عندما فشلت الخطة الاسرائيلية لاحراق الجنود المصريين في القناة عند العبور في أكتوبر وأغلق سلاح المهندسين أنابيب النابالم لم تكن القيادة الإسرائيلية تتوقع في حرب أكتوبر أن تتوصل المخابرات الحربية إلي الخطة الجهنمية التي أعدتها لمحرقة الجنود المصريين وإبادتهم بالآلاف في مصيدة قناة السويس.. وأن تكتشف القيادة المصرية -في الوقت المناسب- خطة أنابيب النابالم والصهاريج المدفونة في تحصينات خط بارليف والتي تنتهي فتحاتها الي مياه القناة مباشرة لكي تكون جحيما في النار المشتعلة لو حاولت القوات المصرية العبور الي الضفة الشرقية في سيناء.. وتكتمت اسرائيل هذا السر حتي يكون مفاجأة حارقة للمصريين وحاجزا أمام الوصول الي حافة خط بارليف الحصين ولم تقدر الفشل لذلك! كانت خطة جهنمية لو تم فتح الأنابيب بالنابالم المتدفق الي مياه القناة وبحيث تحاصر القوات المصرية عند العبور وتوقعها في مصيدة الهلاك تحت قصف الطيران الاسرائيلي.. ولكن يشاء القدر أن تنكشف الخطة الاسرائيلية قبل ليلة 5 أكتوبر وصارت لدي المخابرات الحربية معلومات كاملة عن خزانات النابالم التي أقامها الإسرائيليون في خط بارليف ليصبها عبر المواسير في مياه القناة حتي تتحول الي جحيم حارق للقوات المصرية عند العبور.. وكانت المعلومات مزودة بالتفاصيل وتتضمن مواقع المواسير وفوهاتها.. وعندما علم اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية بهذه المعلومات الخطيرة قام بإبلاغها سرا الي الفريق أحمد اسماعيل قائد الجبهة، وطرحت فكرة أن تقوم مجموعة من الصاعقة بعملية إبرار جوي -في العمق- لتفجير خزانات النابالم ولكن بدت العقبة في عدم معرفة مكانها بالتحديد واحتمال اكتشاف الاسرائيليين للعملية.. ووضعت خطة بديلة لسد فوهات المواسير. وفي ليلة 5-6 اكتوبر قامت مجموعة جسورة من القوات الخاصة التابعة لسلاح المهندسين بالغطس تحت الماء الي الضفة الشرقية للقناة، وجرت العملية في الليل وكان الأمر يتطلب العبور الي الساتر الترابي وتفتيش خط بارليف في مناطق محددة -طبقا لمعلومات المخابرات الحربية- لتحديد أماكن الفتحات ومسار الأنابيب الخفي من العمق الي ضفة القناة.. وأخبرني أحد المهندسين الذين شاركوا في المهمة مدي الخطر الذي تعرضوا له فقد كان من الممكن ان ينكشفوا في أية لحظة اثناء غطسهم بجوار الشاطيء.. ولكنهم تمكنوا من إزالة توصيلات المواسير وقاموا بسد فوهات أخري وبذلك يستحيل ضخ النابالم من خلالها عند فتحها من مكانها في سيناء.. ورغم نجاح المجموعة في مهمتها لم يطمئن القادة إلا عندما نجحت القوات المصرية في عبور القناة واقتحام خط بارليف.. وتساءل قائد جبهة القناة: كيف لم يكتشف الإسرائيليون إغلاق أنابيب النابالم؟ وكيف فشلت خطة ديان؟ وجاءت الاجابة بعد ساعات قليلة عند وصول أول مجموعة من الأسري الاسرائيليين، عندما اكتشف رجال المخابرات الحربية أن من بينهم أحد المهندسين المسئولين عن خزانات النابالم.. ووقتها سأله مدير المخابرات: ماذا حدث؟ وأجاب المهندس الاسرائيلي: كانت التعليمات لدينا تؤكد علي ضرورة اختبار أنابيب النابالم فجر كل يوم.. ولكن لان يوم السادس من أكتوبر هو عيد »كيبور« لم يتم اختبار الأنابيب إلا في الساعة العاشرة صباحا.. وعندما فوجئوا بأنها لا تعمل أرسلوا في استدعائي وكنت في إجازة في تل أبيب.. ولكن عندما وصلت الي الموقع في خط بارليف كانت الحرب قد قامت وسرعان ما وقعت في الأسر! وكان لفشل عملية أنابيب النابالم تأثير علي نجاح عبور القوات المصرية الي الضفة الشرقية وإقامة رؤوس الكباري والاستيلاء علي التحصينات المهمة في خط بارليف خلال ست ساعات فقد فوجيء الإسرائيليون بالعبور الكاسح وتدفق الآلاف من الجنود المصريين! واصيب الجنرال موشي ديان بانهيار عندما علم بفشل الخطة وذهب الي جولدا مائير وأبلغها بذلك! لغز لعبة الريان الأربعاء: هكذا عرفت الريان »فتحي وأحمد« بالمصادفة عندما جاءا الي أخبار اليوم للاتفاق علي إعادة طبع كتب التراث الإسلامي.. ووقتها لم أفهم السبب وراء ذلك ولكن ربما كانت محاولة لتجميل صورة الأخوين الريان من أصحاب اللحي الطويلة والجلابيب من تجارة العملة الذين نهبوا الملايين تحت غطاء مشروعات شركات توظيف الأموال التي اجتذبت أموال ومدخرات الباحثين عن الربح الحلال كما كان يروج الريان والسعد وامثالهما.. وقد طفت هذه الظاهرة الخطيرة الي السطح عندما عانت حكومة الدكتور عاطف صدقي من نقص الدولار والعملات في السوق وعدم توفير السيولة المطلوبة في البنوك لاحتياجات الحكومة والقطاع الخاص وانتهز تجار العملة الفرصة لجمع الدولارات.. وكان الأخوان الريان قد عادا من السعودية بعدما تعلما اللعبة من شركة الراجحي التي تتعامل بالشراء والبيع في سوق العملات المعروضة علي أرصفة مكة والمدينة المنورةوجدة وفي محلات الصرافة.. وبدأت في اجتذاب المدخرات من المودعين من خلال الأرباح المرتفعة و»المغرية« عن سعر الفائدة في البنوك وبذلك جمعوا الملايين من الدولارات وأصبحوا يسيطرون علي سوق العملات في فترة وجيزة وازداد الإقبال علي ايداع ودائعهم عند الريان مقابل نسبة الربح التي تصل الي عشرين في المائة! في هذه الظروف جاءني فتحي الريان في مكتبي وكنت أريد أن أفهم أبعاد اللعبة الخطيرة التي يقوم بها والتي تلحق اضرارا جسيمة بالاقتصاد المصري، وكيف يدفع العائد المرتفع لهذه الودائع.. وفوجئت به يقول: صدقني أنا لا أملك إلا الجلباب الذي ألبسه، وهذه فلوس الناس أستثمرها في السوق في مشروعات مختلفة وأقوم بتدويرها ثلاث مرات في السنة بدلا من دورتين كما تفعل البنوك وبذلك أحقق مكاسب مضاعفة للمودعين!.. وفهمت من كلامه أنه يسدد الأرباح من أموال المودعين الجدد وهكذا في دائرة مغلقة لا تنتهي وشعرت بالشكوك في أكبر عملية نصب تتم تحت سمع وبصر الحكومة.. والغريب انه كان هناك وزراء ومسئولون ساهموا في تقديم التسهيلات للريان مقابل العمل عنده كمستشارين بمكافآت طائلة ولا أريد أن أذكر اسماءهم. وكانت هناك كشوف البركة التي يدفعها الريان شهريا للمسئولين في مجالات مختلفة -ومنهم مديرو البنوك- لتسهيل حصوله علي الدولارات! وقد انكشف الريان عندما خسر أحمد أكثر من 002 مليون دولار نتيجة المضاربة في سوق الفضة في لندن ونتج عن ذلك قصور في السيولة وامتنع عن دفع الأرباح للمودعين الذين تدافعوا لسحب أموالهم، واتصل الريان بشركة الراجحي في السعودية لتغطية موقفه وبالفعل تلقي أكثر من المبلغ المطلوب.. وتراجع المودعون عن السحب وقام الريان بترتيب زيارات لمخازن الخشب وحظائر الماشية في الطريق الصحراوي لكي يطمئن المودعون علي أموالهم في مشروعاته ونجح في خداعهم مرة أخري وإزداد الإقبال علي إيداع المدخرات عنده مقابل الربح الحلال المضاعف! وكان الخطأ القاتل الذي وقع فيه الريان والسعد عندما قررا الاندماج في كيان واحد لتوظيف الأموال وخرجت الصحف بإعلانات صفحات تحت عنوان »اتحاد العمالقة« مع صورة الأخوين الريان وأشرف السعد وكان الهدف هو السيطرة علي السوق المالي وبما يهدد النشاط المصرفي للبنوك، ووقتها انتبهت الحكومة الي المخطط الرهيب الذي تقوم به شركات توظيف الأموال.. وكانت بداية النهاية عندما وقع فتحي الريان فريسة الإدمان للحبوب المنشطة ووقع أحمد الريان في فخ الزيجات والمغامرات النسائية بأموال المودعين.. وقد تابعت مسلسل الريان في التليفزيون من خلال معايشتي لصعود وسقوط الريان واستطاع المؤلف »حازم الحديدي« أن يسجل بدقة الوقائع لأخطر عملية نصب ووقع فريستها آلاف الضحايا من المودعين! وقد تردد ان الريان كان يعمل مع شركات المال اليهودية في لندن وكان شريكا في المضاربات التي كانت تقوم بها في سوق الحبوب وسوق الفضة والذهب ولذلك اشتري معظم محلات الذهب في مصر!