إدجار مويو رئيسًا للدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    حزب الوعي يطالب بإنشاء مرصد لمراقبة مبادئ حقوق الإنسان    توريد أكثر من 300 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    تخصيص قطع أراضي لصالح مسار القطار الديزل وحرمه بمحافظة مطروح    بعد وقوع الهزة الأرضية اليوم.. هل دخلت مصر حزام الزلازل؟ معهد البحوث الفلكية يُجيب    تشيلسي يعلن ضم صفقة جديدة    مهاجم بيراميدز: إبراهيم عادل أفضل من زيزو وإمام عاشور    المشدد 5 سنوات لعامل لاتجاره في المخدرات بالعبور    محافظ البنك المركزي الياباني: لن نتجه نحو رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي    وزير الداخلية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بمناسبة عيد الأضحى    الرئيس اللبنانى خلال لقائه عراقجى: لبنان يتطلع لتعزيز العلاقات مع ايران    خلافات بشأن ملف الهجرة تسقط الائتلاف الحاكم في هولندا    تورنتو ستار الكندية: تحقيق بشأن جنود إسرائيليين بتهم جرائم حرب في غزة    Alpha وAirbus يدمجان الذكاء المسير في قلب العمليات الجوية العسكرية    خالد عيش: أوضاع العمال في مناطق النزاع تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    «التحدي الأكبر».. لاعب بورتو البرتغالي يتغنى ب الأهلي قبل مونديال الأندية    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    تشيلسي يفشل في الإبقاء على سانشو    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    ارتفاع تدريجى في درجات الحرارة.. «الأرصاد» تعلن حالة الطقس اليوم وغدًا بالإسكندرية (تفاصيل)    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    الخارجية: يجب الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكل دول العالم    قطاع المسرح ينعى الفنانة سميحة أيوب: اليوم تنكس رايات الإبداع ألما ووفاء    بعد نفي شائعة زواجها.. مها الصغير تستعيد ذكرياتها مع والدها: «كل يوم ببقى محتاجة ليك أكتر»    التعليم تطلق الحفل الختامي للدورة التاسعة لمسابقة "تحدي القراءة العربى"    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    حكم صيام يوم التروية.. أدعية مستحبة في اليوم الثامن من ذي الحجة    «ذبح وتهنئة وفُسح».. طقوس المصريين للاحتفال ب«عيد الأضحى»    فريق طبى بمستشفى جامعة قناة السويس ينقذ حياة مريض بالقلب    السبكي: الشراكة المصرية الألمانية في الصحة نموذج للتحول الرقمي والتميّز الطبي    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    محافظ القليوبية يوجه باستمرار صرف الألبان خلال عطلة عيد الأضحى    "الزراعة": التفتيش على 289 منشأة بيطرية خلال مايو واتخاذ الإجراءات ضد 64    "يونيسف" تطالب بفتح تحقيق دولى بعد عدوان إسرائيل على طالبى المساعدات فى غزة    المشاط تبحث مع الاتحاد الأوروبي إتمام المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلى    جامعة القاهرة تدعم الرياضة المصرية بتعاون وثيق مع الاتحاد المصري لألعاب القوى    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    مدير الإغاثة الطبية بغزة: مراكز توزيع المساعدات في القطاع مصائد لاستهداف المواطنين    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    سويلم يتابع ترتيبات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"    وزارة السياحة والآثار تستضيف وفدًا صحفيًا من المكسيك في زيارة تعريفية للمقصد السياحي المصري    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    سكاي: برونو فيرنانديز لا يريد الانتقال إلى الدوري السعودي هذا الصيف    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    قرار عاجل من التعليم بشأن المدارس الرسمية الدولية lPS (مستند)    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    «هاجي في يوم وهقتله».. يورتشيتش يمازح مصطفى فتحي بسبب عصبية الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلا ملاحظات
ديكتاتورية الرأي وفنجان النسكافيه

لا بد أن نعي أولا أنه لا يمكن أن نُحدث أي تقدم أو تنمية بدون تقويم سلوكياتنا، ولا بد أن نعترف أننا في أشد الحاجة لعلاج سلوكياتنا أولا، بداية من الأسرة والمدرسة والمؤسسة التي نعمل بها.
فلا يمكن أن نقوم بأي عمليات إصلاح لمؤسساتنا دون إصلاح لنفوسنا وسلوكياتنا في المقام الأول؛ حيث إن السلوكيات السلبية تمثل عائقًا كبيرًا أمام الكثير من الإصلاحات التي عاهدنا أنفسنا عليها، فسلوكيات الشعوب تكون انعكاسًا لمدي تمدنهم وتحضرهم.
فبالرغم من مباركة الثورة لحرية الرأي والتعبير عن أوجه النظر المختلفة، إلا أننا وجدنا بعض السلوكيات المنتقدة للأسف من بعض الأفراد الذين أخطأوا الفهم بمفهوم حرية الرأي علي أنها دكتاتورية الرأي، أو فرض آرائهم علي الآخرين، أو عدم احترام شيوخنا وكبارنا، فأصبحنا نجد علي الساحة وفي مشاهد كثيرة في وسائل الإعلام المختلفة والندوات والمؤتمرات حالة من انعدام الوزن، أو الفوضي في التعبير عن الرأي، وفوضي في الاختلاف، كلٌّ يحاول فرض رأيه علي الآخر.
ويري جموع المثقفين والمفكرين أن الوطن يمر الآن بمحنة، وأن مستوي الأخلاق والسلوكيات ينحدر بشدة، الأمر الذي يستدعي صحوة مجتمعية للتصدي لهذه الظاهرة بقوة ضد فوضي السلوك وديكتاتورية الرأي، مع وضع ضوابط وقوانين صارمة لمثل هذه السلوكيات التي تعطل عجلة الإنتاج وتضر بالوطن في ظل إرساء مبادئ الشفافية والمصداقية والعدالة الاجتماعية، مع ضرورة التوعية المجتمعية من قبل مؤسسات المجتمع المدني بالدولة من مراكز الشباب والنوادي والإعلام والمؤسسات الدينية والأحزاب، وغيرها، لتدريب النشء علي تقبل رأي الآخر، وعدم الاستحواذ علي الرأي.
وطبقًا لأساتذة علم الأجناس فلقد عُرف الأتراك والمصريون في الأسر المصرية التقليدية بصلابة الرأي والعناد، فجزء من مشكلة ديكتاتورية الرأي يكمن في توارث هذا السلوك عبر الأجيال، وشِقّ فيها يتمثل في عدم التدرب علي ثقافة تقبل رأي الآخر، نتيجة الأنظمة السلطوية التي مرت بنا عبر التاريخ.
ولعل هذا الموضوع الذي يؤرقني من شبابنا ذكّرني بقصة طريفة منذ ما يقرب من ثمانية عشر عامًا عندما كنت بصحبة أسرتي، وكان ابني البكر محمد وهو لا يتعدي عامًا ونصفا، وكان منذ أن كان عمره شهورًا مغرمًا بطعم ورائحة القهوة وأنواعها إلي درجة عجز الكثيرون عن تفسيرها، علمًا أننا نرفض تمامًا أسلوب تدليل الأولاد فيما يسمونه أساليب التربية الحديثة، فكان ولا بد أن يشارك ابني أي ضيف في فنجان القهوة الذي يقدم له، بالرغم من الحرج الذي كان دائمًا يسببه لنا، وإصرارنا وحرصنا الدائم علي تقديم مشروبات الأطفال المفيدة له، ولكن بدون جدوي، وبإصرار وتصميم منه؛ حيث لا يوجد بديل عنده لمشروب القهوة أو النسكافيه الذي كان يعشقه.
وذات مرة قررنا أنا وأسرتي أن نستريح من عناء اليوم بمدينة لندن البريطانية، فتوجّهنا إلي كافيتريا شهيرة بمنطقة بيكادلي رود، فما أن جاءت المضيفة لسؤالنا عن المشروبات التي نطلبها، فطلب أغلبنا فنجان النسكافيه أو الشاي، وحمدت الله أن ابني كان وقتها نائمًا نومًا عميقًا، فما أن جاءت المضيفة بالنسكافيه حتي أفاق ابني مرددًا كلمة "بوه أفيه" أي نسكافيه، دون جدال أو نقاش، وبإصرار لا رجوع فيه، وعندما حاولنا إقناع المضيفة أن تأتي له بفنجان صغير مزود ببعض الحليب لكي نفرغ له بعض قطرات النسكافيه منعًا للإحراج الذي سيسببه لنا لم تكن تصدق ما نفعله؛ لأنه طبقًا للقانون البريطاني لديهم أنه لا يسمح بأي كافيتريا تقديم الخمور أو السجائر لأقل من 18 عامًا، وأعتقد أن شرب القهوة بالنسبة للأطفال سيكون مندرجًا تحت هذه القائمة أيضًا، فما كان علي مدير الكافيتريا إلا التوجه مع بعض أفراد المضيفات بجميع أنواع مشروبات الأطفال واللعب أمام ابني لكن دون جدوي وبإصرار وبغضب شديد منه ليلقي بأي بديل للنسكافيه، وفي دهشة ومشهد لا ينسي أضحك كل روّاد الكافيتريا من الإنجليز والعرب.
ولكن بالرغم من تيقننا أن ديكتاتورية الرأي قد تكون موروثة في الأصل في الجينات المصرية، وأن الموضوع لدي ابني قد لا يقتصر علي الإصرار علي شرب النسكافيه فقط عندما يشب، ولكن قد يمتد لأمور حياتية أخري، إلا أننا مع إصرارنا كأسرة وبالصبر والعزيمة نجحنا بحمد الله علي ترويض هذا السلوك الديكتاتوري فيه منذ الصغر من خلال متابعتنا المستمرة له لتقويم هذا السلوك، وتشجيعه علي السلوكيات السوية، وعلي مشاركة الحوارات المختلفة بملتقيات الشباب، وتدريبه علي تقبل رأي الآخر.
فبإمكاننا تقويم أي سلوك سلبي لدينا من خلال الإصرار علي ذلك والصبر والتدرب عليه. وللحديث بقية في موضوع سلسلة تقويم سلوكياتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.