معادلة صعبة يواجهها أولياء الأمور ممن قرروا الحاق أبنائهم بالتعليم الخاص، فما بين الرغبة في الحصول علي خدمة تعليمية وتربوية متميزة بتلك المدارس، والمغالاة في المصروفات يجد الآلاف من أولياء الأمور انفسهم بين شقي الرحي. ورغم من أن وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي حاولتا من خلال قرارات وزارية توفير مظلة لحماية أولياء الأمور من استغلال بعض المدارس والجامعات في رفع قيمة المصروفات بصورة مبالغ فيها، لكن الحقيقة تؤكد ان الكثير من تلك المدارس والجامعات تتحايل بصور شتي علي تلك القرارات، خاصة ان المصروفات لا تقتصر فقط علي الرسوم الدراسية، بل تتضمن بنودا أخري مثل الزي المدرسي ومصروفات »الباص»، والأنشطة وغيرها من الأبواب الخلفية لاستنزاف أموال الأسر، فلم يعد التعليم الخاص في مصر حكرا علي طبقة بعينها، وإنما أصبح يمثل رقما مهما في معادلة التعليم، خاصة في ظل تزايد أعداد المدارس الخاصة التي بلغت 9 آلاف مدرسة بها أكثر من مليوني طالب، وهو ما يعادل 11 % من إجمالي عدد الطلاب وهناك تزايد في الإقبال عليها لما تتمتع به من انخفاض في الكثافة وكثرة الأنشطة، كما يتزايد الإقبال علي الالتحاق بالجامعات الخاصة، إذ يبلغ عدد المقبولين في 23 جامعة خاصة وأهلية هذا العام فقط نحو 139 ألف طالب وطالبة، وهو ما يشير إلي النمو الكبير في معدلات القبول بتلك الجامعات، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الرقابة والمتابعة حماية لعشرات الآلاف من الأسر المصرية، التي تحول التعليم من اداة للارتقاء وبناء المستقبل، إلي عبء كبير يثقل كاهل تلك الأسر. شكاوي ومعاناة تتكرر كل عام في هذا التوقيت، مع بدء إعلان المدارس للمصروفات الدراسية، إلا أن هذا العام جاء ليحمل معه زيادات فاقت قدرة أولياء الأمور علي الاحتمال، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعانيها مختلف الأسر المصرية، وبالرغم من تحديد وزارة التربية والتعليم لنسبة الزيادة في المصروفات الدراسية للمدارس الخاصة، إلا أن الكثير من المدارس ضربت بالقرار عرض الحائط و لم تلتزم بالنسبة المحددة للزيادة، فبدأت في فرض زيادات دون أي مبرر يذكر وسط صرخات الأهالي التي تبحث عمن يستمع إليها. ويحدد قرار وزير التربية والتعليم الصادر قبل بضعة أسابيع الزيادة في المصاريف بالنسبة للمدارس الخاصة لغات وعربي وذلك لمدة 5 سنوات اعتبارًا من العام الدراسي المقبل 2017، 2018، حتي العام الدراسي 2021، 2022، وذلك بنسبة 11% سنويا للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 2000 جنيه، و8% للمدارس التي تبدأ مصروفاتها من 2000 جنيه حتي أقل من 3000 جنيه و6% سنويا بالنسبة للمصروفات من 3000 جنيه حتي أقل من 7000،ونسبة 5% سنويا للمصروفات التي تبدأ من 7 آلاف جنيه فأكثر علي أن تكون النسبة ثابتة وليست تراكمية. »الأخبار« قامت بجولة علي مجموعة من المدارس الخاصة بعدد من الإدارات التعليمية المختلفة لرصد قوائم المصروفات الجديدة حيث فوجئنا بزيادات تفوق بكثير النسب المحددة في القرار الوزاري، فوصلت مصروفات الصف الأول لرياض الأطفال في احدي مدارس مدينة منطقة التجمع الخامس إلي 16 ألف جنيه للطلبة الجدد و15ألفا للطلبة القدامي المنقولين للصف الثاني لرياض الأطفال بدلاً من 13400 جنيه العام الماضي، هذا بخلاف مصاريف الباص والزي المدرسي. وتقول نهال علي أبو الحمد، أم لطفلين بهذه المدرسة إنها فوجئت بالزيادة الجديدة علي الجروب الخاص بالمدرسة وأنه بالرغم من تضرر العديد من أولياء الأمور إلا أن المدرسة تؤكد أن الزيادات بجميع المدارس وأن الوزارة أقرتها. 50 ألفا سنوياً وتضيف نهال أن ما يزيد الأمر صعوبة هو أنه وبشكل سنوي يتم تحديد مجموعة من المستلزمات بشكل إجباري علي جميع الأطفال تصل تكلفتها إلي ألفي جنيه علي الأقل ويستخدمونها طوال العام في الأنشطة داخل الفصل الدراسي، بجانب تكلفة الزي المدرسي والذي وصل أيضاً إلي ألفي جنيه.. وتؤكد أن الزيادة لم تقتصر علي هذه المصروفات بل وصلت للباص المدرسي والذي ارتفع إلي 7 آلاف جنيه وأنها بذلك ستدفع سنويا للطفلين مايزيد علي 50 ألف جنيه، وهو مبلغ من الصعب توفيره خاصة في ظل إرتفاع أسعار المعيشة من جميع الجهات. وأشارت إلي أن علي المدرسة الالتزام بالنسبة التي حددتها الوزارة حيث إن ما يطلب من الأطفال طوال العام تحت بند الأنشطة هو زيادة غير معلنة تشكل ضغوطاعلي كاهل أولياء الأمور ومنها الرحلات المدرسية، وأوضحت أن المدرسة من قبل أطلقت رحلة إلي مركز الإبداع ب 100 جنيه بالرغم من أن تذكرة الدخول ب20 جنيها فقط. ومن القاهرة الجديدة للجيزة وتحديداً بمنطقة فيصل حيث وصلت نسبة الزيادة بعدد من المدارس إلي 20%، وهو ما أكدته لنا ولاء أحمد، أم لطفل بإحدي المدارس الخاصة بفيصل حيث أبلغتهم الإدارة المدرسية بأن الزيادة علي المصروفات المدرسية ستصل إلي 20%، وطالبتهم بمبلغ 5 آلاف جنيه بشكل مبدئي حتي يتم الاستقرارعلي النسبة الإضافية بشكل نهائي، وأشارت إلي أنه لابد من تشديد الرقابة علي المدارس فيما تحصله من الأهالي من مبالغ إضافية. وأوضحت ولاء أن الزيادة بالمصروفات الدراسية التي تشمل الكتب ليست هي المشكلة الوحيدة فما يتم تحصيله من الأطفال يعد أمراً مبالغاً فيه فكل عام تطالبهم المدرسة بعدد من الأدوات ما بين القواقع والخرز والصلصال والألوان والتي تصل تكلفتها لنحو الألف جنيه، وأشارت إلي أن هناك استغلالاً كبيراً لأولياء الأمور من جانب المدرسة والتي تصل لطلب مستلزمات غير متوفرة ففي العام الماضي تم طلب عبوتين من أحد المنتجات الطبية التي تصل تكلفة الوحد منها إلي90 جنيها من كل طفل بحجة تعطير الفصل الدراسي وهو أمر غير واقعي. استغلال كبير وفي إدارة الدقي التعليمية بلغت نسبة الزيادة بعدة مدارس إلي ضعف ما قررته الوزارة، حيث أشارت داليا فهمي، ولي أمر لطفلتين في المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال بإحدي مدارس الراهبات الخاصة بالدقي، إلي أن الإدارة رفعت القسط الأول للمصروفات الدراسية إلي 3800 جنيه أي بزيادة تصل إلي 6%، ومثلها علي القسط الثاني مما يعني 12% علي العام بأكمله وهو ضعف ما قررته الوزارة بالنسبة للفئة التي تقع بها المدرسة، وأوضحت داليا أن هذا الاستغلال يؤثر وبشكل كبير علي متطلبات المنزل وأنها لا تستطيع بأي شكل من الأشكال أن تقصر مع طفلتيها فيما يخص الدراسة فمستقبلهما أولي من الكثير من متطلبات المنزل.