تنسيق الجامعات 2025| إعلان نتيجة المرحلة الأولى «الأحد».. وموعد بدء المرحلة الثانية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    المصريون في البرازيل يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    مجلس الشيوخ المصري.. ثمرة عقود من التجربة الديمقراطية    تطوير 380 مركزا تكنولوجيا بالمحليات والقرى والمدن وأجهزة المجتمعات الجديدة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 2 أغسطس    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    النقل: استمرار تلقي طلبات السائقين الراغبين في الانضمام للبرنامج التدريبي المجاني    شركة خدمات البترول البحرية تنتهي من تطوير رصيف UGD بميناء دمياط    خلال مظاهرات تل أبيب| مبعوث ترامب يزور أهالى الأسرى الإسرائيليين بغزة    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    "من القاهرة للإخوان.. شكرا لحسن غبائكم".. حلقة جديدة من برنامج "الكلام علي إيه" مع همت سلامة    حارس الزمالك يرفض الرحيل في الميركاتو الصيفي    مدرب نيوكاسل: أعرف أخبار إيزاك من وسائل الإعلام.. وأتمنى رؤيته بقميص النادي مجددا    القبض على البلوجر سوزي الأردنية داخل شقتها بالقاهرة الجديدة    الأرصاد: أجواء غائمة جزئياً على شمال البلاد وفرصة لأمطار خفيفة بالقاهرة    تحرير 844 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    حفل أسطوري.. عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    بأداء كوميدي وملاكمة فلاحة.. «روكي الغلابة» يحصد 6 ملايين في 48 ساعة    في 16 قرار.. تجديد وتكليف قيادات جديدة داخل وحدات ومراكز جامعة بنها    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    79 مليون خدمة طبية لمنتفعي التأمين الصحي الشامل في 6 محافظات    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    21 مصابًا.. ارتفاع أعداد المصابين في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز بمطعم بسوهاج    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد ليون الودية والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    الهيئة الوطنية للانتخابات: تواصل دائم مع السفراء لمتابعة انتخابات مجلس الشيوخ بالخارج    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. رابط تسجيل اختبارات كليات الهندسة والحاسبات والتجارة والزراعة (المنهج)    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. داليا الشيمي خبيرة علم نفس الكوارث والأزمات:
المرحلة الضبابية تدفع الجماهير لاختيار قائد بمواصفات »فتوة الناس الغلابة«!
نشر في الأخبار يوم 26 - 05 - 2011

جمعت بين إدارة الأزمات وعلم النفس، فأصبحت متخصصة في علم نفس الكوارث والأزمات.. تجدها دائما في ساحات الحروب ونقاط الصراع لتقديم "المساندة النفسية" ودعم المضارين نفسيا من تلك الأزمات، وتحليل أسلوب إدارة القائمين عليها وتقييمه.
ولما كانت الأحداث التي مرت بها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير تندرج تحت بند "الحالة الخاصة"، قياسا بما صاحبها من توترات عنيفة ولحظات عصيبة وضغوط نفسية، فإن الحوار مع الدكتورة داليا الشيمي يتركز علي أبرز الإيجابيات والسلبيات التي رصدتها في أحداث الثورة المصرية، وتأثيرها علي الشخصية المصرية، وانعكاساتها علي الجانب النفسي، خاصة للأطفال.
ود. داليا الشيمي حاصلة علي الدكتوراه في سيكولوجية الشخصية المناسبة لإدارة الأزمات، وشاركت في العديد من مهام المساندة النفسية في أوقات الحروب والكوارث، حيث سافرت إلي لبنان وقت الحرب لتأهيل الأطفال والمراهقين وتدريب الجمعيات الأهلية علي التعامل معهم، كما شاركت في الدعم النفسي لنازحي مخيم نهر البارد في وسافرت إلي غزة بعد الحرب الصهيونية علي القطاع في يناير 2008 وتعمل مدير مركز "عين علي بكرة" للمساندة النفسية والتنمية الأسرية للاستشارات والتدريب.
في البداية، ما الفارق بين الطبيب النفسي.. وأخصائي المساندة النفسية؟
الطبيب هو الشخص المختص بكتابة الأدوية والعقاقير الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية والعمل علي تحديد الحالة المزاجية، ومن أشهر الأمراض النفسية الاكتئاب، أما الدعم النفسي فهو يتعامل مع التوجيه النفسي وليس العلاج، وذلك من خلال عدة أدوات تعمل علي تحسين المهارات واكتساب الثقة بالذات، وتعديل السلوك، خاصة للأطفال، عن طريق وضع برنامج يستمر عليه متلقي الدعم لفترة معينة، فالأخصائي يعمل علي الإرشاد النفسي، وتظهر الحاجة الماسة للدعم النفسي في حالات الأزمات الكبري والفترات العصيبة وفي أعقاب الحروب.
ماذا عن تخصصك العلمي في مجال علم نفس الأزمات والكوارث؟
كان تخصص علم الأزمات يتم تدريسه في كلية التجارة جامعة عين شمس، ولكن للأسف الشديد وجدت أننا لدينا مشكلة كبيرة، ليست فقط في أسلوب إدارة الأزمة، ولكن أيضا في اختيار الشخصية المناسبة لإدارة الأزمات والكوارث، فقررت أن يكون هذا موضوع بحثي لنيل درجة الدكتوراه.
حالة حرب
إلي أي مدي يمكن تطبيق (حالة الأزمة) علي الثورة المصرية؟
ما حدث في الأيام الماضية هو موقف ضاغط بكل المقاييس وعلي كل المستويات، أو هو حالة تشتمل علي كل أنواع المواقف الصدمية، فقد عشنا ما تعيشه بلد في ظل حرب حقيقية، فقد دخلت صورة (الجيش) إلي صور حياتنا اليومية، وأصبحت أصوات (طلقات الرصاص) ضمن الأصوات التي ربما ألفها البعض، ودخلنا في حالة انتظار (البيانات) التي يلقيها المسئولون، كمن ينتظر يوم (وقف إطلاق النار)، وأصبحنا ننتظر إعلاناً بأعداد الشهداء والجرحي يومياً من تصريح وزارة الصحة، وأصبحت الدول حولنا تصدر بيانات بشأننا، ونترقب مواعيد (حظر التجول)، وكل ما أصبحنا فيه هو علامة من علامات الحرب كما يعرفونها في الكتب والمواثيق والعلوم الإنسانية علي الأقل من حيث الظروف.
ولما كانت للحرب بأي معني آثار نفسية، فقد بدأت ألاحظ أن عدداً ممن حولنا بدأوا يدخلون في الآثار التالية علي الصدمة، والتي تشتمل علي بعض الأعراض النفسية من قبيل الإحباط والقلق المرضي، والاكتئاب والمخاوف والفزع، وغيرها من الأعراض.
ما تقييمك لانعاكسات ثورة 25 يناير علي الشخصية المصرية من إيجابيات؟
استرداد كرامة المصري أكبر المكاسب علي الإطلاق، واستعادة مكانته واعتزازه، فعندما سافرت إلي إحدي الدول العربية مؤخرا، وجدت الجميع يتوافد عليّ بل وطلبوا التصوير معي لمجرد أني مصرية!
ومن مكاسب ثورة 25 يناير توفر التجربة الحقيقية التي كنا نحتاجها لنتعرف علي قوتنا.. لقد تأثرت بمقولة لشاب محترم كتب علي صفحته حين نزل للمظاهرات "أخيراً كسرت خوفي وشفت إني أقدر"، كذلك ساعدت الأزمة في التعرف علي "خطوط الدفاع الخارجية"، وهنا أقصد معرفة الأصدقاء من الأعداء، وهناك مثل شعبي يقول: كتر خيرك يا شدتي.. ياللي عرفتيني حبيبتي من عدوتي"، فضلا عن ذلك أظهرت الثورة ما نتمتع به كشعب وهو "التوحد وقت الشدة".
علي الجانب الآخر، ما الأعراض السلبية للأزمة التي رصدتيها أثناء وبعد الثورة؟
أحد أعراض ما بعد الأزمات ما يُعرف ب (تفريغ الغضب في جهة بديلة) أو (توجيه زاوية الغضب) وهذا ما كنت أراه في كل أزمة أو حرب أو كارثة عايشتها، ففي مخيم نهر البارد الفلسطيني في لبنان لاحظت كثرة المشاجرات الزوجية والخلافات علي أتفه الأسباب، تماما كما يضرب الرجل زوجته بعد هزيمة المنتخب في مباراة كرة أو يضرب أولاده علي خلفية مشاجرة مع مديره، لذلك فعلي كل واحد منا أن يدرك أن الخلاف علي طابور الخبز أو تقديم خدمة أو في المواصلات ليس المجال الأنسب لتفريغ غضبنا في بعضنا البعض، فالغضب نحو بعض التصرفات البسيطة ليس سببه هذه التصرفات، وإنما الإحتقان الشديد الناتج عن الظروف القاسية مع عدم القدرة علي تفريغها بصورة سوية.
لماذا انتشرت الشائعات بقوة في الفترة الأخيرة؟ ولماذا تحظي بهذا الرواج والذيوع بين الناس؟
الشائعة أحد أهم وأبرز الأسلحة التي تستخدم في الأزمات، وهي عبارة عن خبر يتم تكوينه من خلال فرد أو جماعة في موقف غامض يحتاج إلي تفسير، وفيه يقوم كل فرد بوضع بديل للتفسير بحسب انتماءاته المختلفة، غير أنه في كل الأحوال يسعي صاحب الشائعة إلي إستغلال جزء صحيح من المعلومة ثم الإضافة عليه، بحيث يمكن للشخص المستهدف تصديقها بناء علي الجزء الحقيقي.
وتظهر الشائعات في وجود موقف صدمي لفئة ما، ورغبة الإنسان في أن يكون وسط الأحداث، وغياب المعلومة الحقيقية، ووجود أطراف أصحاب مصالح مختلفة في الحدث، ووجود انتماءات يتم التعامل معها بوصفها متناقضة لا مختلفة، فضلا عن انتشار الخوف والقلق، وكل هذه الأمور بالطبع متوفرة في الأزمة التي نعيشها.. وللأسف فإن ترديد الشائعة يكون كمن حضر (عفريتا) ولا يستطيع أن يصرفه.
الهوس بالفضائح
وبالمثل.. لماذا يقبل الناس علي أخبار الفضائح وتتبع السقطات السياسية والأخلاقية؟
قمت بإعداد رسالة عن المناخ الاجتماعي في حالة الأزمات الكبري، فوجدت أن من أبرز ملامح هذه الفترات؛ فوضي الأخلاق وتبادل الشائعات وشرَّه الفضح، فحينما تحدث الأزمات الكبري مثل ثورة 25 يناير، تنتاب الجميع حالة من التخبط حول القيم الأساسية التي عاشوا بها، وفي خطوة تكون شبه جماعية يبدأ الناس في السعي إلي التحرر من كل ما كان لديهم، وهو هنا نوع من العدوان الذي يسميه البعض (تصفية حسابات).
وهناك عوامل نفسية تساعد علي ذيوع هذه الفضائح بسرعة وسهولة منها، شرَّه الناس نحو التشفي من بعض الرموز في ظل قبول اجتماعي لا يجعل الشخص يشعر بالذنب، وعدم وجود دور إيجابي حقيقي للبعض في الثورة، مما يجعلهم يتوهمون أن دورهم هو نشر هذه الفضائح، فضلا عن الرغبة في الشعور بالقوة (في غياب سلطة)، والتلويح للذات بكسر القيود في تشويه آخرين علي المستوي النفسي، ممثلين لكل من يريدوا النيل منهم ولا يستطيعوا، وهو ما يمثل أحياناً لدي المراهقين صورة الأم والأب الذين يرفضوا الاستجابة لطلباتهم، فهم علي مستوي لا شعوري- ينتقمون منهم ضمناً، باعتبارهم نموذج سلطة عليهم.
ما أبرز الاستشارات النفسية التي وردتك أثناء الثورة أو في أعقابها؟
جاءني شاب في العقد الثالث من عمره في حالة بكاء هيستيرية، والسبب أنه في جمعة الغضب أصيب أحد الأشخاص أثناء الضرب، فحمله هذا الشاب وظل يجري به لأقرب مستشفي حتي وصل إلي الجلاء ولكن للأسف توفي المصاب علي باب المستشفي، مما جعل الشاب يشعر طوال الوقت بعقدة الذنب لدرجة أنه يري نفس المشهد في الحلم لإحساسه بأنه لم يسرع بالقدر الكافي لإنقاذ هذا المصاب.
حالة ثانية لرب أسرة كان دائم النزول لميدان التحرير مع أحد أصدقائه، ولكن مع اختلاف الهدف، فهو كان ينزل لمجرد"الفسحة" بينما صديقه كان ينزل ليقوم بدوره الحقيقي في التظاهر، مما أصبح يشعره طوال الوقت بأنه عديم الفائدة حتي بالنسبة لأسرته وأنه لم يكن علي قدر الموقف، ولكنه للأسف جاء متأخرا بعض الشيء مما زاد من سوء حالته، وكان من بين ما جاءني شابة تبلغ من العمر 30 عاما رأت طلق ناري يتم تبادله في منطقتها بين رجلين، فأصابها ذلك بالقلق المستمر.
ما التأثير النفسي لتلك الأزمات العنيفة علي الأطفال؟
الأطفال أكثر تضررا لعدم قدرتهم علي فهم ما يدور حولهم، وتشمل الآثار النفسية للتعرض للأزمات والحروب والكوارث عددا من الأعراض أهمها الفزع الليلي والمعاناة من القلق، والفوبيا أو الخوف المرضي من الأصوات أو الظلام أو غيرها من مصادر الخوف لدي الأطفال، والانتكاسة في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللا إرادي، وعدم القدرة علي التواجد بمفرده، وظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب والعنف في التعامل مع الأشياء والأشخاص، وظهور مشكلات في الكلام كالتلعثم أو الصوت الخافت وكأنه يتحدث للداخل كما يعرفونه.
ما أبرز حالات الأطفال التي جاءتك ممن عانوا من الأحداث الأخيرة؟
اتصلت بي العديد من دور رعاية الأطفال والملاجئ في فترة الانفلات الأمني وانتشار البلطجية، حيث كان الأطفال يعانون من حالات رعب وفزع شديدين، وأتذكر أن أحد الأطفال كان يردد كل دقيقة "هي المسافة كبيرة من المقطم لمصر الجديدة؟ يعني البلطجي هيلحق ييجي؟ هو الضابط هو اللي بيخوف ولا البلطجي؟" وبالفعل قمت بعمل جلسات تفريغ نفسي له، وذلك من خلال الرسم واللعب وأحيانا بالمحادثة، والحمد لله استطعت إخراجهم من هذه الحالة عن طريق التدريب المكثف.
واتصلت بي أم لطفل يبلغ 4 سنوات في الواحدة صباحاً في حالة بكاء تشكو أن ابنها بدأ يتحدث عن أن والده تم قتله في التحرير والقطط تأكل جسمه، علماً بأنهم يسكنون في مدينة نصر ووالده لا يشارك في المظاهرات، كما أصيب بالأرق والنوم المتقطع مما أظهر عليه علامات الوهن والضعف النفسي.
وهناك حالة لطفل صغير كان والده يرفض نزوله إلي ميدان التحرير، ورغم إلحاح الابن في النزول إلا أن الأب كان دائم الرفض، مما جعل الطفل يتأثر كثيرا لدرجة انه كان يري والده في الحلم وهو يلف حول رقبته الثعابين!
وعاني ابن أخي (6 سنوات) حين جلس معه طفل آخر قائلا: فيه واحد دخل الشقة بتاعتكم دلوقتي وطنط داليا بتتكلم" وبالطبع بدأ ابن أخي يدخل في حالة خوف ويريد تفتيش الشقة بأكملها.
روشتة للأمهات
كيف يمكن تقديم (روشتة) لكل أم لكيفية التعامل مع أطفالها في أوقات الأزمات؟
اشغلي ابنك بالتفكير في ألعابه وشاركيه فيها، لاحظي كل تصرف غريب يبدو عليه، وناقشيه فيه بطريقة بسيطة، واحذري البكاء أو الانهيار أمام طفلك، فهذا يشعره بالعجز، واجعلي ابنك يتحدث كثيراً، بحيث يقول كل ما يدور في ذهنه وتصححيه له، ولا توقفي حديثه مهما بدا سخيفاً أو أسئلته مكررة، كذلك انتهزي هذه الفرصة لتنمية الوازع الديني، أما الأطفال في سن أكبر فلابد من مشاركتهم في الفعل، فمثلاً يمكن أن يساهموا في تنظيف الشوارع أو نشاط في جمعية من الجمعيات الخيرية أو الشبابية.. وأخيرا اظهري لابنك بطريقة غير مباشرة وجود كل السلع التموينية وكل ما يحبه داخل المنزل، فكثير من الأطفال يقلق من احتمال غياب اللبن الذي يحبه.
في ظل تكالب العديد من الشخصيات علي (قيادة) الثورة.. ما سمات القائد في المرحلة الانتقالية؟
بعد الخروج من حملة تغيير كبري، شارك فيها أشخاص مختلفون من حيث انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، فإن الجميع يبدأ في البحث عمن يقوم بدور (القيادة) بعد أن يكون شعر الجميع بأنه قد أدي دوره في ظل رغبة الجموع في الراحة بعد تعب وهو ما يجعلهم متعجلون في اختيار شخص يرأس هذه الحركات، وأخيرا ارتفاع الحساسية نحو معاني مثل رفض الظلم أو القهر، وهو ما يجعلهم يميلون لاختيار أشخاص تعرضوا لظلم من وجهة نظرهم ليتوحدوا بهم تبعاً لمفهوم التحليل النفسي- فيجدوا في رفعته وجعله قيادة رفعة لأنفسهم ورد للمظالم الخاصة بهم فيحولونه إلي ما يعرف تاريخياً ب (فتوة الناس الغلابة)!
ويتصف القائد الذي يظهر في المرحلة الضبايبة بعدة خصائص تشمل أن يكون تعرض لظلم أو تبني قضية ظلم تؤثر في الناس، لكي يتم العمل معه باعتباره بطل، وأن يتعامل مع عواطف الجموع لا مع عقلهم أو أفكارهم ولا يتحدث كثيرا حتي لا يختلف مع الناس وهذا ما ننصح به القادة حين تدريبهم، وربما تقل حركته بعد فترة معينة ويصبح هناك من يتناول افكاره دون ظهور حقيقي له، فيصبح أحد النجوم التي تتعطش الناس إليها فيزداد التعلق بأخباره.
ولمواجهة ذلك مطلوب عدم التسرع في رفع أشخاص معينين، وإعمال العقل علي بعض ما يتم عرضه، وفحص الحركات والتصرفات وطريقة التعامل فحصاً عقلياً، وكسر قاعدة أن هناك من (لا) يخضع للفحص باعتباره ملاك، فخذ وقتك، ولا تُسلم عقلك لأي شخص، فالتجارب وحدها هي الكفيلة بأن تجعلنا نتنازل للأشخاص عن حكم أنفسنا.
كيف يمكن استعادة الثقة بين الشعب وجهاز الشرطة؟
وزارة الداخلية لا تحتاج إلي تغيير أشخاص بقدر ما تحتاج إلي بناء استراتيجية جديدة.. فسياسة "انسف حمامك القديم" كتفكيك أجهزة والاستجابة لبعض المطالب بإقالة لواء هنا، وتغيير قيادة هناك ليست كافية، والملحوظ أن إجراءات الإصلاح الحالية تتخذ أشكالا (تسكينية)، وخطورة الاكتفاء بأسلوب الجزاءات الإدارية للمقصرين أنه لا يضمن الحفاظ علي ولاء الضباط لعملهم، فقد رأوا أن الوزارة في ظرف ما تخلت عن زملائهم بسهولة، وهو ما يجعل انتمائهم للمهنة ينخفض فلا نتوقع منه الأداء اللازم، كما لا يضمن تغيير الأشخاص ألا تتكرر الأخطاء مع الدفعة الجديدة.
ولكي نفهم الإصلاحات المطلوبة في الجهاز الشرطي نفسيا وإداريا، نشير إلي أن ضابط الشرطة في بلدنا كانت له طبيعة خاصة، حيث تفرض المؤسسة الأمنية علي أفرادها حالة من (الالتزام) والسلطوية الشديدة بين الرُتب المختلفة، فمن الصعب أن تجد في ظل مؤسسة أمنية من يُترك له أن يُدير الأمر بطريقته الخاصة، وبالتالي فهو دوماً (مُقيد) ليس بالنتيجة فقط، وإنما (بالطريقة) التي يحددها قائده، فمن يقهره مديره تحت بند (عبد المأمور) لابد أن يُفرغ طاقته السلبية نحو (عبد مأمور آخر) عادةً ما يكون الشخص الذي يقع تحت يديه أياً كان.
وما الحل من وجهة نظرك؟
الحل أن تقوم وزارة الداخلية بوضع رؤية جديدة لمؤسسة أمنية تقوم علي (مفاهيم) جديدة، ثم وضع إستراتيجية لتنفيذ هذه الرؤية تتناسب مع المرحلة التي نمر بها.
فالرؤية تحدد الصورة الذهنية التي تتمني المؤسسة الأمنية أن تصنعها، وتتسم بأنها واضحة ومحددة، أما الإستراتيجية، فتعني الخطة التي تقوم علي اغتنام الفرص واستغلال الوسائل المتاحة، لمواجهة الصعوبات وتحقيق أفضل النتائج كماً وكيفا، وبالتالي، فالمؤسسة الأمنية في حاجة إلي إستراتيجية جديدة قصيرة المدي لمدة عام ومتوسطة المدي لمدة 3 سنوات وطويلة المدي لمدة 5 إلي 7 سنوات، تعتمد علي الأفكار الإبداعية وتراعي أننا نعيش في ظل ظروف خاصة بها حالة سخط من أفراد الشعب علي تاريخ الشرطة، وحالة ضيق يعيشها الضباط حين تم وضعهم جميعا في سلة واحدة دون تمييزهم، ولابد من الحرص علي رفع الروح المعنوية للعاملين بالمؤسسة الأمنية بما يدفعهم للعمل، وقد شاهدت ضباط الشرطة في الشوارع في حالة استكانة كمن هُزم في معركة واعتبر نفسه أسيرا، والمهزوم لا يحمي، والأسير لا إرادة له، فكيف أتوقع أن من وقف (مضطرا) أن يحميني، وكيف ليد مهزوزة أن تحمل سلاحا تُطارد به مجرما دون أن تخاف أن يقع منها؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.