المشهد السياسي الحالي.. يدعونا جميعا للتفكير والتمعن فيه.. شباب ثائر خرج ليطالب بالحرية والعدالة نجح فيما دعا إليه وأسقط نظام حكم استمر 03 عاما وينتظر أن تتحقق مطالبه في الحرية والعدالة بين طبقات المجتمع. يقابل ذلك مجلس عسكري مؤيد لهذه المطالب وداعم للشباب الثائر وساع في تنفيذ مطالبهم وحكومة مكلفة بالحفاظ علي استقرار الوطن أمنيا واقتصاديا وتحقيق المطالب التي كلفت بها من قبل الثوار والمجلس العسكري. هذا هو المشهد العام الواضح أمام الجميع وأبطاله الثلاثة حتي ولو اختلفوا علي آليات التنفيذ أو أولوياته ولكن هناك مشهدا آخر لايزال خفيا علي الجميع يتمثل فيمن يسعي للفرقة بين الأطراف الثلاثة للوصول إلي هدف غير معلن للوصول الي اسقاط مصر كدولة وككيان لها نفوذ في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص. المشهد الخفي سعي أبطاله إلي تنفيد مرحلته الأولي عن طريق اشاعة الفوضي بعد اسقاط النظام الحاكم وكانت غايته تدمير البنية الأمنية ومحو مؤسسة الشرطة ونجح المخططون في ذلك نجاحا مبهرا وعندما استشعر القائمون علي هذا المشهد نجاحهم انتقلوا إلي مرحلته الثانية والتي تتمثل في اشاعة الفوضي الإعلامية فأصبح الإعلام فرقا متناحرة وانصب هدف الجميع لارضاء الشباب الثائر حتي ولو كان ذلك ضد قناعات القائمين علي وسائل الإعلام وفي ذلك السياق انتشرت دعاوي التشكيك في السلطة القضائية وأصبحت أحكام القضاء تناقش في وسائل الإعلام حتي ان أحد المحامين قال في مداخلة تعقيبا علي قرار محكمة »ان ما يحدث من تباطؤ يصل إلي حد التواطؤ« وأصبح القضاء وهو الحصن الآمن للعدالة في مصر علي شفا الدخول في معارك إعلامية ليدافع عن نفسه وهو نجاح مبهر آخر للخطة الموضوعة. ليتطور الأمر للجانب الثالث من الخطة للنيل من المجلس العسكري فبدأت الأصوات تتجه إليه في البداية بالنقد وانتهي الأمر إلي محاولة موقعة العباسية والتي اختاروا لها ليلة 32 يوليو وهو تاريخ يضع الكثير من علامات الاستفهام في ظل ترويج إعلامي للمقارنة بين ثورة 52 يناير وثورة 32 يوليو وعقد مقارنات بين الثورتين. ويبقي السؤال هل كل ما يحدث مجرد صدفة أم هو مخطط له بعناية ووفق أولويات نحو تحرك للوصول إلي الهدف الأعلي وهو اسقاط مصر؟؟ وأتصور ان الأمر لا يمكن أن يكون مجرد صدفة وإنما هو تحرك واع ولا أدعي علمي بالقائمين علي هذا المخطط وإنما من المؤكد أن هناك من يسعي بقوة في هذا الاتجاه محركين للأحداث ومستخدمين فورة الشباب وتحمسه لتحقيق أهدافهم ليفوزوا ويهنأوا في النهاية بما حققوه من خلف الستار في انتظار لحظة الانقضاض علي الفريسة التي انهكوها باهلها. أكتب هذه السطور ولا أحد يعلم ما ستسفر عنه أحداث الغد وهل ستهدأ الأمور أم سيتأزم الموقف وتتشابك الخيوط وتصبح أكثر تعقيدا عما هي عليه الآن ولكن المؤكد اننا جميعا في حاجة إلي لحظة هدوء سواء مع النفس أو مع القائمين علي البلد لتتحقق المطالب وتستقر الأوضاع وهي دعوة لن تجد مستجيبا لها لأن هناك من هو مستفيد من تأجج الأوضاع علي النحو الذي هي فيه. أتمني أن نهدأ وألا نري موقعة جديدة في العاشر من رمضان أو نهدأ قليلا لنفاجأ بأحداث أخري في السادس من أكتوبر وكأننا نريد هدم تاريخنا ولا نريد البناء.