رفع الشواذ للعلم الخاص بهم إعلان بالفجور ومجاهرة بالمعصية، وهنا مكمن الخطورة علي المجتمع كله، فالمجاهرة بالمعاصي محرمة ومخالفة لما أمر الله من ستر العبد نفسه، والنبي صلي الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافي إلا المجاهرين، وقال أيضا : اجتنبوا هذه القاذورات التي نهي الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالي، والقرآن يحدثنا عن العقاب الإلهي الذي حل بالمجتمعات التي تجاهر بالمعصية وترتكب مثل هذه الموبقات، ومنها هلاك قوم لوط، (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)، والتاريخ يؤكد أن قوم لوط لم يكونوا آخر الخلق الفاسدين، ولعل أقربهم أهل قرية بومبي، وهي إحدي المدن الإيطالية، كانوا يمارسون »الزني» والشذوذ حتي مع الحيوانات، بعلانية أمام الأطفال وفي كل مكان ويستنكرون من يتستر، وفجأة انفجر عليهم البركان فأباد القرية بكاملها، بومبي ظلت في طي النسيان حتي القرن الثامن عشر عندما اكتشفت آثار »بومبي» وعثر علي مناطق بها جثث متحجرة، وتم اكتشافها في إيطاليا عام 74 بعد الميلاد، وكانت إحدي المدن الحضارية القديمة قبل أن تهلك بالكامل، والمتأمل في قصة هذه القرية لن يجدها مجرد قصة من قصص التاريخ أو سجلاً تاريخياً لقطع أثرية نادرة، ولكنها تحمل عبرة لمن يعتبر، كتب التاريخ تقول إنه كان لدي بومبي حضارة مزدهرة، وكانت تطل علي جبل بركاني خامد، وكان معظم السكان من الأثرياء، وظهر ذلك علي معالم المدينة، فكانت شوارعها مرصوفة بالحجارة وبها حمامات عامة وشبكات للمياه تصل إلي البيوت، كما كان بها ميناء بحري متطور وكان بها مسارح وأسواق، وآثارهم أظهرت تطوراً بالفنون من خلال النقوش ورسومات الجدران. واشتهرت هذه المدينة »بالزني» وحب أهلها للشهوات، وكانت يوجد بها بيوت للدعارة في كل مكان، وتنتشر غرف صغيرة لممارسة الرذيلة لا يوجد بها سوي فراش، أسرد هذه القصة لكل المتعاطفين مع هؤلاء، ليعلموا أنهم مخطئون، وأن ما قامت به الدولة لمواجهتهم كان هو الصواب.