تحدثنا بالأمس عن السلوك المتميز للمجتمعات، والأفراد، في فترات التحدي، وأوقات الشدة، واللحظات الفارقة، مثل الحروب، ومعارك التحرير، والثورات، والمتغيرات الجسيمة، وأشرنا إلي تأكيد علماء الاجتماع وأساتذة علم النفس، بأن هذه المراحل المهمة والمفصلية في حياة الشعوب والأفراد تدفع إلي السطح بأفضل وأعظم ما لديهم من قيم اجتماعية علي المستوي الإنساني والأخلاقي. وذكرنا رؤية هؤلاء العلماء، بأن ذلك هو التفسير لما رأيناه ولمسناه من تصرفات وسلوكيات مثالية، في جسارتها وشجاعتها، ووطنيتها خلال حرب أكتوبر من الجيش والشعب طوال أيام الحرب،...، وكذلك ما رأيناه ولمسناه من سلوكيات وتصرفات بالغة النبل والسمو والوطنية، في ميدان التحرير طوال الأيام الثمانية عشرة الأولي لثورة يناير، والأسابيع القليلة التي تلتها. ثم توقفنا عند السؤال عما حدث بعد ذلك؟!،..، ولماذا خبت تلك الروح؟! وأسباب طرحنا لهذا السؤال تعود في الحقيقة، إلي انه أصبح مطروحا وبإلحاح علي الجميع، في ظل ما رأيناه من ظهور وانتشار العديد من المظاهر السلبية، التي طفت علي السطح مؤخرا، وحجبت أو كادت ان تحجب التوجهات والسلوكيات النبيلة والسامية التي كانت سائدة وبارزة خلال الأسابيع الأولي من الثورة. وتمثلت هذه السلبيات في انتشار ظاهرة العنف والبلطجة، والانفلات الأمني، والخروج علي القانون وشيوع ظاهرة التوقف عن الإنتاج، وتعطيل بل وتوقف العمل في العديد من المؤسسات، والمصانع، والشركات، والتفرغ شبه الدائم من البعض للاحتجاجات، والمطالب الفئوية، والاعتصامات في مواقع عديدة، مما أدي إلي تعرض الاقتصاد القومي للخطر، وهو ما أصبح هاجسا مقلقا للكل، وتهديداً واضحاً وملموسا لجميع الطموحات المشروعة للشعب، في الوفاء بالمبادئ العظيمة للثورة، في العدالة الاجتماعية، وتوفير الحياة الكريمة لكل المواطنين. وكان من الطبيعي في ظل ذلك كله، ان يكون التساؤل القلق لدي الجميع هو أين اختفت الروح العظيمة، والمبادئ النبيلة، والسلوكيات المنضبطة، والمثالية التي رأيناها وعايشناها في الأسابيع الأولي للثورة؟!،..، وهل نالها مانال من قبلها روح أكتوبر العظيمة من فتور وخمود؟! أم ماذا؟! ونواصل غدا إن شاء الله.