يؤكد د. محمد الشوبري، المدرس بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن بناء الشباب هو أولي خطوات طريق بناء الأمة القوية، فالشباب هم عُدة بناة المجتمع، وقد حفظ لنا التاريخ الإسلامي مواقف صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم في بناء المجتمع ونشر تعاليم الإسلام السمحة البعيدة عن الإفراط والتفريط »وكذلك جعلناكم أمة وسطا» فهذا رسول الله يوظف الشباب التوظيف الأمثل في خدمة الدعوة، فيرسل مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام إلي المدينة ليفقه من آمن منهم في دين الله، ويمهد لدعوة الإسلام في المدينة، ويرسل أيضًا معاذ بن جبل إلي اليمن ليبصرهم بأمور الدين، وعند الهجرة يترك النبي فتي الفتيان علي بن أبي طالب في فراشه ويعهد إليه برد الأمانات إلي أهلها، وتري النبي يستعمل علي أحد جيوشه أسامة بن زيد وهو مازال فتي لم يتجاوز سبع عشرة سنة، وفي الجيش أشياخ الصحابة، وفي فعل الرسول صلي الله عليه وسلم القدوة الحسنة؛ فهو يختار الشباب مع وجود الشيوخ، ويضع كلا منهم في مكانه اللائق به ويعرف لكل منهم قدره. ويضيف د. الشوبري أن خطبة الجمعة من أشد الوسائل تأثيرا في المجتمع لو أحسن استعمالها والإعداد لها، فالخطيب يستطيع تحديد مشكلات المجتمع ووضع حلول لها كما كان النبي صلي الله عليه وسلم يفعل، وخطبة الوداع خير شاهد ومثال علي ذلك، فقد حدد النبي مشكلات مجتمعه التي كان أغلبها يكمن في الاستهانة بالدماء والربا واحتقار المرأة؛ فحرم الدماء والأموال والأعراض، وأوصي بالمرأة خيرا، وكانت خطبته دستورا إسلاميا رفيعا، فيه المنهج القويم الذي تسير عليه الأمة من بعده.. والتركيز علي إظهار اهتمام الإسلام بالشباب أصبح ضرورة من ضرورات المنبر، خاصة ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم مع شباب الصحابة؛ حيث حثهم علي طلب العلم وتطوير الذات، فهو يطلب إلي عبد الرحمن بن عوف تعلم اللغة العبرانية؛ فيتقنها عبدالرحمن في سبعة عشر يوما.. وغيرها من المواقف التي تظهر اهتمام الإسلام بإعداد الشباب وتقويته لخدمة الأمة.. وهذا ما نريده للشباب في مجتمعنا الحاضر، نريده أن يتبوأ مكانه اللائق به ليقوم بدوره في سباق التقدم والرقي، وأن يحقق ما تصبو إليه الأمة، ونريد للخطباء الشباب علي وجه الخصوص أن يكونوا أسوة حسنة لأبناء المجتمع كما كان أسلافهم من قبل.