من أحسن ما قيل في عدد من البرامج الدينية القيمة التي نشاهدها في شهر رمضان الكريم عبارة قالها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، جاءت في برنامجه »الإمام الطيب» عن نعمة العقل التي منحنا الله إياها، ان من أهم وظائفه هي أن يصل بنا إلي وجود الله سبحانه وتعالي، ولكنه يقف علي الباب ولا يدخل معنا، لا يستطيع العقل أن يبحث في كينونة الله سبحانه وتعالي، ولا ذاته العليا، فهذه أمور يعجز عنها، وتفوق قدراته، فهو سبحانه لم يخلق العقل لهذا الهدف، وإنما خلقه كوسيلة لهدايتنا حتي نصل إلي اعتاب المولي عز وجل، وقتها تنتهي مهمته ويؤدي وظيفته، من هنا يصبح من غير المنطق أو العقل، أن نحمل عقولنا فوق ما تحتمل، ونجبرها علي البحث في ذات الله، ذلك أن العقل تتعلق بالمحسوسات، فالشيء إذا ظهرت آثاره وغابت ذاته، فللعقل أن يصول ويجول، أما الذات الإلهية فمن المستحيل أن يصل العقل إلي معرفة حقيقتها، ولذا يقول سبحانه وتعالي: »وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ» (الآية 255 من البقرة)، والعلماء في ذلك يروون عن أبوبكر الصديق مقولة هامة: أن العجز عن إدراك الإدراك إدراك، ويضربون بذلك مثل إنك أمام البحر، لو سألك إنسان كم لتر في هذا البحر، وقلت أي رقم فمعني ذلك إنك جاهل، وإذا قلت: لا أدري، فلا أدري هي العلم، فالله عز وجل اثبت لذاته في كتابه اسماء وصفات، وأثبت له النبي في سنته الصحيحة اسماء وصفات، وهذه أمور توقيفية لا يجوز أن نثبت صفة لم ترد في الكتاب ولا في السنة، بل نثبت ما أثبت الله لذاته وما أثبت نبيه من دون تحريف، فلا مجال لرأي شخصي إطلاقا، ولذا عندما قال موسي عليه السلام: رب أرني انظر إليك، قال: لن تراني، إذا لا تدركه الابصار، لأن الله سبحانه وتعالي أعلم بنفسه من خلقه، ورسوله أعلم الخلق بربه، والحقيقة المطلقة أنه لا يعرف الله إلا الله، فلا تكلف عقلك ما يعجز عن إدراكه.