رحم الله زميلي وصديق عمري الكاتب الصحفي مصطفي بلال الذي ودعنا قبل أيام بعد حياة حافلة في بلاط صاحبة الجلالة.. عندما خرج بلال علي المعاش قرر أن يتقاعد وصمم علي موقفه رغم إلحاح كل الزملاء الذين يرونه خسارة كبيرة.. لم يتراجع عن قراره وقال لنا جميعا إنه مرتاح لقراره.. وظل حلم عودة مصطفي بلال إلي العمل مطلبا للجميع من زملائه وتلاميذه فقد كان مهنيا من الدرجة الأولي ويتميز بخلق رفيع وطيبة وحب للعمل.. وفي عزاء الزميل الراحل الكاتب الصحفي رضا محمود رحمة الله عليه.. جاء مصطفي بلال ليقوم بواجب العزاء الذي تحول إلي مظاهرة حب لشخصه النبيل.. وألح كل الزملاء عليه أن يعود إلي مكانه جنديا مخلصا من أبناء »الأخبار» وتحمس الزميل العزيز الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق وكان وقتها رئيسا لتحرير »الأخبار» ورئيسا لمجلس الإدارة وألح علي بلال أن يعود ونجح في إقناعه.. وأخيرا عاد مصطفي بلال من جديد وأصبحنا نسعد بوجوده صباح كل يوم في صالة التحرير.. يقرأ صفحات الجريدة .. وللحق كانت عيونه تلتقط كل خطأ ليصححه.. لم يكن يسمح بأن يمر خطأ ما وهو موجود في صالة التحرير.. كان مجرد وجوده مبعث علي الاطمئنان. وعندما تولي تولي الزميل العزيز الكاتب الصحفي الكبير خالد ميري رئاسة تحرير » الأخبار».. ولأنه يعرف قدرات مصطفي بلال عينه مستشارا له لشئون التحرير حيث اتخذ من صالة التحرير مكانا يمارس منها مهامه ورفض بإصرار أن يجلس في مكتب منفرد وفضل الصالة مكانا له. من الزميل العزيز الراحل تعلمت كثيرا.. وكان يتميز بإنسانية شديدة.. لا يفرض رأيه علي أحد وإذا أراد شيئا يطالبك بكل أدب.. كان عزيز النفس شديد الاعتزاز بنفسه.. أستاذا في مهنته.. وأذكر أنه حينما كان يخرج في إجازة سريعة كان حريصا أن يخبر الجميع ويوصيهم بأن يراجعوا الجريدة بدقة متناهية. مظاهرة الحب التي واكبت عودته.. كانت تعبيرا من كل الأجيال بأنه حبيب الجميع.. وكانت تلك المشاعر الجميلة والحزن الذي علا الوجوه صغيرا وكبيرا والتي عبر عنها الجميع يوم وفاته.. استفتاء شعبيا علي المكانة الكبيرة التي كان يحظي بها. كان مصطفي بلال رحمة الله عليه راضيا بقضاء الله.. فقد تعذب في مرضه المفاجئ فلم يسخط أو يحزن ولم يشك.. رحمة الله عليك يا أخي وغفر الله لك وأسكنك فسيح جناته.. كنت صبورا شاكرا.. خالص العزاء لأسرتك الصغيرة وزوجتك الصابرة الشاكرة ولبناتك ولأسرتك الكبيرة » الأخبار» التي لن تنساك أبدا. طبيب الغلابة قبل أيام رحل عنا الصديق العزيز والمحترم الدكتور محمود شعبان طبيب الغلابة كما كان يطلق عليه المصريون في سلطنة عمان.. كان بحق رمزا إنسانيا عظيما.. لا يتخلف عن أداء الواجب لأي مصري حتي ولم يكن يعرفه.. جاء محمود شعبان إلي مسقط في منتصف الثمانينيات ليفتتح عيادته الخاصة.. لا أذكر مرة واحدة أنه أخذ مقابلا من شخص غير قادر بل كان يتبرع بالكشف والتحاليل في عيادته لأي مصري يعلم بظروفه.. ومع مرور الوقت أصبح واحدا من سفراء مصر الذين يؤكدون علي عظمة المصريين في الغربة.. رحم الله محمود شعبان وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وأصدقاءه الصبر والسلوان.