من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، وقد حذرنا الرسول من ذلك، وعندما سُئل قال: »يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه» وللأسف معظم الشباب يأخذ هذا السباب علي محمل المزاح مع اصدقائه، فكيف نقضي علي هذه الظاهرة؟ يقول د. مصطفي عرجاوي استاذ القانون بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الاسلامية أن جميع المذاهب الفقهية نصت صراحة علي حرمة إهانة الأبوين، قال تعالي : »وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ» »فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا» بل وامرت الشريعة الاسلامية كل انسان ان يخاطب والديه بالحسني، قال سبحانه »وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» فلا يعقل ان نبدل كلام الله ولا نستجيب لاوامره ونسيء للوالدين قولا أو فعلا أو إشارة.. ويضيف: أن من صور العقوق ايضا إهمال الوالدين وتركهما عرضة للحاجة وخاصة عندما يتقدم بهما العمر. فنفقة الوالدين واجبة علي الابناء. قال الرسول- - لأحد الاعراب عندما اشتكي ابيه إنه يريد أخذ جزء من ماله : »أنت ومالك لأبيك». ان اطيب ما اكلتم من كسبكم وأن اولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا، وأيضا عندما لا يحسن برهما فيكتفي بالسؤال هاتفيا كل حين. وحديثا ارسال رسالة علي مواقع التواصل الاجتماعي معتقدا انه بذلك قد برهما وانتهت مهمته اليومية أو الأسبوعية بالسؤال عنهما لدرجة ان بعض الاباء يتوفون دون ان يدري أحد ولا حتي الابناء، فلو شغلتك الحياة يجب ان تكون مكانة والديك أعلي وأسمي فلولاهما ما كنت أنت وأيضا احزان الوالدين برفع الصوت وتعمد جرحهما والسخرية منهما وانتقاد افعالهما التي لم تعد مواكبة للعصر من وجهة نظر الابناء وعدم الاصغاء الي حديثهما وعندما يفضل الزوج زوجته أو الزوجة زوجها عن والديه والتعدي علي الاباء بالقول أو الفعل ووصل الامر الي قتلهما!!. سيئة جارية وتعليقا علي ما تساهم به بعض مواقع التواصل الاجتماعي والمسلسلات والبرامج في الاساءة الي الوالدين وبالاخص الأم يؤكد د. عرجاوي ان من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الي يوم القيامة، فمن ينشر مقطعا فيه اساءة للوالدين فكأنما نشر الفساد ويتعاون علي الاثم والعدوان مخالفا قوله تعالي »وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» فهذه جريمة مستمرة طالما أن ما ينشر موجود ويشاهده الناس وينصب الاثم علي كل من يطلع عليه دون ان يزيله أو يستنكره مصداقا لقول الرسول- صلي الله عليه وسلم : »من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان»، »وان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» فيجب علي ولاة الأمر من المسئولين من خلال النيابة العامة ممثلة في النائب العام تحريك الدعاوي الجنائية ضد من يقومون بنشر اهانة الوالدين بأي صورة ويروجون لها لأن في ذلك اساءة للأمن الاسري الذي هو من الأمن القومي فلا قوة لشعب بدون قوة اخلاق تتوافر في الاسرة ولا نكتفي بالاستنكار أو بيان الحكم الشرعي والقانوني. بل لابد من معاقبة المسيء فالقانون يعاقب علي السب والشتم والقذف فمن يسب انسانا بأبيه أو أمه في أي وسيلة من وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي أو امام الناس من حقه ان يرفع الامر الي القضاء وهناك عقوبات مقررة تبدأ من الغرامة والحبس سنة الي ثلاث سنوات حسب درجة الفحش والجرم في القول، ولا يصلح الهزل بسب الوالدين أو الام ولو علي سبيل المداعبة أو المباسطة. فهذا لا يتفق مع الشريعة ولا القانون ولا العرف الذي تعارف عليه الشعب المصري كله من احترام وتوقير للوالدين وبخاصة الأم التي شدد الرسول علي رعايتها وحسن معاملتها. ويكفي كما جاء في الحديث القدسي: »يوم تموت الأم ينادي مناد من السماء يا ابن آدم ماتت من كنت تكرم من اجلها فأعمل عملا صالحا تكرم من اجله»، وما يقدم علي الشاشات من المفترض ان يوصل القيم والمبادئ لا أن يرشح ما يهدمها ويقلده الابناء وهم لا يدرون ان لذلك عقوبة في الدنيا والاخرة. القيم الاجتماعية ويقول د. علي سليمان استاذ الدراسات التربوية والنفسية بجامعة القاهرة : اسباب تطاول الشباب بسباب الأم والأب الآن ترجع الي عدة عوامل اولا: قيمة الأم والأب ومكانتهما ليست موجودة في المناهج الدراسية. لاننا نركز علي الناحية التعليمية ونسينا القيم الاجتماعية. فمثلا في المدارس اليابانية التركيز أولا علي تربية شخصية الطفل وحبه لاسرته وبلده. وتشمل هذه التربية الاحترام الجاد للوالدين لحد التقديس. اما نحن فلدينا وزارة التربية والتعليم إلا أن التربية اختفت ونجد التلاميذ يتطاولون علي المدرس الذي هو رمز للأب والمعلمة التي هي رمز للأم. العامل الثاني: أما الاعلام خاصة الفضائيات فنجد في برامج الحوارات »التوك شو» الشتائم بالأم والأب تارة علي سبيل الهزار وتارة علي سبيل الجد وهذا للأسف من شخصيات كبيرة محسوبة علي المجتمع المصري أنها قدوة ورمز.. والغريب ان قنوات الاسرة لم تعد تقدم برامج هادفة أو قصصاً وحكايات تنمي الاخلاق والقيم بل أصبح الهدف المادي هو الاساس فتقدم اعلانات هابطة. أما العامل الثالث: في البيت المصري نفسه فالاولاد يجدون اباءهم وامهاتهم يشتمون اطفالهم بالأب والأم مما افقدهم القدوة الحسنة والنموذج. ويضيف: ان العلاج هو تنمية ثقافة الخلاف في الرأي والفكر فليس أي خلاف مبرراً للشتائم والسباب.. ايضا لابد من اعادة تشكيل شخصية الطفل من البيت والحضانة وحتي الجامعة وذلك من خلال تدريس مقررات لعلم النفس التربوي وعلم الاجتماع التربوي للجميع. واخيرا قطع أي لفظ خارج من أي برامج أو مسلسلات كما كان يحدث في الزمن الماضي.