كلما تصفحت ذلك اللعين ( الفيس بوك) و تجولت عيناي بين منشوراته .. استشاط عقلي بين منشور هذا ومنشور ذاك فالجميع يتبارى فى التصدى للفتوى و النقد و المشاورة و الاستعراض بمعلومة صحيحة أو مغلوطة .. وكل يدلوا بدلوه بعلم وغير علم .. حتى بات ذلك اللعين هو الحاكم بأمره فى جميع أرجاء الكرة الأرضية فهو يرفع ناس و يحط من ناس ويرمى أخرين بسفاهة ويعظم أخرين ويسقط حكومات ويصدر إعدامات (إلا من رحم ربي) و كلما نظرته أو اقتربت منه أجدنى وبتلقائية وكأنما هناك من يحدثنى بداخلى : "ليس لها من دون الله كاشفة" وأرى الساعة شاهرة نفسها أمام عينى وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يتردد فى أذنيا "عن أبي هريرة رضى الله عنه سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة."[ زيادات الجامع الصغير للسيوطي ] ففسر الرسول صلى الله عليه وسلم الرويبضة بأنه السفيه الذي لا عقل له ، ولا كياسة عنده يتكلم في أمر العامة . وهذا من فساد الأمور، وانقلاب الأحوال، ورجوع الأمر القهقرى في آخر الزمان . وفي حديث آخر فسر الرسول الرويضة بأنه الرجل الفاسق فقد جاء في كنز العمال عن أنس بن مالك : إن أمام الدجال سنين خداعة! يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب، ويخون فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضة قيل: وماالرويبضة؟ قال:الفاسق يتكلم في أمر العامة. فكلمة الرويبضة لا يعدو معناها عن أن يتكلم في الأمر من لا يصلح ، أي أن الأمر يوسد لغير أهله . وقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله لما سئل عن الساعة أجاب قائلا : ” فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ . قَالَ : كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ “. فمن توسيد الأمر إلى غير أهله وأن يتكلم الرويبضة، وأن يتخذ الناس أئمة جهالا فيفتون بغير علم ، فهذا جميعه من أشراط الساعة . عصمنا الله من أهوالها . وفى كل مرة أجد للفيس بوك وجهاً قبيحاً وقد كتب على جبينه "الرويبضة فى أبهى صورها " فيا له من أرض خصبة لكل رويبضة بل هو ذاته الرويبضة التى تتجسد جلية بكل ما فيها فيحق التحقق من أننا نعيش هذا الزمان الذى أنبأ به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وقد تمرغنا فى هذا الزمان بين غباره و أغياره و ثوراته وحماقاته وليس إلا القليل مما رحم ربي بنا فيه .. فاللهم أعيذنا من الفيس بوك ومن شره وشر ما فيه.