من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    ترامب: أمريكا بصدد إتمام اتفاق تجاري مع الصين.. وستفرض رسومًا جمركية على بعض الدول    حماس تُعلن تسليم الوسطاء ردها على مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة    الخارجية الكندية: الجوع في غزة وصل لمستويات كارثية    القوات الإيرانية تُحذر مدمرة أمريكية في خليج عمان.. والبنتاجون يعلق على التحذير    حصلت على 50% في الثانوية.. طالبة تُلقي نفسها من الطابق الرابع بالإسكندرية    عن طريق الخطأ.. إصابة 5 أطفال بتسمم إثر تناولهم مبيد حشري في المنيا    في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.. «قاهرة ابن دانيال» زاوية مجهولة من «العاصمة»    كندا: الجوع في غزة وصل إلى مستويات كارثية ونطالب باستئناف فوري للمساعدات الأممية    روسيا تشن هجوما بالمسيرات على مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا وسماع دوي انفجارات    إعلام عبري: إطلاق صاروخ من اليمن    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    صور | إصابة 4 عمال.. تحقيق عاجل في سقوط مظلة بموقف نجع حمادي    وزير التعليم: البكالوريا نظام تعليمي يتوافق مع النظم الدولية ويقضي على بعبع الثانوية العامة    محافظ قنا يوجه بفتح تحقيق عاجل بعد سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال في بلدة الخضر    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    تكرار لنهائي الرجال.. أيتانا بونماتي تقود سيدات إسبانيا لمواجهة إنجلترا    سيف جعفر: فيريرا يتعامل معنا بشكل مثالي.. والصفقات الجديدة إضافة قوية    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى الخميس 24 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 24 يوليو 2025    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    فودافون مصر تعتذر عن عطل الشبكة وتمنح تعويضات مجانية لعملائها    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    عامي الجديد حين اخترت أن أعود إليّ    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل ملك زاهر وشقيقتها ليلى تعلق    بالصور - نانسي عجرم تحتفل بألبوم "نانسي 11" بأكثر من إطلالة مختلفة    ب"إنذارين"..المخرج يوسف شرف الدين يطالب قناة "النهار" بحذف حلقة الفنانة إجلال زكي    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    حدث ليلًا| حقيقة بيع مناطق بوسط البلد ورد رسمي على أنباء توتر العلاقات المصرية السعودية    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهي الدين حسن يعزف لحنا گئيبا في حوار بجوار »ميدان الأمل«:
أحداث ماسبيرو أسوأ كارثة سياسية منذ نكسة يونيو لقاءات المسئولين مع قيادات الكنيسة "جبر خواطر " والعلاج الحاسم يحتاج لإرادة سياسية رفضت أن أكون »طرطور« في الحكومة.. وأداء حازم الببلاوي يزيدني
نشر في الأخبار يوم 29 - 10 - 2011

بهى الدىن حسن أثناء حواره مع محرر الأخبار لا أخفيكم سرا أن حالة من الغبطة إنتابتني عندما ذهبت إلي مكتب بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بمنطقة »باب اللوق« لقربه الشديد من ميدان التحرير، ذلك المكان الذي لا زلت أتنفس فيه نسمات الحرية كلما مررت عليه رغم زحامه الشديد.
تصورت أن جوار الميدان سيجعل بهي الدين حسن متفائلا بمستقبل مصر الثورة الذي شعر المصريون بإشراقة يوم تنحي مبارك في12 فبراير 2010 لكن - للأسف - لم يعطني بارقة أمل واحدة خلال الحوار الذي امتد معه لساعة ونصف، بل كانت كل كلمة يقولها نغمة كئيبة في لحن حزين.
لم يبن بهي تشاؤمه علي مجرد مشاعر وأحاسيس، بل بناها علي حقائق أوردها خلال الحوار أهمها، التعامل الرسمي مع أحداث ماسبيرو، والمقارنة بين الحالة التونسية والمصرية.
وبينما كنت أغبطه علي جوار الميدان، رأفت بحاله وأنا في طريق العودة بعد إنتهاء الحوار، ذلك لأن الشعور بالإحباط وأنت تمر علي هذا المكان الذي ارتوت أرضه بدماء ضحايا ومصابي الثورة، يزيد النفس شعورا بالمرارة علي شباب سقطوا بين قتلي وجرحي بلا جدوي.
كانت البداية التي انطلقت منها في حواري مع بهي الدين حسن، هي تقييمه لأحداث ماسبيرو، والدوافع التي أدت لوقوعها.
لم يمهلني حتي أن أكمل سؤالي، وبدأ يعزف أولي نغمات اللحن الحزين، بقوله: »ما حدث هو أسوأ كارثة سياسية منذ نكسة يونيو 1967«.
يلحظ بهي علامات الدهشة وقد ارتسمت علي وجهي من حجم تقييمه لهذه الأحداث، فيبتسم قائلا: »ما حدث أمام ماسبيرو هو أبشع بكثير مما كتب عنه«.
ورغم بشاعة ما حدث، إلا ان رأب الصدع كان ممكنا، في رأيه، لو كان رد الفعل الرسمي علي نفس المستوي، لكنه يقول بعد أن إنخفض صوته من شدة التأثر: »للأسف هو أقل بكثير من المطلوب، وأخشي أن نكون علي أبواب حرب أهلية«.
خارطة طريق
لم يكتف بهي بإلقاء هذه القنبلة، بل حدد- أيضا - خارطة طريق للحد دون إنفجارها، لكنه عاد ووضع نغمة أخري حزينة علي اللحن الكئيب بقوله: »رسمنا ملامح هذه الخريطة في أكثر من مناسبة، لكن لا أحد يستجيب، لأنه لا توجد إرادة سياسية للحل«.
وترتكز خارطة الطريق التي رسمها مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان علي عده عناصر أهمها تشكيل لجنة تحقيق محايدة للوصول إلي المسئولين الحقيقيين عما حدث، والمضي قدما نحو إصدار قانون دور العبادة الموحد، الذي أوصت به لجنة تقصي حقائق تشكلت برئاسة د.جمال العطيفي وزير الإعلام الأسبق بعد أحداث فتنة وقعت في عام 1972 ولكن حتي الآن لم يتم تفعيل توصيات هذه اللجنة.
ويقول وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة ساخرة: »من يقرأ توصيات هذه اللجنة يشعر وكأنها تقدم علاجا للأحداث التي وقعت - مؤخرا - مثل الماريناب أو العمرانية أو إمبابة«.
الإرادة السياسية
بساطة الحل الذي طرح، آثار دهشتي بسبب العجز الرسمي عن الإتيان به، ولم يمهلني بهي أن أسأله عن أسباب ذلك العجز، وقال بلهجة حادة: »المشكلة انه لا توجد إرادة سياسية لدي المجلس العسكري ومن بعده حكومة د.عصام شرف لتخليص مصر من هذه الأزمة المتجددة«.
ويرفض إعتبار لقاء المشير مع البابا شنودة، ومن قبله لقاء الفريق سامي عنان مع بعض القساوسة، خطوة علي طريق الحل، واصفا إياها بأنها »لقاءات جبر خواطر«.
وقال ساخرا: »حسني مبارك كان يفعل ذلك، فما هو الجديد الذي حدث في مصر الثورة«.
ولا يتوقع بهي أن يكون هناك جديدا في القريب العاجل، لأن سوء معاملة الأقليات، هي عقيدة مترسخة في بنيان الدولة المصري، حتي مع الأقليات ذات الهوية الإسلامية.
وقال مستمرا في لهجته الساخرة: »النوبيون أظن ان غالبتهم مسلمين، وكذلك بدو سيناء، فهل الدولة تعاملهم مثل غيرهم«.
ويملك مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مبررات كثيرة بني عليها هذا التصور المتشائم، وأعتبر المؤتمر الصحفي الذي أقامه المجلس العسكري عقب أحداث ماسبيرو أحد أهم هذه المبررات.
وقال مستنكرا: »من يتابع المؤتمر يشعر انه لا توجد أي رؤية للعلاج، فهدفه الأساسي كان تبرأة الذات، بل أنك تشعر أنهم لم يقدموا تعازي حارة للضحايا والمصابين«.
احترام الذات
لائحة الإتهامات التي أعدها بهي للأداء الرسمي في التعامل مع المشكلة، لم ير أن وجوده في منصب مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان الذي رفضه كان سيغير من طبيعة الأداء شيئا.
وقال بلهجة حاسمة: »أي شخص يحترم نفسه كان عليه ان يرفض، فأنا لا أقبل أن أكون (طرطور) وظيفته تجميل وضع هو في حقيقته قبيحا«.
ولا يري ان هذا الوضع يتحمل مسئوليته وزير الداخلية أو مجلس الوزراء نفسه، بل هو ميراث علاقة مجلس الوزراء بمؤسسة الرئاسة.
ويقول متهكما: »قبل 25 يناير كان مجلس الوزراء يعمل كسكرتارية لمبارك، وبعدها يعمل سكرتارية للمجلس العسكري«.
ويدلل علي صحة موقفه بمتابعة أداء د.حازم الببلاوي وزير المالية، والذي يأتي - من وجهه نظره - مغايرا تماما لأرائه التي كان يكتبها في الصحف قبل تولي المنصب.
ويقول بلهجة واثقة: »أشعر عندما أتابع أدائه أني اتخذت القرار الصائب«.
وبلهجة لا تقل ثقة، يجذم بهي ان ثورتنا المصرية بسبب كل هذه السياسات قد ضلت الطريق علي عكس الثورة التونسية التي تسير بخطي واثقة نحو تونس جديدة، وقال: »أداء المجلس العسكري، هو أحد الأسباب التي أدت لذلك«.
ويقارن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بين أداء الجيش في الدولتين، قائلا: »كلا الجيشين حما الثورة، لكن الجيش التونسي لم يكن له طموح سياسي فترك السلطة للمدنيين، علي عكس الجيش المصري الذي يوجد لديه طموح«.
وكان من نتيجة ذلك وضعنا الآن، والذي يلخصه بهي بقوله: »في الوقت الذي قام فيه المدنيون في تونس بالتعاون مع الأحزاب بوضع خارطة طريق للمرحلة الإنتقالية نفذت أولي خطواتها بإنتخابات المجلس التأسيسي، لا زلنا في مصر متخبطون، بل اننا علي مدار عام كامل لم نفعل شيئا«.
الإسلاميون بمصر وتونس
ومع تأكيد بهي علي أداء الجيشين، كأحد مظاهر المفارقة بين المشهد المصري والتونسي، فإنه لا يقل تأثيرا علي المشهد أداء الأحزاب الإسلامية عندنا وعندهم، ويقول متأثرا: »هناك فارق شاسع بين الأثنين«.
هذا الفارق الشاسع، الذي يقصده بهي، هو في حقيقته الفارق بين الإخوان المسلمين بمصر وحزب النهضة بتونس.
ويقول وقد ارتفعت نبرة صوته: »لم يتحدث حزب النهضة عن ان الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، ولم يطالب بتغيير قانون الأحوال الشخصية، رغم انه يجرم تعدد الزوجات، بينما نحن في مصر خلقنا معركة المادة الثانية من الدستور«.
ويتعجب بهي من هذا الفارق، رغم ان حزب النهضة في أساسه ولد من رحم الإخوان، ويقول ساخرا: »يبدو أن الأبناء سبقوا الأباء بعشرات المرات، فالأباء يطرحون برنامج دعوي هدفه تربية البشر، فإتسع الفارق بينهم وبين الآخرين، والأبناء يطرحون برنامج سياسي، فأقتربت المسافة بينهم وبين التيارات الأخري«.
ويضيف: »لو وجد حزب النهضة في مصر، لكفره الإخوان قبل غيرهم«.
مصريون جدد
أداء المجلس العسكري، ومن بعده أداء الإسلاميين، هو ما جعل بهي يضيف نغمة أخري علي لحنه الحزين، بقوله: »للأسف إحنا زي ما أحنا مفيش حاجة تغيرت، بل بالعكس الأمور تزداد سوءا«.
وأسباب تطور الأمور للأسوأ -كما يؤكد بهي - أن نظام مبارك لم يتغير، غير ان رموز هذا النظام كانوا متمرسين علي التعامل مع المشكلات التي تسببها سياسته، وفي ظل بقاء النظام ووجود أشخاص غير متمرسين عليه، يحدث الخلل، الذي يزيده ان المصريين - أيضا- تغيروا بعد 25 يناير.
ويقول ساخرا: »يصدرون قانون الطواريء ويجرمون الإعتصامات والإحتجاجات، ومع ذلك لا أحد يخاف، لأن المصريين تغيروا وأصبحوا بحاجة لعقيدة أمنية مختلفة في التعامل معهم«.
ويؤدي عدم وجود هذه العقيدة والتعامل بنفس أسلوب نظام مبارك، إلي ما وصفه بهي ب»الإنسدادات« في كل المجالات، فالنوبيون غاضبون، والأقباط ساخطون، والإعتصامات لا تنفض، وفي ظل هذه الحالة نحن مقبلون علي »وضع كارثي« مع الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
ويستأنف مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عزف لحنه الحزين، ويضع نغمة جديدة مادتها هذه المرة العنف الذي يتوقع حدوثه في الإنتخابات.
ويقول بهي بنظرات شاردة يسهل علي من يشاهدها إكتشاف مغزاها: »للأسف نحن مقبلون علي عنف من نوع آخر، فعنف الإنتخابات الماضية كان سياسيا، ولكن عنف هذه المرة سيكون دينيا«.
ويهدد هذا العنف الإنتخابات بعدم الإكتمال حال بدأت أصلا، ويستشهد مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بمقال للدكتور محمد أبو الغار قال فيه انه سأل الفريق سامي عنان: لو قتل في الإنتخابات 200 شخص ماذا ستفعلون؟ فأجاب سنوقفها فورا.
وعلي طريقة »شر البلية ما يضحك«، يستطرد بهي ضاحكا: »وعلي فكرة ليست هذه هي المشكلة الوحيدة، فالمشكلة - أيضا - انه لا أحد يفهم كيف ستتم الإنتخابات، ولذلك فإن نسبة الإقبال ستكون ضعيفة للغاية«.
عجلة الزمن لن ترجع
ويعود بهي مرة أخري للمقارنة بين الحالة التونسية والمصرية من زاوية الإنتخابات، ويقول متحسرا: »شفت نسبة الإقبال عندهم كانت إزاي، لأن المواطن عنده أمل في المستقبل، أما نحن فلا يوجد هذا الأمل«، والسبب الذي أوصلنا لهذه الحالة، هو »البداية« الخاطئة.
ويقصد بهي بالبداية يوم 12 فبراير، عندما أصبح المجلس العسكري مسئولا عن كل شيء.
ويقول بلهجة حادة بعض الشيء: »المثل بيقول إدي العيش لخبازه، وأمور الحكم مش شغلة الجيش، دي شغلة المدنيين«.
حاولت أن أبحث عن بارقة أمل في الخروج مما سماه بهي ب»الوضع الكارثي«، فسألته عن وسيلة لتصحيح المسار الذي بدأ خاطئا.
يشفق الرجل علي بعض الشيء بعد أن لاحظ علامات الإكتئاب وقد ارتسمت علي وجهي من لحنه الحزين الذي لم يتوقف عن عزفه طوال الحوار، فيحاول أن يضع بارقة أمل، لكنها لم تكن -أيضا- مكتملة.
قال: »الرجوع بعجلة الزمن للوراء مستحيل، لكن يمكن أن نتعامل مع الوضع الراهن بحلول تناسبه للخروج بأقل الخسائر«.
ويمثل المجلس العسكري ركنا أساسيا في هذه الحلول، حيث يدعوه بهي إلي التخلي عن بعض من سلطاته، ومنح بعض السلطات لمجلس الوزراء، مع ضرورة تغيير المجلس الحالي والإتيان برئيس وزراء يمتلك رؤية.
ويقول: »الإنتخابات المقبلة حدث ضخم، ووزارة عصام شرف ليست علي نفس مستوي هذا الحدث«.
حزب أمن الدولة
وقبل ان يترك بهي الحديث عن الإنتخابات، يصمت للحظات واضعا يده فوق رأسه وكأنه يريد أن يتذكر شيئا، ثم يخرج عن صمته قائلا: »قبل ما أسيب موضوع الإنتخابات، كويس اني أفتكرت حاجة مهمة جدا، وهي الحديث عن استبعاد ما يسموهم فلول الحزب الوطني«.
كنت أتصور ان بهي سيقول بلهجة حاسمة: »لابد من استبعاد هؤلاء من سباق الإنتخابات فورا«، لكنه فاجئني بقوله: »أنا ضد ذلك تماما«.
حالة الدهشة التي لمحها بهي علي وجهي، أغرته في ان يزيد من دهشتي وحيرتي بقوله: »وعلي فكره منهم ناس محترمين لا زلت أكن لهم كل الإحترام«.
وكان تبرير مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان كفيلا بأن يزيل هذه الدهشة، قال: »من كان يلعب سياسة في عهد مبارك جهاز أمن الدولة، فهو الحزب السياسي الوحيد بمصر طوال 30 عاما، أما الحزب الوطني فكان مجرد ديكور لتسليم الحكم لجمال مبارك، حتي لا يقال انه جاء من البيت إلي كرسي الرئاسة«.
ويدعو أن يكون تطبيق تهمة إفساد الحياة السياسية بدراسة لكل حالة علي حدة، ولا يطبق علي كل من حمل كارنيه الحزب، ويقول: »إذا طبقت بهذا الشكل فإن التهمة لن تطل إلا ثلاثة فقط هم صفوت الشريف وزكريا عزمي وجمال مبارك«.
ويستطرد: »وإذا طبقنا معايير إفساد الحياة السياسية علي الجميع فإن التهمة ستطل كثير من قيادات الأحزاب المعارضة الذين يدعون لإقصاء أعضاء الوطني«.
التمويل الأجنبي
بعد كل ما قاله مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حصلت علي جرعة كافية من الإحباط، كانت كفيلة بأن أطوي دفتري وأهم بمغادرة مكتبة، غير أن قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية التي تفرض نفسها علي الساحة، لم يكن من المقبول وأنا أتحدث مع ناشط حقوقي بحجم بهي الدين حسن ألا أتطرق إليها.
لا أخفيكم سرا أني أغريته بعدم الإجابة حتي أهم بالمغادرة، عندما قلت له: »هل أتوقع منك رد فعل مختلف عن الناشط الحقوقي خالد علي الذي رفض التعليق علي هذه القضية في حواري معه، معلا ذلك بأنه ليس في وضع إتهام حتي يدافع؟
خاب ظني، ويبدو أنه كان يتوقع سؤالي، ففوجئت به يقلب صفحات تقرير كان يوجد أمامه، عرفت فيما بعد انه تقرير صادر عن الأمم المتحدة، ليقول: »هذا التقرير ينتقد تقييد الحكومة المصرية علي منظمات المجتمع المدني في مسألة حصولها علي التمويل الأجنبي، وبالمناسبة الحكومة لم ترفض هذا التقرير لأنها لا تملك ذلك، فهي وقعت علي اتفاقيات لحقوق الانسان من بين بنودها حرية انشاء المنظمات الحقوقية، وعدم التضييق علي مصادر تمويلها الخارجي«.
ويستطرد: »من يريد وقف التمويل الأجنبي للجمعيات، هو في الحقيقة يريد القضاء علي أي نشاط حقوقي«.
وتعلو نبرة صوت بهي وهو يضيف: »أدعو من يروجون لذلك ان يوفروا البديل، فنحن ليس لدينا نظام ديمقراطي يجعل رجال الأعمال في العالم الثالث يدعمون نشاط حقوق الإنسان دون خوف من الإنتقام الحكومي«.
ويرفض مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ما يتم ترديده من ان الحصول علي التمويل الأجنبي، يجعلهم يغضون الطرف عن انتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان، بينما يركزون علي الإنتهاكات في العالم العربي.
ويقول بلهجة حاسمة: »من يقول ذلك عليه ان يراجع نشاطنا، فنحن كنا ندين سياسات أمريكا في سجن أبو غريب ومعتقل جونتانمو في وقت كانت فيه الحكومة المصرية تستقبل معتقلين من أمريكا لإنتزاع الإعترافات منهم«.
إلي هنا إنتهي الحوار مع بهي الدين حسن، قد تتفق أو تختلف مع أفكاره، لكنك في النهاية لا تملك إلا احترامه.. فقط ينقصه أن يخلع تلك النظارة السوداء التي يري بها مستقبل مصر، حتي يجعلني أعود لأغبطه علي جوار ميدان التحرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.