كان الضحك معيارا عند الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان لاختيار الأصدقاء... فلم يكن يثق ولا يطمئن بالشخص الذي لا يضحك، أو لا يحب الضحك، وكان يزعجه تماما من لا يستوعب النكتة، أو لا يفهمها بسهولة.. وكان الكثير من أصدقائه من المصريين، لأنهم برأيه منتجون للضحك.. كان الضحك معيارا، فهو بوابة الروح والأكثر تعبيرا عن البساطة والصدق والعمق أيضا.. ممدوح عدوان نفسه، كان لا يكف عن الضحك والمزاح وابتكار النكتة.. سريع البديهة في التقاط المفارقة وملاحقة السخرية.. كانت ضحكاته العالية والصاخبة، علامة مميزة لشخصيته، يسمعها الجميع من مسافة فيعرفون بوجوده ووجود البهجة أيضا.. غضب يوما في إحدي الأمسيات الشعرية بمعرض الكتاب بالقاهرة، حين تعالت أصوات الجمهور في القاعة، فصرخ بأعلي الصوت (يا حبيب) وضحك.. فكف الجمهور عن ضجيجه!!.. لكن المدهش والمدهش جدا، أن هذا الصاخب جدا، والضاحك دائما، والساخر دائما، برغم تعدد مجالات إبداعه، شاعرا وكاتبا مسرحيا وروائيا ومترجما، تجاوز إنتاجه الأدبي أكثر من 60 كتابا.. كل هذا الإبداع ولم يفكر مرة واحدة في كتابة الكوميديا!! علي العكس كانت موضوعاته شديدة الجدية والصرامة، تشغله القضايا الكبري، وهموم الوطن من المحيط إلي المحيط.. هل لأن (الجدية) هي الوجه الآخر (للضحك) أو لأن الضحك هو رؤية عميقة للحياة حولنا.. هذا ما نجده أيضا عند نجوم الكوميديا، فغالبية المضحكين جدا علي خشية المسرح، هم أشخاص جادة جدا، وصارمة جدا في حياتهم اليومية.. ممدوح عدوان فعل العكس ضاحك جدا في يومه العادي.. جاد جدا في كتاباته وإنتاجه الأدبي، دقيق جدا ومنضبط بصرامة في طريقة عمله وتنظيم أوقاته.. هي المفارقة وهو الوعي بمعني الضحك قوة المعرفة وحرية الحياة.