تعرفت لأول مرة علي مسرح محفوظ عبد الرحمن عام 1978 عندما جاءت للقاهرة الفرقة الكويتية »مسرح الخليج العربي» لتعرض مسرحية »حفلة علي الخازوق» علي مسرح سيد درويش بالهرم، وكانت من إخراج صقر الرشود، وكانت أول مسرحية يقتحم بها مسرح الخليج العرض المسرحي السياسي، وتأكدت معرفتي بمسرح محفوظ عبد الرحمن بمسرحية »عريس لبنت السلطان» التي أخرجها صقر الرشود ايضا لنفس الفرقة عام 1978، وكلتاهما تم تناولهما برؤي مختلفة في العديد من فرق الثقافة الجماهيرية، وتوالت معرفتي بمسرحيات محفوظ عبد الرحمن ليتأكد لي انه صاحب مشروع مسرحي مختلف عن كل أبناء جيله، حتي في استلهامه للتاريخ وبناء مسرحياته التي يكون لها مذاق خاص ومنها »حفلة علي الخازوق- عريس لبنت السلطان- الحامي والحرامي - كوكب الفيران - السندباد البحري (للأطفال) - الفخ - الدفاع - محاكمة السيد م- احذروا- ما أجملنا». وقد ترجمت »رادا الجوهري» إلي الانجليزية مسرحيته »حفلة علي الخازوق»، بينما ترجمت سلوي حزين مسرحيته »ما أجملنا» للإنجليزية أيضا، وراجع ترجمة المسرحيتين د. مصطفي رياض أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وقدم لهما د. محمد عناني أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الآداب بجامعة القاهرة، استوحي محفوظ عبد الرحمن مسرحيته »حفلة علي الخازوق» من »ألف ليلة وليلة»، وتحكي المسرحية عن امرأة تحمي شرفها بأن توقع من يحاول إغواءها في شر أعماله،وتنقذ حبيبها المسجون بأن تتظاهر بأنها أخته وترشو حارس السجن ومديره علي السواء إلي أن يجيء الوالي فيعاقب الأشرار ويعيد الأمور إلي نصابها، وقد صاغ محفوظ عبد الرحمن المسرحية في قالب كوميدي في 3 فصول، المشهد الأول يحمل عنوان »سوء الحظ» الذي وقع لحسن المراكبي إذ كان يتمشي قرب قصر الوالي، والأضرار التي يمكن أن تترتب علي كون المرء سعيدا أمينا، وتتنقل الأحداث ما بين غرفة ضابط السجن، وزنزانة حسن، ومكتب القاضي، ومكتب الوزير المسئول عن ديوان المظالم، وبيت هند، وزمن الأحداث هو العصر المملوكي، أما مسرحية »ما أجملنا» فهي مسرحية قصيرة من فصل واحد، شخصياتها محصورة في والٍ بالعصر العباسي، وحاجبه كافي، ووزيره تنوير، وأميرة، ووصيفتها سفر، وهي تحاكي لحد ما مسرحية »زيارة المفتش» للكاتب البريطاني »ج.ب.بريستلي»، وتروي قصة عجوز تقول إنها ستلعب دور راوية لقصص شهرزاد، وإنها خبرت كل شئ من أقدم الأزمنة »قتل قابيل لأخيه هابيل - استشهاد الحسين - رحلات السندباد - مصرع الحلاج - إلخ»، وكلتاهما تشهدان بمقدرة محفوظ عبد الرحمن الدرامية، ذلك الكاتب الذي شب في العصر الذهبي للمسرح المصري في فترة ستينيات القرن الماضي وقد وصف مسرحه د. سامي سليمان في »قاموس الأدب العربي الحديث» بأنه يكتب مسرحيات ذات »إطار فانتازي ومضمون واقعي يحمل رموزا ودلالات سياسية، تدق ناقوس الخطر محذرة من أخطار الغزو الصهيوني والاستعمار الجديد »وقال ايضا إنه يستوحي التراث العربي، ويسقط ما فيه علي الواقع السياسي والاجتماعي المعاش، ولهذا وجدت نصوصه المسرحية طريقها لمنصات العرض المسرحي بالدول العربية لأنها تلامس هموم المواطن العربي بشكل عام، وتلامس الواقع السياسي والاجتماعي في تلك البلدان. محفوظ عبد الرحمن استحق جائزة أحسن مؤلف مسرحي عام 1983 من الثقافة الجماهيرية، بعد فوزه بجائزة الدولة التشجيعية 1972،وجائزة الدولة التقديرية في الفنون2002، كان مشجعا للمواهب الشابة حريص علي متابعة كل ما يعرض في المسرح رغم ظروفه الصحية وشاهدته آخر مرة في مسرح السلام برفقة شريكة عمره الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز اثناء مشاهدته لعرض »قواعد العشق 40»، ومن الجدير بالذكر أن الهيئة العامة المصرية للكتاب أصدرت عام 2014 عنه كتابا بعنوان »الأداء السياسي في مسرح محفوظ عبد الرحمن» للكاتب عبد الغني داود، يتناول فيه بالنقد والتحليل اللمحة السياسية في مسرحياته، ومنها الفساد السياسي كما في »حفلة علي الخازوق»، والغزو الخارجي في »محاكمة السيد ميم»، و»الحامي والحرامي»، و»الجوهرة المكنونة»، وصدر في عام 2012 كتاب آخربعنوان »عاشق المسرح والتاريخ.. محفوظ عبد الرحمن في محاورات النقاد»، إعداد سميرة أبوطالب التي توثق مقالات 30 ناقدا من مصر والوطن العربي تناولوا فيها مسرحيات محفوظ عبد الرحمن.