رحل فجأة أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء الكاتب الذي لا تملك إذا وقعت عينك علي مقال له أو كتاب إلا أن تعكف علي قراءته حتي تكمله مستمتعا حتي لو خالفته فيما يبدي من رأي، القلم الذي اتخذ من الركن الخلفي من جريدة الأهرام -في العقود الأخيرة- موقعا يزوره قراؤها فيه كل يوم، وربما بدأوا به مطالعاتهم اليومية، والعقل الذي تواصل وتحاور مع مفكري مصر- وأدبائها من العقاد وعبدالرحمن بدوي الي أبي ريدة وشوقي ضيف وغيرهم، وطاف حول العالم جغرافيا وتاريخيا وفكريا يقرأ لديكارت وجوته وسارتر ورسل وأمثالهم يقرأ بالانجليزية والفرنسية والالمانية، مع إتقانه العربية واعتزازه بها وبلائه في احترامها والذَّب عن حرماتها، ومزج فيها -كما فعل أبو حيان وابن سينا والغزالي من قبل -الأدب بالفلسفة، وكتب الخبر والمقال، والمسرحية والقصة، والسيرة والرحلة، والنقد والإبداع، والترجمة والتأليف، ومقالة »العمود« ومقالة »الافتتاح«، واتصل في شبابه بحسن البنا وفي كهولته بأنور السادات، ودرس الفلسفة، فتأثر بفكر سقراط ومنهج الوجوديين وما بينهما من عقول.. وطوف ما طوف، وناله ما ناله من اضطهاد، وبلغ ما بلغ من شهرة وبروز عن جدارة واجتهاد، ولم ينس بلده المنصورة ورجالها ونساءها، ولا أمه -رحمها الله- وكتب مقالتيه الأخيرتين كأنما يرثي نفسه يودع الحياة ويستقبل الآخرة. اللهم اغفر له وأرحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله يارب العالمين.