عاد وصف »محور الشر» للظهور من جديد في الخطاب السياسي الأمريكي للحديث عن الأزمة العالمية مع كل من كوريا الشماليةوإيران. وأصبح الجميع في انتظار قرارات أكثر حزما تجاه الدولتين اللتين توليهما الإدارة الامريكية الأولوية القصوي. بينما يترقب العالم بحذر ويتوقع حربا جديدة لا يعرف أين ستبدأ أولا.. في جنوب شرق آسيا أم في الشرق الأوسط؟ وأصبح لزاما علينا أن نتأهب لحدوث هذه الحرب بعد إطلاق صاروخ باليستي إيراني من اليمن يستهدف الرياض. وبالحديث عن أمريكا فقد ظلت العقود الأربعة الأخيرة للسياسة الأمريكية تجاه إيران تتأرجح بين نهجين هما التهديد والتفاوض. اعتمدت إدارة جورج بوش سياسة التهديد إلي الحد الذي كانت علي وشك أن تشن هجوما عسكريا عليها عام 2006 ولكن بوش تراجع. في الوقت نفسه ظلت واشنطن تدعم نشطاء المعارضة الإيرانيين أملا في تغيير النظام ولكن لم يحدث. بينما حاولت إدارة أوباما تحسين العلاقات مع طهران، إلي حد أن كتب أوباما رسائل لآية الله خامنئي، والتي أدت لتوقيع الاتفاق النووي في النهاية ومع ذلك فإن عداء إيران للولايات المتحدة لم يتغير. ويري المراقبون أن الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع عام 2015 نجح في تقليص البرنامج النووي الإيراني، لكنه لم يؤثر في السياسات الخارجية والداخلية لإيران. فزادت عمليات الاعتقال للمعارضين ونفذت احكام كثيرة بالإعدام. وعلي الصعيد الخارجي، استمرت طهران في تسليح وتمويل بشار الأسد، فضلا عن دعمها للميليشيات الشيعية في جميع أنحاء الوطن العربي.. وأجرت إيران تجارب إطلاق ما لا يقل عن 12 صاروخا باليستيا. استراتيجية ترامب وهذا ما دفع الرئيس ترامب لتقديم استراتيجية جديدة تجاه إيران والتي أعلن عنها منتصف الشهر الماضي تركز علي الحد من نفوذ إيران ودعمها للإرهاب والمسلحين وتهديدها لأمن المنطقة. وتنوي الاعلان عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني باعتباره تنظيما ارهابيا وفرض عقوبات اقتصادية عليه للحد من تأثيره. مع التأكيد علي تقويض برنامج إيران النووي. ومن الأخطاء التي تحدث عنها بيان الرئيس الأمريكي في التعامل السابق مع إيران أن أمريكا ركزت علي المنظمات السنية المتطرفة ولم تعط اهتماما للمنظمات الشيعية التي تدعمها إيران. وأهملت التوسع الإيراني الذي أعقب ثورات الربيع العربي الذي نفذته جماعاتها الموالية لإضعاف جيرانها وإبقاء المنطقة غير مستقرة. وتسعي استراتيجية ترامب الجديدة لإحداث تغيير في سياسات النظام الإيراني من خلال اعتماد سياسة ضغط علي إيران قد تصل لحد تغيير النظام، مما يعني تغييرا جذريا للاستراتيجية الأمريكية السابقة. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن تتخلي أمريكا عن حذرها وتدخل في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران ولكنها ستكون حربا بالوكالة كما اعتادت أن تفعل في سوريا. من جانب آخر فإن معظم الدول الكبري في العالم تري أن إيران قوة إقليمية مهمة وحليف تكتيكي ضد تهديدات الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش. فروسيا تعمل في انسجام واضح مع إيران في سوريا، وتزدهر العلاقات الصينية الإيرانية، أما أوروبا فهي لا تحتمل صراعا آخر لا يمكن التنبؤ بنتائجه ويزيد من الصراعات الإقليمية التي تعني توافد المزيد من اللاجئين. الحرب الإسرائيلية ظلت إسرائيل تشحن العالم من أجل تبني سياسات معادية لايران لأن صواريخها تهدد الأمن القومي الإسرائيلي. وظلت تضغط علي الادارات الامريكية المتعاقبة من اجل الموافقة علي تنفيذ ضربات عسكرية علي المواقع الإيرانية خاصة النووية. ورغم ذلك لم تحدث مواجهات عسكرية بين البلدين في إيران. ولكن أصبحت هذه المواجهات حقيقة مرة في سوريا التي تغير عليها الطائرات الإسرائيلية لاستهداف قوات الحرس الثوري الايراني وقوات حزب الله بجانب القوات السورية. فقتلت إسرائيل مقاتلين لحزب الله وأعضاء الحرس الثوري الإيراني في سوريا. وأقامت علاقات مشبوهة مع جماعات محلية لا تزال تسيطر علي الجزء الأكبر من الحدود، مثل مجموعة فرسان الجولان. وتقدم لهم الدعم المادي واللوجيستي والعسكري أيضا مقابل التخابر لصالحها. وهدفها عندما يتعلق الأمر بموسكو هو ضمان حياد بوتين، الذي ليس لديه ايديولوجية معادية لاسرائيل ولا تعاطف خاص مع طهران، حتي تتمكن اسرائيل من اتخاذ الاجراءات التي تراها ضرورية لوقف او ردع الايرانيين وأعوانهم. ولا يمكن استبعاد فرضية إشعال إسرائيل مواجهة جديدة مع ايران من خلال لبنان كما اعلنت قبل شهر. خاصة أنها نجحت في عمل جبهة عربية مشتركة ضد إيران وحزب الله في لبنان. الجيش الإيراني ووفقا للتصنيف العالمي يأتي الجيش الإيراني في المرتبة 21 وبالنسبة لجيوش الشرق الاوسط يأتي الجيش الايراني في المرتبة الرابعة بعد جيوش تركيا ومصر واسرائيل ويليها في الترتيب المملكة العربية السعودية. وتبلغ ميزانية الجيش نحو 6 مليارات و300 مليون دولار سنويا في حين أن هناك 534 ألف جندي في الخدمة. ومليون و400 ألف جندي آخرين في سن التجنيد. ويرجع لكوريا الشمالية الفضل في تطوير أسلحة إيران وتعود العلاقات العسكرية بين الدولتين إلي الثمانينيات في الحرب الإيرانية العراقية. حيث أمدت كوريا الشماليةإيران بمئات من الصواريخ الباليستية سكود روسية الصنع. وأعادت إيران تسمية صواريخها الجديدة (شهاب 1 وشهاب2). ثم طورت صواريخها فأنتجت سجيل 1 و2 وهو صاروخ باليستي متوسط المدي يمكنه الوصول لإسرائيل والذي اختبرته إيران لأول مرة في عام 2008. وسجيل 2 وقدرة الوصول حتي 510 كيلومترات كما أنه مجهز بأجهزة استشعار دقيقة ومتطورة. ومن أخطر الأسلحة الإيرانية الغواصات التي تهدد أمن الخليج العربي ومضيق هرمز خاصة شحنات النفط حيث يمر من المضيق نحو 20 % من إمدادات النفط العالمية في طريقها إلي الأسواق. وأنفقت الولاياتالمتحدة حوالي 8 تريليونات دولار حماية لمضيق هرمز منذ عام 1976.. وفي النهاية هناك حرب جديدة ستغير وجه المنطقة بالكامل علي أشلاء المزيد من الأبرياء. • د. رضوي عبد اللطيف