القراءة المتأنية في بيان د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بمناسبة مرور 001 يوم علي توليه المسئولية لها مجموعة من الدلائل المهمة. فلقد اعترف البيان بصراحة ودون مواربة بأن هناك تحديات كبيرة في نقص الموارد.. واضطراب الامن وتوترات طائفية ومطالب فئوية مشروعة وغير مشروعة.. انخفاض في الاستثمارات بكل انواعها، مشاكل لها ابعاد مؤسسية وثقافية عميقة أدت الي وجود مساحات متنوعة من الاتفاق والاختلاف بين القوي السياسية.. انهيار سياسي واقتصادي واجتماعي نزيف تنموي ادي الي فساد بلا حدود في جميع المجالات بالوزارات والهيئات والمصالح.. وقد وصف الجميع هذه الحكومة بأنها حكومة فدائية لتسيير الاعمال.. واستطاعت الي حد ما في ظل هذه الظروف مواجهة الازمات الشرسة التي خلفها النظام السابق والسير في طريق صياغة حياة جديدة بعد الثورة.. وايا كان الامر فإن معظم وزراء هذه الحكومة ليسوا رجال دولة وليس لهم سابق خبرة، لهذا لم يصدر أي وزير منهم قرارا جريئا بحسم قضية يضاف الي ذلك ان الجو العام لمحاكمات رؤوس الفساد وتوابعه ادي الي التردد في اتخاذ القرار.. وانعدمت قدرة الحسم في مواجهة الاحداث علي كل المستويات. وقد يبدو بديهيا الضعف في اتخاذ الاجراءات الفورية لحسم الامور والتصدي بالحكمة لاعمال التظاهر والتجمهر الممنوع قانونا نظرا لطبيعة المرحلة الانتقالية.. لهذا اذا وجه سؤال الي اي وزير ماهي خطتكم وتصوركم للمرحلة القادمة.. اشك ان يجيب بإجابة ترضي الطموحات وتحقق الرغبات.. فكشف الحساب الذي قدمه د. شرف للشعب يؤكد الشعور لدي النخبة والمواطنين بأنها امور عادية وليست نتاج ثورة تحدثت عنها الدنيا.. فلقد تجاوزنا الخطوط الحمراء وبرغم الارقام المخيفة التي اعلنت مؤخرا وحذرت من انهيار اقتصادي.. وافلاس الشركات واغلاق المصانع وزيادة كبيرة في معدلات البطالة.. وعجز بالموازنة يقترب من 21٪ من اجمالي الناتج المحلي.. فإن البعض من الشباب والكبار لا يزال غائبا عن الوعي بسبب عدم وجود سياسة او استراتيجية واضحة لدي الحكومة للتعامل مع هذه القضايا. الازمات التي واجهناها في الفترة الاخيرة مثل السولار والاسمدة والبوتاجاز تؤكد ان الفساد لا يزال مستمرا وانه مؤسس ومتغلغل في كل مناحي الحياة فلابد ان يجتث لضمان العلاج الناجح.. فلقد تصدت الحكومة لهذه الازمات بأساليب تقليدية كما كان قبل الثورة.. طوابير البوتاجاز اختفت وستعود للظهور قريبا.. معاناة الفلاحين من نقص الاسمدة اصابت الزراعة في مقتلها واضرت بمصالح الامن الغذائي. الحقائب الوزارية متداخله.. وزير المالية يتحدث عن التشغيل.. وزير العمل عن الاجور وزير التضامن عن الطرق.. ووزير الاسكان عن المناطق الاقتصادية. اري أن أول نشاط للحكومة بعد 001 يوم هو وضع الخطط والبرامج للمرحلة القادمة علي مستوي الوزراء ورئيس الوزراء.. الشعب لا يطلب منهم صنع المعجزات ولكن تصحيح المسار وترتيب الاولويات.. واقناع الرأي العام بالمشاركة في الخطوات المقبلة .. القدوة ضرورة.. نجاح الحكومة مرتبط بخط بياني باستعادة الوعي والقدرة علي المشاركة في صنع القرار.. هذا ليس ببعيد لكنه يحتاج الي الشجاعة والاعتراف بأن هناك ضعفا في آليات التنسيق بين الوزارات.. غياب المراقبة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.. وجود بعض الصعوبات والغموض.. الكرة الآن في ملعب الشعب وعليه معاونة الحكومة لاداء مهامها وضبط الاسواق ومواجهة الغلاء.. المطلوب العمل فقط والانضباط فهذا هو الطريق الوحيد لصناعة مستقبل جديد لمصر بعد ثورة 52 يناير.