كعادتها دائماً.. تلجأ إيران بين الحين والآخر إلي التهديد بإغلاق مضيق هرمز إذا وقعت تحت ضغط.. وقد هددت مؤخراً بإغلاق المضيق رداً علي إلغاء الولاياتالمتحدةالأمريكية إعفاءات استيراد النفط الإيراني، حيث قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنهاء الإعفاءات التي سمح بموجبها لثماني دول (الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان)، بشراء النفط الإيراني، والقرار يستهدف تحقيق »صادرات صفر» من الخام الإيراني ودخل حيز التنفيذ مايو الجاري. التهديد الإيراني الأخير جاء صراحة علي لسان قائد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني علي رضا تنكسيري، الذي قال: »مضيق هرمز ممر بحري ولو تم منعنا من استخدامه فسوف نقوم بإغلاقه، وفي حالة وجود أي تهديد لن يكون لدينا أدني شك في قدرتنا علي حماية المياه الإيرانية والدفاع عنها». تهديدات إيران قد تتكرر أكثر من مرة خلال العام الواحد، منذ بدء الولاياتالمتحدة ممارسة ضغوطها علي إيران في عام 2012 للحد من برنامجها النووي.. ويعد تهديدها الأخير بإغلاق المضيق مجرد »حديث في الفراغ» و»حرب كلامية» ويمثل استفزازاً وورقة ضغط، حيث إنه ليس من حق إيران إغلاق المضيق باعتباره ممرا مائيا محميا دولياً بنص المادة 38 من الاتفاقية الدولية لقانون البحار التي تم اعتمادها في 30 أبريل عام 1982، والتي تنص علي أن »جميع السفن العابرة للمضائق الدولية، بما فيها مضيق هرمز، تتمتع بحق المرور دون أي عراقيل، سواء كانت هذه السفن أو الناقلات تجارية أو عسكرية».. وقد أكد مسئولو الولاياتالمتحدةالأمريكية أن مياه المضيق في الخليج »دولية بامتياز»، وأن أي تهديد إيراني بإغلاقه سيؤثر علي مسار الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية، وأبدوا استعدادهم للرد علي أي محاولة عدائية من طهران لإغلاق المضيق الذي يمر عبره حوالي 40٪ من الإنتاج العالمي من النفط، حيث يمر معظم صادرات الخام من السعودية والإماراتوالكويتوالعراق وكذلك إيران، وجميعها دول أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول »أوبك». وقد حذر وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إيران مما أسماه »السير في سياسة شفير الهاوية»، عبر إغلاق مضيق هرمز، مؤكدا أنه لن يسمح لها بأن تغلق المضيق ليوم واحد.. وقال: »هذا تهديد صريح حقيقة لكل دول الخليج، ومازلت أعتقد أن إيران قد تفكر مليا قبل الإقدام علي خطوة من هذا النوع لأنه سيكون تصعيداً خطيراً ولن يسمح له أن يستمر يوماً واحداً».. وأضاف: »لا أحد يريد الحرب، لا أمريكا ولا دول الخليج أو دول المنطقة تسعي إلي حرب، إيران ارتكبت أخطاء كبري حين تدخلت في شئون دول المنطقة، وأرسلت أموالها وأسلحتها وميليشياتها».. وتابع: »اليوم، الوضع سببه الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن، وذاك الاتفاق تناول البرنامج النووي الإيراني وترك جانب البرامج الباليستية الإيرانية، التي تهددنا في المقام الأول، وترك جانب سياسة الهيمنة الإيرانية، ولأنه لم يتم التعامل مع هذه المسائل، فإن يد إيران أطلقت أكثر فأكثر وهي تطلق التهديدات كل يوم، وهي اليوم تهدد بإغلاق مضيق هرمز، لكنها تعي أن الإغلاق يعني أنها ستخنق نفسها». ومضيق هرمز، ممر بحري حيوي يربط منتجي النفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وما وراءها، ويفصل بين إيران وسلطنة عُمان، ويصل الخليج العربي بخليج عُمان من جهة، وبحر العرب بالمحيط الهندي من جهة أخري، وهو المدخل الوحيد للمحيط الهندي وتطل عليه إيران من الشمال بينما تطل عليه الإماراتوعمان من الجنوب، ويبلغ عرضه الأقصي 50 كيلومتراً بعمق 60 متراً، وعرض ممري الدخول والخروج فيه 10.5 كيلومتر فقط يمر من خلاله ما بين 20 إلي 30 ناقلة نفط يومياً قادمة من السعودية التي تصدر حوالي 88٪ من إنتاجها النفطي عبر المضيق ونسب أعلي لكل من العراقوالإمارات، في حين تصدر الكويت وقطر كل نفطها عبر المضيق. ويستوعب مضيق هرمز حركة النفط بحوالي 30 إلي 40% من تجارة النفط عبر البحار في العالم بمعدل يزيد علي 17 مليون برميل يومياً. وتعد مياه مضيق هرمز دولية بامتياز، وتلتزم الولاياتالمتحدة ودول أخري بحماية حرية الملاحة البحرية ومسار القنوات المائية التجارية العالمية في المنطقة مع استعدادات لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها حرية الملاحة الدولية.