أتخيل يوما عندما يوجه السؤال إلي مختلف مؤسساتنا الدينية: عملتوا إيه لتجديد الخطاب الديني.. سيرد المسئولون والدمعة تفر من أعينهم »عملنا ميثاق وتلات ندوات وتسع مؤتمرات بالصلاة علي النبي».. طب كتر خيرهم والله.. حنطلب أكتر من كده إيه.. هل تصورتم مجرد التصور أن يجرؤ أحد منهم ليقول سننقي كتب التراث من الخرافات والإسرائيليات ومن كل ما يخالف القرآن الكريم؟.. استحالة طبعا.. فهم قد نشأوا وترعرعوا في ظلالها ونالوا عنها »الماجستيرهات والدكتوراهات» وأصبحت تجري في عروقهم مجري الدم، فكيف يستطيع أحدهم الآن أن يعلن علي الملأ أن تلك الكتب غير صحيحة أو غير دقيقة أو تحتاج للمراجعة.. وعليّ أن أعترف أنه بقدر حبي وتأييدي المطلق لرجال قواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة في جهودهم الحثيثة لمقاومة الإرهابيين في سيناء ومختلف البؤر الإرهابية في طول البلاد وعرضها، إلا أنني أيضا أشفق عليهم لأن ماكينة تفريخ الإرهابيين الجدد تعمل بكل نشاط ولا تتوقف أبدا، أبسطها ما تزخر به كتب التراث من خرافات وأساطير وحتي أمهات الكتب لأئمة عظام لم تنج هي الأخري من الإسرائيليات وقد برهنت علي ذلك أكثر من رسالة دكتوراه بحثت وتحرّت في تفسيري الطبري والقرطبي علي سبيل المثال، وتبين وجود إسرائيليات فيهما ودون نقد أو تعليق، ليس هذا فقط بل بقيت أيضا في الطبعات الحديثة دون أي مساس بها وكأنها نص من السماء.. هل تصدق عزيزي القارئ أنه في تفسير الطبري لما حملت السيدة رفقة زوجة النبي إسحاق بغلامين وأرادت أن تضع اقتتل الغلامان في بطنها علي أسبقية النزول ولما بدا ليعقوب الانتصار في تلك المعركة وهم بالنزول قبل أخيه العيص قال له العيص والله لئن خرجت قبلي لأعترضن في بطن أمي ولأقتلنها فتأخر يعقوب فخرج العيص قبله وأخذ يعقوب بعقب أخيه العيص، فسمي العيص عيصا لأنه عصي وسمي يعقوب يعقوبا لأنه أخذ بعقب أخيه.. وهكذا عزيزي القارئ ما أكثر الخرافات التي تضمها هذه الكتب بين دفتيها.. أما الطامة الكبري فهي بحق في الأحاديث المدسوسة علي النبي صلي الله عليه وسلم مثل من بدل دينه فاقتلوه وأمرت أن أقاتل الناس وجئتكم بالذبح وغيرها مما يدحضه القرآن تماما.. يا سادة لا مفر من مراجعة تلك الكتب وإعادة طبعها في سلاسل جديدة خالية من كل ما يخالف القرآن الكريم، وبمعني آخر خالية من خطاب الكراهية والتحريض والإرهاب.. فهذا في رأيي المتواضع هو المخرج الوحيد من حوسة تجديد الخطاب الديني.. وشهد شاهد من أهلها تعليقا علي مقال الأسبوع الماضي حول حتمية أن يكون القرآن الكريم هو المعيار الوحيد لقبول الروايات التراثية أو رفضها أرسل لي الدكتور محمد أبو زيد الفقي عميد كلية الدراسات مؤيدا ذلك بكل قوة حيث يجب أن يعتبره أهل العلم المبدأ والأساس الذي لا قبله ولا بعده لقبول أو رفض الروايات الأخري.. ده رأي مين أعزائي القراء؟.. ده رأي أستاذ كبير من أساتذة الأزهر لخص في كلمات قليلة كيف يكون تجديد الخطاب الديني والذي »احتاست» فيه مختلف المؤسسات الدينية.. ما قل ودل: لا تعاتب أحدا، افعل كما يفعلون..