أعرف واحدة من الكنيستين اللتين تم احراقهما في امبابة ، أعرفها جيدا، وهي كنيسة مار مينا بشارع الوحدة والتي مررت عليها في حياتي أكثر من عشرين سنة حين كنت أسكن في ارض الجمعية بامبابة . ولم يصبها أحد بسوء . كانت تدق اجراسها وتقيم احتفالاتها وقداساتها ولا احد حتي تبرم من ذلك . ما حدث الآن بين يدي النيابة العسكرية . ولقد قرأنا لأول مرة ان هناك يدا خفية في هذه الحرب من فلول الحزب الوطني التي تريد أن تشعل حربا أهلية في البلاد .قرأناه صادرا عن المجلس العسكري بل وتم القبض علي بعضهم وجار القبض علي غيرهم ، وستكشف الأيام القادمة أيادي لأمن الدولة والمتعاونين معها من السلفيين او غيرهم قبل الثورة . هذا كله كان واضحا بعد أن كللت الثورة بالنجاح في إقصاء حسني مبارك وتحويل عائلته ورجاله الي القضاء . قلنا هذا الكلام وقاله عشرات الكتاب المحترمين في هذا البلد من قبل والمهم الآن أنه لأول مرة نسمعه من المجلس العسكري وهذا يعني أن الأمور لن تعود كما كانت . وهذا يعيدنا إلي أحداث أبي قرقاص في ابريل الماضي التي بدأت كما أجمع كل من تحدث فيها بشجار بين سائق توك توك وسائق مكروباص . او حتي بين سائق ميكروباص وحارس الفيلا التي امامها المطب الصناعي الذي هو من تراب . التفاصيل لست في حاجة الي إعادتها الآن لأنه لن تجد تفاصيل واحدة فعلي سبيل المثال هناك من يقول إن تجمع المسلمين الذين كانوا يزيدون عن أربعة آلاف في الجمعية الشرعية وعند خروجهم توهمت بعض العائلات المسيحية بأنهم سيعتدون عليهم مما جعلهم يطلقون النار عليهم كما يقول تقرير المباحث او محضر الشرطة وهناك من يقول أنه حدث خلاف بين عائلتين مسلمتين أمام الجمعية الشرعية أسفر عن القتلي . الثابت أن هناك قتلي من المسلمين وهناك اعتداءات كبيرة علي بيوت الاقباط وثرواتهم ،. ومنذ البداية زج باسم المحامي القبطي علاء رضا رشدي الذي يقع المطب أمام بيته . وهو بالمناسبة ومن شهادة الكثيرين مطب ترابي أقامه لان هناك من يقوم بسرقة المارة بسرعة أثناء مشيهم . هذه الشهادات ليست من التحقيقات ولكنها من البرامج التي تابعت الأمر وموجودة علي اليوتيوب . ما علينا من هذا كله . الثابت من محضر الشرطة ومن أقوال علاء رضا رشدي انه لم يكن موجودا أثناء الحوادث الاولي . وأنه كان بالقاهرة . واثناء حوادث القتل كان في معية مدير الامن . ويبقي السؤال هل يمكن لمطب صناعي مهما كان، ان ينتهي الي تلك الكارثة . قياسا علي الثورة العظيمة التي قام بها هذا الشعب لايمكن أن يصدق عاقل أن ذلك يمكن أن يحدث إلا بقصد . أنا هنا لا ادافع عن أحد لكن أفكر معكم وأصل بتفكيري إلي ما نبهنا إليه من قبل أن بقايا النظام البائد لا تجد افضل من إشعال الفتنة الطائفية لاجهاض هذه الثورة العظيمة . وهو ما قرره المجلس العسكري بعد كارثة امبابة .ستصل التحقيقات العسكرية إلي من هم وراء كارثة إمبابة وأرجو أن تعود إلي احداث ابو قرقاص وستجد من ذكّي وأشعل الفتنة أيضا من نفس الفلول وإلا فليفسر لي عاقل اجتماع الالاف في الجمعية الشرعية في أبو قرقاص من أجل خناقة بين سائق توك توك وميكروباص أو من أجل خناقة علي مطب صناعي . هنا في امبابة شاع خبر فتاة مسيحية أسلمت وحبستها الكنيسة ولم يفكر أحد في التقدم ببلاغ الي الشرطة أو النيابة او المجلس العسكري بل حشد حشوده وأخذ رجاله وذهب ليخرج الفتاة المحبوسة من كنيسة شارع الاقصر او حتي يتفاوض بشأنها أو حتي يسأل عنها كأنه هو القانون وهو الدولة . وهناك حدث اجتماع حاشد في الجمعية الشرعية لبحث المعركة بين سائق التوك توك وسائق الميكروباص . ما علاقة الجمعية الشرعية بهذا الحادث ؟. سؤال لم يجب عليه أحد خاصة انه لم يكن هناك قتلي حتي الاجتماع . من الذي يستطيع ان يحشد هذا العدد، ثلاثة او أربعة آلاف من اجل مشاجرة بين سائق توك توك وسائق ميكروباص او بين سائق ميكروباص وحارس فيلا المحامي علاء رشدي .وهل لم تكن الجمعية الشرعية موجودة من قبل منذ عشرات السنين . هي طبعا كانت موجودة . هل لم تحدث أي نزاعات من قبل بين قبطي ومسيحي. طبعا حدث . فلماذا الآلاف يحتشدون هذه المرة ؟ من الذي يأخذ الناس بهذه السرعة إلي الاجتماع ضد الأقباط علي هذا النحو ؟ من الذي لا يأخذ صاحب الحق الي البوليس او النيابة او المجلس العسكري الذي في النهاية يتصلون به بعد أن يكون قد قتل من قتل وجرح من جرح . هذا التجييش للمسلمين بهذه السرعة ليس طبيعيا . ولا يقل لي أحد أنه في الصعيد يحدث ذلك طبيعيا لثقافة الناس البسيطة ولا يقل لي احد أن ذلك حدث في امبابة لثقافة الناس البسيطة .ذلك يحدث بتدبير وقصد تحدثنا عنه وتحدث غيري وحسنا فعل المجلس العسكري أن أعلن ذلك . أنا أعرف أنه عبر الأربعين عاما السابقة حدث تغير في العقلية المصرية ضد المسيحيين . وأعرف أنه حدث اضطهاد لهم في الحياة العامة وإقصاء لهم في المناصب وغير ذلك من القضايا التي بدورها سببت احتقانا كبيرا لدي الاقباط . لكن أظن انه صار معروفا الآن أن كل الفتن الكبيرة السابقة كانت من تدبير النظام لإلهاء الناس واستمرار قانون الطوارئ . وهذه المرة طبعا كما السابقة من نفس النظام الذي مازال المنتفعون به موجودين في مراكز كبيرة وغيرهم لا يصدقون أن هناك ثورة مات فيها المسلم والمسيحي من أجل مصر حرة . قال الحاكم العسكري ما قلناه ووصل الي الحقيقة ومن هنا استوجب الأمر التحية ومن هنا ياتي الأمل في إغلاق هذا الباب . لكن لابد أن يأخذ الأمر مداه . ويستطيع المجلس العسكري أن يعرف من ملفات أمن الدولة التي رغم احتراقها موجودة علي الحواسب الآلية في ذاكرة الداخلية . يستطيع ان يعرف من هم الذين كانوا يتعاونون مع جهاز أمن الدولة في إثارة الفتن الطائفية.