فوجئت بأن غدا نصف رمضان وذهلت من سرعة دوران الايام وندمت علي ما ضاع من أوقات وفكرت ماذا أفعل لاستدرك واعوض شيئا مما يضيع وقررت أن أخصص هذا المقال لأذكر نفسي وألزمها بالعودة والانتباه. فهذا الشهر يمثل أحد أركان الاسلام بصيامنا فيه. وقد تعهد الله بثواب صيامنا من بين سائر أعمالنا ليجزينا عنه.. وفيه ليلة هي افضل من ألف شهر يعني أفضل من عبادة 38 سنة صائما نهارها قائما ليلها. وهو شهر المغفرة ومحو الذنوب والسيئات ورفع الدرجات فكيف تتسرب الساعات والايام والليالي من بين أيدينا ونحن نعيش شهر رمضان دون أن نغتنمها لدرجة أن نصف رمضان مضي وماهي الا لحظات قليلة لنجد أنفسنا نهنئ بعضنا بقدوم العيد.. إذن ماذا نفعل وكيف نزيد من أعمال الخير فيما تبقي لنا من رمضان؟!.. اتصور أننا جميعا نعرف الكثير من أبواب الخير ولكن المهم أن نطرقها بكلتا يدينا وبعزيمة حقيقية وجدية كاملة فهذا هو الافعال الذي يرضي ربنا عنا.. ما رأيك مثلا ان تصوم رمضان مرتين أو حتي عشرة.. نعم »فمن فطر صائما كان له مثل أجره« وطبعا الباب مفتوح لكي تفطر مائة صائم تضعهم كلهم في ميزان حسناتك وستفرح جدا أنك فعلت ذلك عندما يأتي الوقت الموعود! وما رأيك في عشر دقائق يغفل عنها كثير من الناس تدخل فيها مغارة مليئة بالذهب والمجوهرات، تنهل منها ما تشاء بغير حساب.. نعم إنها الدقائق العشر الاخيرة في الصيام حيث يكون كثيرون مشغولون بالحديث واللهو والانتظار بينما تنتهزها أنت فرصة لترفع كفيك بالدعاء والابتهال كأنك تري النار وتتضرع الي الله ان تنجو منها وتشم ريح الجنة وتسأل الله ان تكون من أهلها. فانظر كيف يكون إقبالك علي الله رائعا وبديعا في تلك اللحظات! وما رأيك ان تفكر قليلا في بعض أقاربك الذين لم تسأل عنهم منذ فترة وحتي اصدقائك القدامي منذ ايام الدراسة فتتصل بهم بمناسبة هذه الايام الفاضلة وتسأل عن أحوالهم وانظر كيف سيكون وقع هذه المكالمات علي نفوسهم وكم تتسبب في اسعادهم، وقتها سيشعرون بقيمة رمضان وقدرته علي تجميع الناس ولو بالتليفون. هل المسألة صعبة؟ مؤكد لا.. بل هي جميلة ولكن الشيطان لعنه الله يصدك عنها بدعوي انها أعمال زائدة لا تتناسب مع مشغولياتك. ولكن اعلم ان ما تفعله هو قلب الدين وليست اعمالا زائدة. فلماذا لا تعطيها ولو نصف ساعة كل يوم؟! وما رأيك عندما تتوجه لصلاة القيام في المسجد ان تحرص علي التعارف مع جيرانك. ابتسامة ودودة تقول فيها اسمك وصفتك وانت تصافح جارك في الصلاة فيقول لك بدوره اسمه وبذلك يمكنك ان تناديه وتتعامل معه لتزداد صلتك به مع الايام حتي تكونا أخوين تحابا في الله وتصبحان بهذا الحب من اهل الجنة!! نعم ابواب الخير كثيرة جدا وكان النبي صلي الله عليه وسلم يحب أن ينوع من عباداته ويكثر منها في رمضان. فلنتأس به ونقلده عن عمد حتي نظهر حبنا له. والمرء يوم القيامة يحشر مع من أحب. سنة الاعتكاف سنة الاعتكاف في العشر الاواخر من رمضان هي من السنن المؤكدة.. وهي إجازة جميلة من مشاغل الحياة.. ومثلما كنا نحرص علي اجازة المصيف ونعد لها العدة والنفقة ما رأيك هذا العام ان نأخذ اجازة لاحياء هذه السنة الجميلة. نتفرغ للقرآن والدعاء والذكر.. ونعيش في بيت الله الذي جعله بجوار بيوتنا. لذلك فمن الآن خذ اجازة وما لايدرك كله يعني عشرة أيام.. لايترك كله يعني ممكن اجازة خمسة ايام.. وصدقني.. ستفرح بانقطاعك لله.. وبأنك هجرت الدنيا ومتاعها ومباهجها لكي تكون بين يدي الله زائرا له في بيته.. وكان حقا علي المزور وهو الله تبارك وتعالي أن يكرم زائره اللي هو سيادتك فلماذا تتردد؟!