المبادرة لمواكبة واقع الناس لتصحيح المفاهيم الخاطئة ودعم المفاهيم الصحيحة من منظور شرعي وباستخدام أحدث الوسائل العصرية التي تعتمد عليها أغلب شرائح المجتمع وخاصة الشباب،أصبحت هي فلسفة الأزهر التي ينطلق منها في الفترة الأخيرة لتبليغ رسالته لأكبر عدد من المسلمين في العالم. مؤخرا أطلقَ المركزُ الإعلاميّ للأزهر الشريف، بالتعاون مع مركز الأزهر العالميّ للفتوي الإلكترونية، حملة »نَصيبًا مَفْروضًا»، التي تستهدف التوعيةَ بفلسفة الميراث وأحكامه في الإسلام، وبعض أشكال الظلم التي يتعرّض لها بعضُ الورثة؛ بسبب العادات والتقاليد، أو فهْم البعض الخاطئ لأحكام الشريعة، وتَبعات ذلك علي الأسرة والمجتمع. وتُسَلِّط الحملةُ الضَّوءَ علي بعض المظاهر القَبَليّة والعادات والتقاليد التي تَحرم المرأةَ من حقّها الشرعيّ في الميراث، مع توضيح أَنصبة المرأة في حالات الميراث المختلفة، بالإضافة إلي بيان الحكمة والفلسفة من الميراث، والعِلّة من تقسيم التركة كما هي مُحَدَّدة في القرآن الكريم. كما تَتَناوَل الحملةُ عِدّة جوانبَ يَغفل عنها البعضُ في توزيع التركة، وبعض الجوانب المُهمّة التي تَخُصّ المُوَرِّثَ والوارث، وذلك عَبْرَ عِدّة فيديوهاتٍ قصيرة، يتمّ نشرها عبرَ صفحات الأزهر الرسمية، علي مواقع التواصل الاجتماعي. النزول لأرض الواقع يوضح الشيخ معاذ شلبي أحد شباب الأزهر الذين يعملون في الحملة أن إطلاق تلك الحملة يأتي في ضوء توجيهات الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لكافّة أبناء الأزهر، بمُختلِف تخصُّصاتهم، بالنزول إلي أرض الواقع، ومُعايَشة الجماهير وتَلَمُّس همومهم، والبحث عن حلولٍ ناجحة وواقعيّة للمشكلات المجتمعية، كما هوالحال بالنسبة لقضية حرمان المرأة من الميراث في بعض الحالات، كما تستهدف الحملةُ تَفنيدَ المَزاعمِ الباطلة التي يُرَدِّدها البعضُ حول فلسفة الميراث في الإسلام، والمَقاصِد الشرعية لأَنصبة الورثة وترتيبهم. ويشير إلي أن الحملة تأتي بالتعاون مع المركز الإعلامي للأزهر وتبث رسائلها عبر أعضاء وعضوات مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية ومنهم محمود السيد وأحمد أبوضيف ومحمد الخولي وأسامة علي وأحمد عادل ومي مرسي وهبة إبراهيم ورشا كمال. ويضيف أن رسائل الحملة تركز أيضا علي الحقوق المتعلقة بتركة المتوفي قبل توزيعها علي الورثة، مبينة أن الإسلام منهج شامل لمراحل عمر الإنسان المختلفة، وأن الشريعة الإسلامية انفردت بترتيب حقوق للإنسان قبل ولادته وبعد وفاته. وتوضح الحقوق المتعلقة بتركة المتوفي قبل توزيع الميراث، وما يتقدم منها علي غيره، وكيفية أداء ديون المتوفي سواء أكانت متعلقة بالله أم بالعباد،وتوضح أحكام الوَصيّة، مُبَيِّنَةً أنها من الأمور التي يَغفُل عنها كثيرٌ من الناس في عصرنا الحاليّ، رغم ثوابها الكبير؛ فقد حثّ الإسلامُ عليها، ودعا إليها النبيُّ -صلّي الله عليه وسلّم- لزيادة حسنات المتوفي ورفْع درجاته، وتَدارُك ما وقع منه خلال حياته من أخطاءٍ أو تقصير، وتشرح الشروطَ الواجبَ تَوافُرُها في الوصية ومقدارها، والحُكم الشرعيّ لو قام الورثة بتقسيم التركة قبل أن يُنفذوها، كما تعرض»الوصيةَ الواجبة»، مُبَيِّنَةً الحكمةَ من مشروعيتها، وأنها شُرِعَتْ من أجل الحفاظ علي تَماسُك الأُسر وسلامة القلوب من البغضاء، وحماية الأحفاد من الفقر والاحتياج، كما توَضِّح المستحقّين لها، ونصوصَ القانون المتعلّقة بها. والحُكمَ الشرعيّ لواجتمعت الوصية الواجبة مع الوصية الاختيارية. إنصاف المرأة ويؤكد أن الحملة تفند »أشكالَ ظلم المرأة في الميراث»، موَضِّحةً أن الإسلام دينٌ عظيم متكامل، سبَقَ الشرائعَ والقوانين الوضعية في إنصاف المرأة، وكفالة حقوقها، منذ ما يزيد علي 1400 عام،وأن تعاليم الإسلام تُنَمّي في البشر قيَمَ الرحمة والفضيلة والعدالة، وتمنعهم من الأنانية والظلم وانتقاص الحقوق، مُبَيِّنَةً أنّ تَعَرُّض المرأة للظلم في الميراث ليس له عَلاقةٌ بالدين، بل ببعض الدَّوافع والحُجج الواهية. كما تتناول »عقوبة ظلم المرأة في الميراث»، موضحة أن جميع أشكال ظلم المرأة في الميراث محرمة، ولا يمكن القبول بها مطلقا، وهي ذنب عظيم أيا كان دافعه، سواء كان من مورث أومن وارث، مشددة علي أن العادات والتقاليد التي تخالف أوامر الإسلام وتعاليمه لا قيمة لها علي الإطلاق، بل يحرم العمل بها، وتؤكد علي أن ظلم المرأة في الميراث معصية لله ورسوله وتعد علي حدود الله؛ لأن الذي ورَّث المرأة هوالله سبحانه وتعالي، فلا يجوز لعبد من العباد حرمانها، بالإضافة إلي أن من يحرمها من ميراثها سوف يحرم من ميراثه في الجنة. ويشير الشيخ معاذ شلبي إلي أن الرسائل القادمة سوف تركز علي عطية المورث حال حياته وتبين الصحيح والخطأ فيها وكذلك سوف تتناول أثر الميراث بصفة عامة علي العلاقات الاجتماعية وكيف يؤثر علي سلامة الصدور وسعادة الناس وتعاونهم والتفريق بين العدل والمساواة حيث حقق الشرع العدل بينما حققت أنظمة أخري المساواة ولم تحقق العدل لأنها لم تفطن للفلسفة الحقيقية للميراث في الإسلام،مؤكدا أن الأزهر بعد الانتهاء من هذه الحملة سيبدأ في حملة جديدة تواكب أيضا حركة المجتمع وتلبي حاجات الناس.