نبهني ما كتبته هالة أمين في جريدة الدستور عن بيع خطاب لأينشتاين، المولود في 14 مارس 1879، والمتوفي في 15 أبريل 1955، والحاصل علي جائزة نوبل في الفيزياء 1921، أب النسبية بعد أن وضع النظرية الخاصة والنظرية العامة النسبية الشهيرتين وهما اللبنة الأولي للفيزياء. الوثيقة بيعت ب 3 ملايين دولار. إلي التوقف مجدداً أمام قضية حيرتني كثيراً كلما اقتربت من أينشتاين وحكاياته. والوثيقة التي بيعت بهذا المبلغ الضخم - علي الأقل في حساباتنا نحن - عنوانها: رسالة الله. وهي مكتوبة في عام 1954، أي قبل رحيله عن الدنيا بعام واحد. ومكتوبة بخط يده. ولم تكشف وكالات الأنباء عن الشخص الذي اشتري الوثيقة بمبلغ فاق توقعات المحترفين في تجارة مثل هذه الوثائق. توقفت مجدداً أمام حيرتي حول موقفه من العدو الإسرائيلي. الأمر يحتاج لدراسات متخصصة تعتمد علي الوثائق وتعود إلي سياقات التاريخ لكي تخرجني من هذه الحيرة التي تلازمني كلما فكرت في الأمر. يقول التاريخ إن علاقة أينشتاين بالصهيونية اتضحت بعد الحرب الأولي وحركة معاداة السامية التي دفعته لإعادة اكتشاف انتمائه للشعب اليهودي والاكتتاب في الحل الصهيوني. حاول أينشتاين الجمع بين دعمه للمثل الصهيونية الوطنية، وبين النظرة العالمية التي التزم بها. ووصل تدريجياً لدعم إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين كحل للمشكلة اليهودية. وجمع تبرعات لتأسيس صندوق يهودي في فيلاديلفيا عام 1936، وهو الذي قال بعضمة لسانه: ليس هناك يهودي واحد جيد لا يقف وراء أعمال البناء في فلسطين. التطورات اللاحقة تؤكد لنا أنه بعد اغتصاب فلسطين وتأسيس دولة علي الأرض المغتصبة من أشقائنا الفلسطينيين عُرِض علي أينشتاين 1952 منصب رئيس الدولة، قبل وفاته بثلاثة أعوام. رفض بسبب عدم رغبته في الانخراط في السياسة. وقدم برنامجاً من عدة نقاط يضمن التعايش بين اليهود والفلسطينيين. فهل نفهم من هذا أنه بعيداً عن السياسة وتعقيداتها؟ وعن الحق الفلسطيني الذي لا يناقش؟ وعن المدي العدواني الذي وصل إليه العدو الإسرائيلي بعد رحيله عبر حروب خاضها ضد الفلسطينيين وجيرانهم العرب ومستمرة حتي الآن. قال أينشتاين عام 1938 أي قبل اغتصاب فلسطين ب 10 سنوات: يجب علي اليهود أن يعقدوا اتفاقاً مع العرب لكي يستطيعوا العيش معاً في سلام. بدلاً من تكوينهم مجتمعا يهوديا عنصريا. إن إدراكي للطبيعة الجوهرية اليهودية يقاوم فكرة قيام دولة يهودية ذات حدود، وأرفض تماماً فكرة طرد الفلسطينيين من أرضهم لإقامة أمتنا. لا أحب الدخول طرفاً فيما قاله عن اليهودية. يهودي ينتقد دينه. ولكن عندما ألهث وراء المعني قد يكون اعتقادي ليس من حقي. ثم إن ما يقوم به العدو الإسرائيلي منذ اغتصابه فلسطين لا علاقة له باليهودية كدين سماوي. الذي يعنيني موقفه من الكيان الصهيوني. رحل عن عالمنا بعد 7 سنوات من قيام الدولة. ورفض أن يكون رئيسها. فهل اليهودية بالنسبة له كانت أمراً؟ والعدو الإسرائيلي كان أمراً آخر؟ أم أن ممارسات الدولة العبرية سببت له حالة من خيبة الأمل؟. يا علماء التاريخ: أين أنتم؟!.