نحن نبدأ تلاوة القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم، لنتذكر دائما أبواب الرحمة المفتوحة لنا، نرفع أيدينا إلي السماء ونقول : يا رب رحمتك، تجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا، وبذلك يظل قارئ القرآن متصلا بأبواب رحمة الله كلما ابتعد عن المنهج أسرع ليعودإليه، فما دام الله هو الرحمن الرحيم لا تغلق أبواب الرحمة أبدا. فأنت لا تستطيع أن تبدأ عملا بغضب الله .. إذا أردت أن تسرق أو أن تشرب الخمر.. أو أن تعمل عملا يغضب الله.. وتذكرت بسم الله.. فإنك ستمتنع عنه.. ستستحي أن تبدأ عملا بسم الله يغضب الله.. وهكذا ستكون أعمالك كلها فيما أباحه الله. الله تبارك وتعالي حين نبدأ قراءة كلامه بسم الله.. فنحن نقرأ هذا الكلام لانه من الله.. والله هو الإله المعبود في كونه.. ومعني معبود أنه يطاع فيما يأمر به.. ولا نقدم علي ما نهي عنه.. فكأنك تستقبل القرآن الكريم بعطاء الله في العبادة.. وبطاعته في »افعل» »ولا تفعل».. وهذا هو المقصود أن تبدأ قراءة القرآن بسم الله الذي آمنت به ربا وإلها.. والذي عاهدته علي أن تطيعه فيما أمر وفيما ينهي.. والذي بموجب عبادتك له سبحانه وتعالي تقرأ كتابه لتعمل بما فيه.. والذي خلق وأوجد ويحيي ويميت وله الامر في الدنيا والآخرة.. والذي ستقف أمامه يوم القيامة ليحاسبك أحسنت أم أسأت.. فالبداية من الله والنهاية إلي الله سبحانه وتعالي. بعض الناس يتساءل: كيف أبدأ بسم الله.. وقد عصيت وقد خالفت.. نقول: إياك أن تستحي أن تقرأ القرآن.. وأن تبدأ بسم الله إذا كنت قد عصيت.. ولذلك أعطانا الله سبحانه وتعالي الحيثية التي نبدأ بها قراءة القرآن فجعلنا نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم.. فالله سبحانه وتعالي لا يتخلي عن العاصي.. بل يفتح له باب التوبة ويحثه عليها.. ويطلب منه أن يتوب وأن يعود إلي الله.. فيغفر له ذنبه، لان الله رحمن رحيم.. فلا تقل : إنني أستحي أن أبدأ بسم الله لانني عصيته.. فالله سبحانه وتعالي يطلب من كل عاص أن يعود إلي حظيرة الايمان وهو رحمن رحيم.. فإذا قلت: كيف أقول بسم الله وقد وقعت في معصية أمس. نقول لك: قل بسم الله الرحمن الرحيم.. فرحمة الله تسع كل ذنوب خلقه.. وهو سبحانه وتعالي الذي يغفر الذنوب جميعا. والرحمة والرحمن والرحيم.. مشتق منها الرحم الذي هو مكان الجنين في بطن أمه.. هذا المكان الذي يأتيه فيه الرزق.. بلا حول ولا قوة.. ويجد فيه كل ما يحتاجه لنموه مسيرا.. رزقا من الله سبحانه وتعالي بلا تعب ولا مقابل.. انظر إلي حنو الأم علي ابنها وحنانها عليه.. وتجاوزها عن سيئاته وفرحتها بعودته إليها.. ولذلك قال الحق سبحانه وتعالي في حديث قدسي: »أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته». الله سبحانه وتعالي يريد أن نتذكر دائما أنه يحنو علينا ويرزقنا.. ويفتح لنا أبواب التوبة بابا بعد آخر.. ونعصي فلا يأخذنا بذنوبنا ولا يحرمنا من نعمه.. ولا يهلكنا بما فعلنا، ولذلك فنحن نبدأ تلاوة القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم.. لنتذكر دائما أبواب الرحمة المفتوحة لنا.. نرفع أيدينا إلي السماء.. ونقول : يا رب رحمتك .. تجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا. وبذلك يظل قارئ القرآن متصلا بأبواب رحمة الله.. كلما ابتعد عن المنهج أسرع ليعود إليه.. فما دام الله هو الرحمن الرحيم لا تغلق أبواب الرحمة أبدا.. علي أننا نلاحظ أن الرحمن والرحيم من صيغ المبالغة.. يقال : راحم ورحمن ورحيم.. إذا قيل : راحم فيه صفة الرحمة.. وإذا قيل: رحمن تكون مبالغة في الصفة .. وإذا قيل : رحيم تكون مبالغة في الصفة.. والله سبحانه وتعالي رحمن الدنيا ورحيم الأخرة.. صفات الله سبحانه وتعالي لا تتأرجح بين القوة والضعف.. وإياكم أن تفهموا أن الله تأتيه الصفات مرة قليلة ومرة كثيرة. بل هي صفات الكمال المطلق.. ولكن الذي يتغير هو متعلقات هذه الصفات.