضب يري ان الإنتخابات البرلمانية ليست حلا، وان الحل الوحيد من وجهة نظرهم هو مغادرة المجلس العسكري للسلطة. يسمعهم الحاج فوزي حتي يفرغوا من حديثهم ثم بدأ يناقشهم بهدوء والإبتسامة تكسو وجهه. قال: " منظرنا كان زي الفل في الإنتخابات ، يا شباب خلو فرحتنا تكمل و اللي خلانا نصبر 30 سنة علي مبارك، مش قادرين تصبروا لغاية شهر يونيو.. يا شباب شويه صبر، ولو المجلس ما سبش الحكم في التاريخ ده والله أنا هبات معاكم في الميدان " .يرفض الشباب كلام الحاج فوزي ، معتبرين إياه " تنويم مغناطيسي " ، ويقول له شاب غاضب اسمه " محمد صبري ": " يا عم أنت من حزب الكنبة إيه اللي جابك عندنا " . ويصدر بعض المتواجدينن بالميدان بيانا بمطالبهم يقول يعين المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلي للقضاء لما عرف عنه من عدل ونزاهة وإخلاص للعدالة والوطن، رئيسا للمحكمة الدستورية العليا ، فيكون لدينا رئيسا مدنيا محدود السلطات والمدة علي أساس دستوري، ولا يبقي أمامنا إلا انتخاب رئيس الجمهورية ". حلقات النقاش والبيان الذي تم توزيعه، صورة تبدو " محترمة " لميدان شهد ثورة شباب مصر، لكن الصورة التي تبدو أقرب إلي الهزل منها إلي الجد هي لرجل كفيف جلس علي كرسي وأمامه عدد من الأشخاص، وكان هذا الرجل يقول " هتمشوا يا ولاد " ، فيردوا عليه وكأنهم في كورال :" لا مش ماشيين " .ولم تكن هذه هي الصورة الوحيدة الهزلية، فبعد ان كانت المسيرات يهتف فيها شباب الثورة، كانت هناك مسيرات يهتف فيها أطفال ومراهقون، وكأن الميدان تحول إلي مكان يأويهم بعد الهروب المدرسة. وبين هذا وذلك، وقف سياح يلتقطون بهواتفهم المحمولة صورا لهذه المسيرات وهم يضحكون، كما اختار كثير من " الحبيبة " ان يهجروا كورنيش النيل القريب من الميدان، ويذهبوا إلي التحرير.ولم يخل المشهد من بلطجة الباعة الجائلين، حيث تثور مشاكل بينهم من حين لآخر تجدها كاميرات القنوات الفضائية المتمركزة في العمارات المحيطة بالميدان فرصة لإلتقاط الصور المسيئة للثورة والميدان. تركت الميدان وأنا حزين علي ما آل إليه عليه بعد ان تحول لكوكتيل من " الهزار " و " الجد " ، وإزداد حزني وأنا اسمع نقيب شرطة بالقرب من الميدان يشكو لقائده عبر اللاسلكي عدم إلتزام سائقي سيارات الميكروباص بالمواقف المخصصة لهم، ويقول : " شكلهم بيغظوني يا فندم .. و عايزين يعملوا مشكلة " .. انتظرت حتي اسمع القائد يرد عليه: " سيبهم دلوقتي .. خلي اليومين دول يعدوا علي خير " . اتمني ألا يأتي اليوم الذي يكره فيه المصريون ثورة 25 يناير، التي جعلت نقيب الشرطة عاجز علي حل مثل هذه المشكلة.