منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهي الدين حسن يعزف لحنا گئيبا في حوار بجوار »ميدان الأمل«:
أحداث ماسبيرو أسوأ كارثة سياسية منذ نكسة يونيو لقاءات المسئولين مع قيادات الكنيسة "جبر خواطر " والعلاج الحاسم يحتاج لإرادة سياسية رفضت أن أكون »طرطور« في الحكومة.. وأداء حازم الببلاوي يزيدني
نشر في الأخبار يوم 29 - 10 - 2011

بهى الدىن حسن أثناء حواره مع محرر الأخبار لا أخفيكم سرا أن حالة من الغبطة إنتابتني عندما ذهبت إلي مكتب بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بمنطقة »باب اللوق« لقربه الشديد من ميدان التحرير، ذلك المكان الذي لا زلت أتنفس فيه نسمات الحرية كلما مررت عليه رغم زحامه الشديد.
تصورت أن جوار الميدان سيجعل بهي الدين حسن متفائلا بمستقبل مصر الثورة الذي شعر المصريون بإشراقة يوم تنحي مبارك في12 فبراير 2010 لكن - للأسف - لم يعطني بارقة أمل واحدة خلال الحوار الذي امتد معه لساعة ونصف، بل كانت كل كلمة يقولها نغمة كئيبة في لحن حزين.
لم يبن بهي تشاؤمه علي مجرد مشاعر وأحاسيس، بل بناها علي حقائق أوردها خلال الحوار أهمها، التعامل الرسمي مع أحداث ماسبيرو، والمقارنة بين الحالة التونسية والمصرية.
وبينما كنت أغبطه علي جوار الميدان، رأفت بحاله وأنا في طريق العودة بعد إنتهاء الحوار، ذلك لأن الشعور بالإحباط وأنت تمر علي هذا المكان الذي ارتوت أرضه بدماء ضحايا ومصابي الثورة، يزيد النفس شعورا بالمرارة علي شباب سقطوا بين قتلي وجرحي بلا جدوي.
كانت البداية التي انطلقت منها في حواري مع بهي الدين حسن، هي تقييمه لأحداث ماسبيرو، والدوافع التي أدت لوقوعها.
لم يمهلني حتي أن أكمل سؤالي، وبدأ يعزف أولي نغمات اللحن الحزين، بقوله: »ما حدث هو أسوأ كارثة سياسية منذ نكسة يونيو 1967«.
يلحظ بهي علامات الدهشة وقد ارتسمت علي وجهي من حجم تقييمه لهذه الأحداث، فيبتسم قائلا: »ما حدث أمام ماسبيرو هو أبشع بكثير مما كتب عنه«.
ورغم بشاعة ما حدث، إلا ان رأب الصدع كان ممكنا، في رأيه، لو كان رد الفعل الرسمي علي نفس المستوي، لكنه يقول بعد أن إنخفض صوته من شدة التأثر: »للأسف هو أقل بكثير من المطلوب، وأخشي أن نكون علي أبواب حرب أهلية«.
خارطة طريق
لم يكتف بهي بإلقاء هذه القنبلة، بل حدد- أيضا - خارطة طريق للحد دون إنفجارها، لكنه عاد ووضع نغمة أخري حزينة علي اللحن الكئيب بقوله: »رسمنا ملامح هذه الخريطة في أكثر من مناسبة، لكن لا أحد يستجيب، لأنه لا توجد إرادة سياسية للحل«.
وترتكز خارطة الطريق التي رسمها مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان علي عده عناصر أهمها تشكيل لجنة تحقيق محايدة للوصول إلي المسئولين الحقيقيين عما حدث، والمضي قدما نحو إصدار قانون دور العبادة الموحد، الذي أوصت به لجنة تقصي حقائق تشكلت برئاسة د.جمال العطيفي وزير الإعلام الأسبق بعد أحداث فتنة وقعت في عام 1972 ولكن حتي الآن لم يتم تفعيل توصيات هذه اللجنة.
ويقول وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة ساخرة: »من يقرأ توصيات هذه اللجنة يشعر وكأنها تقدم علاجا للأحداث التي وقعت - مؤخرا - مثل الماريناب أو العمرانية أو إمبابة«.
الإرادة السياسية
بساطة الحل الذي طرح، آثار دهشتي بسبب العجز الرسمي عن الإتيان به، ولم يمهلني بهي أن أسأله عن أسباب ذلك العجز، وقال بلهجة حادة: »المشكلة انه لا توجد إرادة سياسية لدي المجلس العسكري ومن بعده حكومة د.عصام شرف لتخليص مصر من هذه الأزمة المتجددة«.
ويرفض إعتبار لقاء المشير مع البابا شنودة، ومن قبله لقاء الفريق سامي عنان مع بعض القساوسة، خطوة علي طريق الحل، واصفا إياها بأنها »لقاءات جبر خواطر«.
وقال ساخرا: »حسني مبارك كان يفعل ذلك، فما هو الجديد الذي حدث في مصر الثورة«.
ولا يتوقع بهي أن يكون هناك جديدا في القريب العاجل، لأن سوء معاملة الأقليات، هي عقيدة مترسخة في بنيان الدولة المصري، حتي مع الأقليات ذات الهوية الإسلامية.
وقال مستمرا في لهجته الساخرة: »النوبيون أظن ان غالبتهم مسلمين، وكذلك بدو سيناء، فهل الدولة تعاملهم مثل غيرهم«.
ويملك مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مبررات كثيرة بني عليها هذا التصور المتشائم، وأعتبر المؤتمر الصحفي الذي أقامه المجلس العسكري عقب أحداث ماسبيرو أحد أهم هذه المبررات.
وقال مستنكرا: »من يتابع المؤتمر يشعر انه لا توجد أي رؤية للعلاج، فهدفه الأساسي كان تبرأة الذات، بل أنك تشعر أنهم لم يقدموا تعازي حارة للضحايا والمصابين«.
احترام الذات
لائحة الإتهامات التي أعدها بهي للأداء الرسمي في التعامل مع المشكلة، لم ير أن وجوده في منصب مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان الذي رفضه كان سيغير من طبيعة الأداء شيئا.
وقال بلهجة حاسمة: »أي شخص يحترم نفسه كان عليه ان يرفض، فأنا لا أقبل أن أكون (طرطور) وظيفته تجميل وضع هو في حقيقته قبيحا«.
ولا يري ان هذا الوضع يتحمل مسئوليته وزير الداخلية أو مجلس الوزراء نفسه، بل هو ميراث علاقة مجلس الوزراء بمؤسسة الرئاسة.
ويقول متهكما: »قبل 25 يناير كان مجلس الوزراء يعمل كسكرتارية لمبارك، وبعدها يعمل سكرتارية للمجلس العسكري«.
ويدلل علي صحة موقفه بمتابعة أداء د.حازم الببلاوي وزير المالية، والذي يأتي - من وجهه نظره - مغايرا تماما لأرائه التي كان يكتبها في الصحف قبل تولي المنصب.
ويقول بلهجة واثقة: »أشعر عندما أتابع أدائه أني اتخذت القرار الصائب«.
وبلهجة لا تقل ثقة، يجذم بهي ان ثورتنا المصرية بسبب كل هذه السياسات قد ضلت الطريق علي عكس الثورة التونسية التي تسير بخطي واثقة نحو تونس جديدة، وقال: »أداء المجلس العسكري، هو أحد الأسباب التي أدت لذلك«.
ويقارن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بين أداء الجيش في الدولتين، قائلا: »كلا الجيشين حما الثورة، لكن الجيش التونسي لم يكن له طموح سياسي فترك السلطة للمدنيين، علي عكس الجيش المصري الذي يوجد لديه طموح«.
وكان من نتيجة ذلك وضعنا الآن، والذي يلخصه بهي بقوله: »في الوقت الذي قام فيه المدنيون في تونس بالتعاون مع الأحزاب بوضع خارطة طريق للمرحلة الإنتقالية نفذت أولي خطواتها بإنتخابات المجلس التأسيسي، لا زلنا في مصر متخبطون، بل اننا علي مدار عام كامل لم نفعل شيئا«.
الإسلاميون بمصر وتونس
ومع تأكيد بهي علي أداء الجيشين، كأحد مظاهر المفارقة بين المشهد المصري والتونسي، فإنه لا يقل تأثيرا علي المشهد أداء الأحزاب الإسلامية عندنا وعندهم، ويقول متأثرا: »هناك فارق شاسع بين الأثنين«.
هذا الفارق الشاسع، الذي يقصده بهي، هو في حقيقته الفارق بين الإخوان المسلمين بمصر وحزب النهضة بتونس.
ويقول وقد ارتفعت نبرة صوته: »لم يتحدث حزب النهضة عن ان الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، ولم يطالب بتغيير قانون الأحوال الشخصية، رغم انه يجرم تعدد الزوجات، بينما نحن في مصر خلقنا معركة المادة الثانية من الدستور«.
ويتعجب بهي من هذا الفارق، رغم ان حزب النهضة في أساسه ولد من رحم الإخوان، ويقول ساخرا: »يبدو أن الأبناء سبقوا الأباء بعشرات المرات، فالأباء يطرحون برنامج دعوي هدفه تربية البشر، فإتسع الفارق بينهم وبين الآخرين، والأبناء يطرحون برنامج سياسي، فأقتربت المسافة بينهم وبين التيارات الأخري«.
ويضيف: »لو وجد حزب النهضة في مصر، لكفره الإخوان قبل غيرهم«.
مصريون جدد
أداء المجلس العسكري، ومن بعده أداء الإسلاميين، هو ما جعل بهي يضيف نغمة أخري علي لحنه الحزين، بقوله: »للأسف إحنا زي ما أحنا مفيش حاجة تغيرت، بل بالعكس الأمور تزداد سوءا«.
وأسباب تطور الأمور للأسوأ -كما يؤكد بهي - أن نظام مبارك لم يتغير، غير ان رموز هذا النظام كانوا متمرسين علي التعامل مع المشكلات التي تسببها سياسته، وفي ظل بقاء النظام ووجود أشخاص غير متمرسين عليه، يحدث الخلل، الذي يزيده ان المصريين - أيضا- تغيروا بعد 25 يناير.
ويقول ساخرا: »يصدرون قانون الطواريء ويجرمون الإعتصامات والإحتجاجات، ومع ذلك لا أحد يخاف، لأن المصريين تغيروا وأصبحوا بحاجة لعقيدة أمنية مختلفة في التعامل معهم«.
ويؤدي عدم وجود هذه العقيدة والتعامل بنفس أسلوب نظام مبارك، إلي ما وصفه بهي ب»الإنسدادات« في كل المجالات، فالنوبيون غاضبون، والأقباط ساخطون، والإعتصامات لا تنفض، وفي ظل هذه الحالة نحن مقبلون علي »وضع كارثي« مع الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
ويستأنف مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عزف لحنه الحزين، ويضع نغمة جديدة مادتها هذه المرة العنف الذي يتوقع حدوثه في الإنتخابات.
ويقول بهي بنظرات شاردة يسهل علي من يشاهدها إكتشاف مغزاها: »للأسف نحن مقبلون علي عنف من نوع آخر، فعنف الإنتخابات الماضية كان سياسيا، ولكن عنف هذه المرة سيكون دينيا«.
ويهدد هذا العنف الإنتخابات بعدم الإكتمال حال بدأت أصلا، ويستشهد مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بمقال للدكتور محمد أبو الغار قال فيه انه سأل الفريق سامي عنان: لو قتل في الإنتخابات 200 شخص ماذا ستفعلون؟ فأجاب سنوقفها فورا.
وعلي طريقة »شر البلية ما يضحك«، يستطرد بهي ضاحكا: »وعلي فكرة ليست هذه هي المشكلة الوحيدة، فالمشكلة - أيضا - انه لا أحد يفهم كيف ستتم الإنتخابات، ولذلك فإن نسبة الإقبال ستكون ضعيفة للغاية«.
عجلة الزمن لن ترجع
ويعود بهي مرة أخري للمقارنة بين الحالة التونسية والمصرية من زاوية الإنتخابات، ويقول متحسرا: »شفت نسبة الإقبال عندهم كانت إزاي، لأن المواطن عنده أمل في المستقبل، أما نحن فلا يوجد هذا الأمل«، والسبب الذي أوصلنا لهذه الحالة، هو »البداية« الخاطئة.
ويقصد بهي بالبداية يوم 12 فبراير، عندما أصبح المجلس العسكري مسئولا عن كل شيء.
ويقول بلهجة حادة بعض الشيء: »المثل بيقول إدي العيش لخبازه، وأمور الحكم مش شغلة الجيش، دي شغلة المدنيين«.
حاولت أن أبحث عن بارقة أمل في الخروج مما سماه بهي ب»الوضع الكارثي«، فسألته عن وسيلة لتصحيح المسار الذي بدأ خاطئا.
يشفق الرجل علي بعض الشيء بعد أن لاحظ علامات الإكتئاب وقد ارتسمت علي وجهي من لحنه الحزين الذي لم يتوقف عن عزفه طوال الحوار، فيحاول أن يضع بارقة أمل، لكنها لم تكن -أيضا- مكتملة.
قال: »الرجوع بعجلة الزمن للوراء مستحيل، لكن يمكن أن نتعامل مع الوضع الراهن بحلول تناسبه للخروج بأقل الخسائر«.
ويمثل المجلس العسكري ركنا أساسيا في هذه الحلول، حيث يدعوه بهي إلي التخلي عن بعض من سلطاته، ومنح بعض السلطات لمجلس الوزراء، مع ضرورة تغيير المجلس الحالي والإتيان برئيس وزراء يمتلك رؤية.
ويقول: »الإنتخابات المقبلة حدث ضخم، ووزارة عصام شرف ليست علي نفس مستوي هذا الحدث«.
حزب أمن الدولة
وقبل ان يترك بهي الحديث عن الإنتخابات، يصمت للحظات واضعا يده فوق رأسه وكأنه يريد أن يتذكر شيئا، ثم يخرج عن صمته قائلا: »قبل ما أسيب موضوع الإنتخابات، كويس اني أفتكرت حاجة مهمة جدا، وهي الحديث عن استبعاد ما يسموهم فلول الحزب الوطني«.
كنت أتصور ان بهي سيقول بلهجة حاسمة: »لابد من استبعاد هؤلاء من سباق الإنتخابات فورا«، لكنه فاجئني بقوله: »أنا ضد ذلك تماما«.
حالة الدهشة التي لمحها بهي علي وجهي، أغرته في ان يزيد من دهشتي وحيرتي بقوله: »وعلي فكره منهم ناس محترمين لا زلت أكن لهم كل الإحترام«.
وكان تبرير مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان كفيلا بأن يزيل هذه الدهشة، قال: »من كان يلعب سياسة في عهد مبارك جهاز أمن الدولة، فهو الحزب السياسي الوحيد بمصر طوال 30 عاما، أما الحزب الوطني فكان مجرد ديكور لتسليم الحكم لجمال مبارك، حتي لا يقال انه جاء من البيت إلي كرسي الرئاسة«.
ويدعو أن يكون تطبيق تهمة إفساد الحياة السياسية بدراسة لكل حالة علي حدة، ولا يطبق علي كل من حمل كارنيه الحزب، ويقول: »إذا طبقت بهذا الشكل فإن التهمة لن تطل إلا ثلاثة فقط هم صفوت الشريف وزكريا عزمي وجمال مبارك«.
ويستطرد: »وإذا طبقنا معايير إفساد الحياة السياسية علي الجميع فإن التهمة ستطل كثير من قيادات الأحزاب المعارضة الذين يدعون لإقصاء أعضاء الوطني«.
التمويل الأجنبي
بعد كل ما قاله مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حصلت علي جرعة كافية من الإحباط، كانت كفيلة بأن أطوي دفتري وأهم بمغادرة مكتبة، غير أن قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية التي تفرض نفسها علي الساحة، لم يكن من المقبول وأنا أتحدث مع ناشط حقوقي بحجم بهي الدين حسن ألا أتطرق إليها.
لا أخفيكم سرا أني أغريته بعدم الإجابة حتي أهم بالمغادرة، عندما قلت له: »هل أتوقع منك رد فعل مختلف عن الناشط الحقوقي خالد علي الذي رفض التعليق علي هذه القضية في حواري معه، معلا ذلك بأنه ليس في وضع إتهام حتي يدافع؟
خاب ظني، ويبدو أنه كان يتوقع سؤالي، ففوجئت به يقلب صفحات تقرير كان يوجد أمامه، عرفت فيما بعد انه تقرير صادر عن الأمم المتحدة، ليقول: »هذا التقرير ينتقد تقييد الحكومة المصرية علي منظمات المجتمع المدني في مسألة حصولها علي التمويل الأجنبي، وبالمناسبة الحكومة لم ترفض هذا التقرير لأنها لا تملك ذلك، فهي وقعت علي اتفاقيات لحقوق الانسان من بين بنودها حرية انشاء المنظمات الحقوقية، وعدم التضييق علي مصادر تمويلها الخارجي«.
ويستطرد: »من يريد وقف التمويل الأجنبي للجمعيات، هو في الحقيقة يريد القضاء علي أي نشاط حقوقي«.
وتعلو نبرة صوت بهي وهو يضيف: »أدعو من يروجون لذلك ان يوفروا البديل، فنحن ليس لدينا نظام ديمقراطي يجعل رجال الأعمال في العالم الثالث يدعمون نشاط حقوق الإنسان دون خوف من الإنتقام الحكومي«.
ويرفض مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ما يتم ترديده من ان الحصول علي التمويل الأجنبي، يجعلهم يغضون الطرف عن انتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان، بينما يركزون علي الإنتهاكات في العالم العربي.
ويقول بلهجة حاسمة: »من يقول ذلك عليه ان يراجع نشاطنا، فنحن كنا ندين سياسات أمريكا في سجن أبو غريب ومعتقل جونتانمو في وقت كانت فيه الحكومة المصرية تستقبل معتقلين من أمريكا لإنتزاع الإعترافات منهم«.
إلي هنا إنتهي الحوار مع بهي الدين حسن، قد تتفق أو تختلف مع أفكاره، لكنك في النهاية لا تملك إلا احترامه.. فقط ينقصه أن يخلع تلك النظارة السوداء التي يري بها مستقبل مصر، حتي يجعلني أعود لأغبطه علي جوار ميدان التحرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.