أزمة إعلامية حقيقية تشهدها حاليا الساحة المصرية علي المستوي الرسمي وغير الرسمي وضعت الثورة في مأزق إعلامي خطير بجانب الانفلات السياسي والأخلاقي والأمني. الامر الذي أدي إلي تشويه الحقائق والتاريخ والواقع في محاولة لإفساد فرحة الشعب المصري بثورته البيضاء حيث يؤكد التاريخ لنا أن أهم أسباب نجاح الثورات في العالم قديما وحديثا هو قيام الإعلام بدور فاعل ومؤثر في الرأي العام داخليا وخارجيا داعما لمبادئها وأهدافها.. ونظرا لعدم وضوح الرؤية للمشهد الحالي للساحة المصرية وتضارب آراء النخبة والمحللين وكتاب أعمدة الرأي في تفسير مايحدث فإن الخروج من هذا المأزق الإعلامي، يستلزم اللجوء للتاريخ لإنقاذ ما يمكن انقاذه.. وشهدت ثورة مصر الأولي عام 2591 نجاح رجال الثورة من الجيش المصري في استخدام سلاح الإعلام الرسمي وغير الرسمي لتحقيق أهداف ومبادئ ثورتهم التي تمثلت في تحويل نظام مصر السياسي من ملكي إلي جمهوري والقضاء علي الفساد والرشوة والمحسوبية وقاموا بإنشاء الهيئة العامة للاستعلامات في عام 4591 كمؤسسة إعلامية ولدت من رحم الثورة تمتلك آلة إعلامية ضخمة تمثلت مهمتها في تثبيت أركان الثورة داخل مصر لدي الرأي العام وحمايتها من الفلول الملكية والإقطاعيين، وكذلك في الخارج قامت بفتح المكاتب الإعلامية لنشر مبادئ الثورة والتسويق لها لرفع اسم مصر إقليميا ودولياً. ومنذ عام 4591 وحتي الآن والهيئة العامة للاستعلامات تقوم كمؤسسة إعلامية بدورها تحت اسم علم مصر لأن ميثاقها الإعلامي ينص علي ذلك دون النظر إلي من يحكم مصر حتي إن رؤساء مصر السابقين كانوا يولون رئاستها إلي رموز سياسية وإعلامية وعلي رأسهم رجل الدبلوماسية المصرية الأول عصمت عبدالمجيد. إن ثورة 52 يناير في هذا التوقيت في أمس الحاجة إلي أن يعلن المجلس العسكري ورئاسة الوزراء أن هيئة الاستعلامات هي المتحدث الإعلامي الرسمي باسم الثورة في المحافل الاقليمية و الدولية مع تطوير أدواتها وفكرها الاعلامي، حيث انتشر في الآونة الأخيرة لدي الاوساط الإعلامية و الشعبية أنها هيئة أمنية تخدم رجال النظام وهي مقولة خاطئة. إن الحلول للخروج من المأزق الخطير الذي فرضته الأوضاع السياسية التي تمر بها الثورة حاضرة لدي تاريخ ثورتنا المصرية خاصة بعد إلغاء وزارة الإعلام ومحاكمة وزيرها ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون. قليل من التطوير لهيئة الاستعلامات لتصبح المؤسسة الإعلامية الرسمية للثورة بدلا من إهدار الأموال في انشاء قنوات حكومية جديدة لا تفي بالأغراض السياسية والإعلامية للمرحلة الانتقالية التي تمر بها الثورة ولاتمتلك المقومات الإعلامية التي تمتلكها هيئة الاستعلامات التي تحمل اسم مصر في الداخل والخارج وهي مسئولية خطيرة خلق لها رجال من طراز مصري أصيل لهم رؤي استراتيجية لاتتعلق بسياسات حزبية أو وزارة أو رئاسة جمهورية أو مصالح شخصية، وهو ما يتوافق ومتطلبات روح ثورة يناير.