من يتأمل الحياة السياسية في مصر يجد العجب!! فنحن نعلم جميعا كنخب في المجتمع، وكمؤسسات دستورية، وتجمعات أهلية ومدنية، وأيضا جامعاتنا المصرية »المتواضعة حاليا« المجتمع في مصر كله يعلم بأن مصر في اشد الاحتياج لنهضة في شتي مجالات الحياة!! نحن في أشد الاحتياج لنهضة في منظومة التعليم الجامعي وما قبله، وفي منظومة البحث العلمي »كنواة للتقدم«!! نحن في اشد الاحتياج لوضع نظام للدعم المباشر الذي يستنزف حوالي ثمانين مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، ونعلم جميعا بأن هذا الدعم لايوجه لمستحقيه، بل »يوزع كالدم بين القبائل«، ولا يوجد حتي الان نظام نستطيع ان نستخدمه لتوجيه هذا الدعم بكفاءة لطبقات بعينها في المجتمع هي في اشد الاحتياج لمضاعفة ما تحصل عليه من دعم مباشر. نحن نعلم جميعا بأننا امام أزمة خطيرة جدا وهي بطالة تصل حسب المعلن حكوميا إلي اكثر من 01٪ ونسمع من المراكز البحثية المستقلة بأنها تزيد عن 52٪ ومع ذلك فإن الاستثمارات المباشرة في البلاد لم تصل بعد إلي اكثر من 8٪ من الناتج الاجمالي المحلي، ونحن في احتياج لرفع هذه النسبة إلي 42٪ حتي نستطيع توفير مليون فرصة عمل في العام الواحد!! كما جاء في خطاب الرئيس مبارك الموجه للأمة في عيد العمال. نحن نعلم جميعا بأن إدارة الاصول المملوكة للدولة وليست الاصول المملوكة لوزارة الاستثمار »351 شركة« هذه الاصول التي تتعدد المسئولية عنها في وزارات »البترول والكهرباء والإسكان والإعلام والأوقاف، والصحة والري والموارد المائية والزراعة، والنقل« كل هذه الوزرات لديها اصول مملوكة للدولة، لا نعلم كيفية إداراتها، ولا نعلم الجدوي الاقتصادية لها. وهناك هيئات اقتصادية تابعة للوزارات في حكم »العزب التي ليس لها صاحب« وقد سمعنا وشاهدنا الملاحظات الشديدة الخطورة التي يلقيها المستشار »جودت الملط« رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات علي مجلس الشعب مره كل عام، والتي يعلن فيها بصراحة وشفافية كاملة عن خطورة التسيب في إدارة الاصول المملوكة للدولة. نحن نعلم جميعا بأننا مهددون بأن نصاب بسكتة دماغية في شوارع العاصمة حيث تصلبت شرايين الوطن، بعد ان أهملنا الطرق والمرور، وتركنا كل »من هب ودب« يجري في الشارع المصري »توك توك وعربات كارو قوة ثلاث حمير«، بجانب مقطورات طائشة خلف جرارات النقل، وميكروباصات يقودها مخمورون وخارجون عن القانون، بجانب السيارات »المكهنة« والتي نفدت صلاحية سيرها وتعدت عمرها الافتراضي- اختلط »الحابل بالنابل« في الشارع المصري. نحن امام روشته واضحة لأمراض المجتمع ونحن في اشد الاحتياج لتناول الدواء أو اجراء جراحات عاجلة حتي لايموت جسد الوطن!!