يسجل التاريخ بأحرف من ذهب بطولات خير اجناد الأرض من أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين قدموا أرواحهم فداء لوطنهم وارتوت الأرض الطيبة بدمائهم الزكية.. وستظل أسماؤهم مضيئة علي لافتات الشوارع والميادين والمدارس تخليدا لذكراهم وتكريما لاسرهم. من بين هؤلاء الشهيد البطل العميد أركان حرب أحمد محمد عبدالله الكفراوي 43 عاما ابن قرية صفط زريق مركز ديرب نجم الذي استشهد يوم 28 ديسمبر من العام الماضي مع آخرين إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها الإرهابيون في طريقهم أثناء قيامهم بمداهمة وكر ارهابي بمدينة بئر العبد بشمال سيناء. التقت »الأخبار» بزوجته فاطمة الزهراء عطية يوسف 40 عاما التي بدت متماسكة ثم انخرطت في البكاء وتقول: تم زواجي في 2005 ورزقنا الله بأربعة أطفال: مريم 12عاما ونورهان 10 سنوات ومحمد 7 سنوات وياسين 5 سنوات وتفرغت لتربية أطفالي نظرا لظروف عمل زوجي. وتنهمر الدموع من عينيها وتقول: لقد كان زوجي هادئ الطباع دمث الخلق شجاعا لا يهاب أي شئ.. وكان يرفض ارتداء القناع الاسود والملابس الواقية من الرصاص وكان يتسابق مع زملائه لتأمين الوطن وحمايته من دنس الإرهاب الاسود ودائما يقول لي إنه في مهمة وطنية ومستقبل مصر مرهون بما يقدمه وزملاؤه من جهد وتضحية في الحرب ضد الإرهاب.. وتستطرد قائلة: منهم لله القتلة ما ذنب أطفالي الأربعة أن يعيشوا بلا أب؟! لم يتبق منه سوي لقطات مصورة أو مسجلة ربنا ينتقم منهم ويحرق قلوبهم علي أعز ما لديهم وتضيف: الشهيد كان كتوما لا يتحدث عن عمله ولم أكن أعلم انه الحاكم العسكري لمدينة بئر العبد وقبل استشهاده بأيام قليلة أخبرني بمنصبه الذي تولاه وعندما شعر بخوفي وقلقي عليه قال لي: الاعمار بيد الله وياريت انال الشهادة فبادرت بقولي: بعد الشر فكان رده بأن »الشهادة عمرها ما كانت شر بل شرف وكرم من عند الله» وتقول: لقد كان زوجي مستهدفا ومرصودا من الإرهاربيين وتعرض لمحاولتي اغتيال حيث قاموا باطلاق الأعيرة النارية علي سيارته تارة وزرعوا عبوة ناسفة أسفل مدرعته تارة أخري وانقذه القدر من الموت لعدم تواجده بداخلهما ولكن الخونة تربصوا له واغتالوه وحرموني وأطفالي منه. وقالت فاطمة الزهراء: لقد احتسبته عند الله شهيدا ويكفيني فخرا انني زوجة الشهيد وانني قدمت أغلي هدية لمصر وهو فداء لها ولترابها.. وأوضحت أن زوجها كان حريصا علي غرس مبادئ الولاء والانتماء للوطن في نفوس أطفالنا الأربعة حيث كان يروي لهم بطولات القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب الاسود وتأمين بلادهم من شروره. وتستطرد قائلة: لقد كتب وصيته قبل استشهاده بأسابيع قليلة وبادرت بفتحها عقب وفاته.. حيث أكد فيها علي عدم البكاء عليه وأن يدفن بجوار والده بمقابر الأسرة وأن أبلغ أطفالي بأنه قام بعمل عظيم وربنا اختاره ليكون مع الشهداء في السماء. وتقول إن الشهيد كان يحظي بحب قادته وزملائه وأهالي مدينة بئر العبد.. حيث تم دعوتنا بعد استشهاده لتناول طعام الإفطار معهم خلال شهر رمضان الماضي وتم تكريمنا. كما تم تدشين صفحة علي الفيس بوك بعنوان محبي الكفراوي.... وقامت احدي فتيات مدينة بئر العبد بتوزيع مصاحف علي روحه. كما تم إطلاق اسمه علي معسكر ومدرسة بمدينة بئر العبد. وأشارت إلي انها سعيدة بالعملية الشاملة لتطهير سيناء من الخونة لتزامن ذلك مع ذكري الأربعين لزوجها الشهيد مؤكدة أن النار المشتعلة في صدرها بدأت تهدأ قليلا لأخذ الثأر لزوجها وزملائه. وقالت إن الدولة لم تنسهم حيث تم توفير فرصة لأداء فريضة الحج وتمت دعوتهم لقضاء عيد الفطر المبارك مع الرئيس عبدالفتاح السيسي وقدم المحافظ اللواء خالد سعيد العزاء لهم وأطلق اسمه علي المدرسة الثانوية الصناعية بمسقط رأسه. وتقول والدة الشهيد فوزية محمد منصور إن ابني أحمد هو أول فرحتي وله شقيقان أميرة 42 عاما متزوجة وتعمل مدرسة وعبدالله 39 عاما محاسب بشركة استثمارية.. والتحق أحمد بالكلية الحربية عام 1992 وتخرج عام 1995وانتقل في عمله من الجيشين الثاني والثالث الميداني وكان سعيدا بعمله وكان يقول لي دائما: »لا تخافي يا أمي ابنك راجل» وتنخرط في البكاء وتقول: سامحوني الفراق صعب وبكائي ليس اعتراضا علي قضاء الله بل بكاء الفراق ابني ليس خسارة في مصر وقد ترك لنا العزة والفخر والسيرة الطيبة منهم لله القتلة قصموا ظهري واغتالوا فلذة كبدي وسندي في الحياة حسبي الله ونعم الوكيل فيهم. ويقول شقيق الشهيد عبدالله 39 عاما المحاسب بشركة استثمارية: لقد كان شقيقي الشهيد طيب القلب بشوشا محبوبا بين الجميع متواضعا وكان متميزا في أداء عمله كقائد لفرقة الاستطلاع وأعد خريطة حدد فيها اوكار الإرهابيين وقبل وفاته بساعات قليلة دون علي الواتس اب الخاص به: اللهم اني وهبت ثواب هذا اليوم لوجهك الكريم استودعتك أهلي وأطفالي يارب العالمين.