كحشرات الشقوق، يكمنون في انتظار اللحظات المناسبة، ويتسللون إلي الزوايا وأعطاف الشوارع، ليندسوا بين الملايين الكادحة من البسطاء الطيبين، ويبثون سموم تشكيكهم في الأذهان والضمائر، ويلقون بذور السخط والضغينة في النفوس الوديعة الباحثة عن الرزق، وعن السكينة، يلعبون علي أوتار الأسعار، ويعزفون علي لحن الاكتواء بلهيب الغلاء، يضخمون الهنات، ويعمقون الجراح، ويكبرون الأخطاء، ويتسربون إلي الأزقة والطرقات، ليلهبوا المشاعر بأحاديث الإفك، والعبارات المحرضة، التي تهيج الأوجاع، وهم بارعون مدربون في نفخ الرماد علها تشتعل، وتنتشر وتتعالي ألسنتها لتلتهم كل شيء، فذاك هو غرضهم الدنئ، وتري بعضهم مندسا في وسائل المواصلات الشعبية، ينفثون في هوائها الأحقاد، ويوغرون الصدور علي البلاد والعباد، ومن يضحون بأرواحهم من أجل افتداء الأوطان، وحماية القيم، يشوهون كل شيء، ويهيلون التراب فوق أي إنجاز صنعته الأيدي المخلصة بعد عناء، ويسخرون من الجهود المضنية، والدماء السائلة كي تحفظ الأمة، وتفتدي الناس، وحديث هؤلاء المرجفين المفضل هو إثارة الضغائن والأحقاد واستعداء الفئات والطبقات علي بعضها البعض، و»شيطنة» أبطال الجيش والشرطة في عيون الملايين من البسطاء الطيبين، ويتفنون في شق الصفوف، والطعن في حقائق الوجود بدءا من رب الأكوان الخالق العظيم، ومرورا بالقيم والأخلاق.. حارسة المجتمعات، وتركيزا علي ضرب وحدة الأوطان، وحتي الوجوه المعطاءة، والرموز المضحية لا تسلم من تشكيكهم، ومعاول هدمهم، وهكذا يفعلون في ترابط عجيب، وتنسيق واضح صريح، وكما أسلفنا في مقال الأسبوع الماضي، وتوجهنا بالسؤال إلي ضمائر الأمة اليقظة: عمن يكون هؤلاء الفوضويون الذين ينشرون في ربوعنا الدمار، ويقدمون الظهير المعنوي للقتلة والإرهابيين سفاكي الدماء المدمرين، بتوجيه رياح السخط وأعاصير الغضب إلي المدافعين عن الكيان، وتري مشهدا عبثيا كئيبا، حيث ينسجم خوارج العصر مع جحافل الهدم المتطرفين من غلاة الاشتراكيين، ويمضون معا علي نهج الدمار والهدم، متعاضدين، إذ يجتمع المتشددون من الخوارج مع متطرفي الاشتراكيين المسيئين لليسار الوطني نحو هدف واحد، وهو هدم كل شيء بأية وسيلة، وعبر ما يتاح من طريقة، المهم أن ينهار الكيان، وتسقط مؤسساته، حتي يتحول الوطن العظيم إلي ركام، ويضحي الشعب الكريم أشتاتاً من اللاجئين المشردين، فهل نحن منتبهون؟!!