مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فرضت عليه طبيعته الخاصة أن يغرد وحده خارج سرب المهرجانات الأخري، فالسينما الأفريقية ليس لها حضور في مصر، ولم تكن جاذبة للجمهور المصري بأي حال من الأحوال، مما فرض تحديا صعبا علي إدارة مهرجان الأقصر التي بدأت منذ الدورة الأولي في محاولات مستميتة للتواصل مع الجمهور في محافظة لا تعرف إلا السياحة-والزراعة علي استحياء-تخلو من وجود دور عرض، مما أدي لضعف الروابط بين أهل المحافظة والسينما، وهو سبب كاف لفشل أي مهرجان، لكن إدارة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية تصدت لهذا الواقع، وحولت توقعات الفشل لنجاح يتصاعد مع كل دورة. في دورته الثامنة توسع المهرجان فلم يكتف بقاعة المؤتمرات والمكتبة وقصر الثقافة، ليفرض وجوده في الشارع، يعرض الأفلام ليلا بعد الغروب علي شاشات ضخمة في معبد الأقصر، لتحظي تلك العروض بإقبال جماهيري ضخم ليس من أهل البلد وحدها ولكن من السائحين الذين عادوا لمدينة الشمس هذا العام بشكل لافت.. وكان من أجمل ما حدث هذا العام أيضا إمتداد المهرجان ليشمل محافظة قنا المتعطشة للسينما وظهر ذلك من الحشد الضخم الذي استقبل افتتاح عروض المهرجان في جامعة جنوب الوادي بحضور نائب رئيسها د. محمد أبو الفضل ورئيس المهرجان سيد فؤاد،و نقيب السينمائيين مسعد فودة، حيث حضر الافتتاح بالمسرح المكشوف ما يقرب من ستة آلاف متفرج، وقد حرصوا علي حضور العروض المختلفة من أفلام طويلة وقصيرة وتسجيلية علي مدار أيام المهرجان وكرمت الجامعة الفنانة لبلبة وطارق عبد العزيز وصبري فواز وسلوي محمد علي. وللورش الفنية التي واصلت عملها للدورة الثامنة دور كبير أيضا في مد جسور التواصل مع جمهور الاقصر والضيوف الأفارقة. بالتأكيد كانت أكثر الآفلام جاذبية هي الأفلام المصرية التي تعرض خارج المسابقة، وتعرض للمرة الأولي طبعا في الأقصر التي لم تهتم الدولة حتي الآن بإقامة دور عرض فيها، وحظيت الأفلام بحضور جماهيري ضخم ومنها »ورد مسموم» و»جريمة الإيموبيليا» و»ويوم الدين» . لغز فيلم الافتتاح رغم وجود عدد من الأفلام الأفريقية المتميزة، إلا أن اختيار فيلم الافتتاح جاء كلغز محير، »دفن كوجو» لبليتز بازاول إنتاج غانا، وتدور أحداثه حول فتاة صغيرة »أيسي» تروي قصة شقيقيها، وأبيها »كوجو» تختلط الحكايات والدراما بالأحلام والأساطير الأفريقية-وهي مسيطرة علي أجواء معظم الأفلام الأفريقية في المهرجان-ونعرف أن أبيها الحالم الذي لم يكن يؤمن بغير قريته التي تحيطها البحار، تتحطم أحلامه وحياته بعد خيانة زوجته التي تهرب من القرية بعدما يسيطر عليها الطامعين في الذهب، ويبدأ الصراع بين الأخوين، ويبدأ الفيلم نفسه في اللامعقول وادعاءات غريبة، ليضفي المخرج علي فيلمه ملامح سيريالية أدت لنتيجة عكسية تماما، ومزيد من الغموض السخيف الذي لا داع ولا مبرر له سوي التعالي علي الجمهور الأفريقي واستهداف المهرجانات، فكان الفيلم شديد الارتباك وافتقد مغزاه وأعتقد أن اختياره للافتتاح جانبه التوفيق خاصة والهدف من المهرجان جذب الجمهور العادي وليس فئة مميزة من المثقفين والسينمائيين. أفلام مسابقة الحريات كانت من أفضل الاختيارات في المهرجان خاصة وهي مفتوحة المجال لاشتراك أفلام خارج حدود القارة، مما منحها فرصة أخري للتميز، وشملت أفلاما تناقش قضايا عديدة ومختلفة في إطار تيمة الحرية.. كما كانت الأفلام القصيرة هي الأكثر تميزا في المهرجان وهي ملحوظة جديرة بالانتباه ليس في مهرجان الأقصر وحده ولكن في المهرجانات المصرية عامة، فالأفلام القصيرة غالبا ما يكون مستواها الفني والفكري عاليا لكنها بكل أسف لا تجد طريقا للعرض علي الجمهور إلا من خلال المهرجانات. عرض خاص لنادي الرجال السري في العاشرة صباح اليوم تقام مائدة مستديرة مع مديري المهرجانات الأفريقية والعربية وحوار حول دور منصات صناعة الفيلم الملحقة بالمهرجانات ودور المهرجانات في حلقة ترويج وتوزيع الفيلم. وفي الثامنة مساء اليوم يقام عرضا خاصا للفيلم المصري الكوميدي » نادي الرجال السري» بحضور مخرجة وبعض من صناعه وهو بطولة كريم عبد العزيز وماجد الكدواني وغادة عادل. ويختتم المهرجان فعالياته غدا في حفل يقام بمعبد الأقصر يحضره عدد من نجوم السينما المصرية والأفريقية ووزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم التي تشارك رئيس المهرجان السيناريست سيد فؤاد ومديرة المهرجان عزة الحسيني توزيع الجوائز علي الفائزين في مسابقات المهرجان المختلفة، كما سيتم خلال الحفل تكريم الفنان الشاب آسر ياسين.