اتفق الجميع علي الدور الذي يلعبه الخطاب الديني في قضية الحد من الزيادة السكانية، وقددحدد وزير الأوقاف المصري، د.محمد مختار جمعة، ملامح هذا الخطاب في مقال كتبه مؤخرا علي الموقع الإلكتروني للوزارة. وذهب د.جمعة في مقاله إلي أن الدعوة إلي زيادة عدد السكان لا يجب أن تصدر علي شكل »حكم قاطع أو عام» مضيفا أن الزيادة مطلوبة بحال وجود وظائف وحاجة ليد عاملة وإلا أصبحت أشبه ب»غثاء السيل» مضيفا أن نسبة النمو الاقتصادي يجب أن تبلغ علي الأقل ضعف النمو السكاني. واعتبر جمعة أن قضايا تنظيم النسل والمشكلات السكانية »هي من المتغيرات التي يختلف الحكم فيها من زمان إلي زمان، ومن مكان إلي مكان، ومن دولة إلي أخري، بحيث لا يستطيع أي عالم أن يعطي فيها حكمًا قاطعًا أو عامًاً» مضيفا أن من يمعن النظر في مفهوم النصوص الواردة في هذا الشأن يدرك أنها »تضمنت ما يشير إلي مراعاة المتغيرات». ولفت جمعة، إلي أن الحديث النبوي »تناكحوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة» يتوجه فيه المعني إلي الكثرة النافعة المنتجة القوية مضيفا: »أما الكثرة الضعيفة المتخلفة التي تكون عالة علي غيرها والتي تعاني الفقر والأمراض والتخلف العلمي والثقافي والحضاري فهي الكثرة السلبية التي عبر عنها نبينا بغثاء السيل». وربط د.جمعة قضية النسل بالأوضاع الاقتصادية قائلا: »لكي يشعر المواطنون بتحسن الخدمات لابد أن يكون الناتج المحلي ضعف الزيادة السكانية علي أقل تقدير، وفي مثل ظروفنا الاقتصادية وما ورثناه من بني تحتية مترهلة تحتاج إعادة بناء من جديد في كثير من جوانبها فإننا في حاجة إلي أن يكون الناتج المحلي أضعاف الزيادة السكانية». وتابع جمعة بالقول إن حل هذه المشكلات يحتاج تغيير النمط الفكري والثقافي للمواطنين وهو ما يتطلب تعاونًا إيجابيًا واسعًا وسريعًا وملموسًا بين مؤسسات الدولة الدينية »قبل أن تستفحل المشكلة السكانية علي حساب التنمية، بل علي حساب صحة المواطن وظروف معيشته». وختم وزير الأوقاف المصري قائلا: »ينبغي أن نراعي طبيعة الزمان والمكان.. ففي الوقت الذي تحتاج فيه بعض الدول إلي أيدٍ عاملة يكون الإنجاب مطلبًا.. أما في الظروف الاستثنائية التي تمر بها بعض الدول في ظل ظروف لا تمكنها من توفير المقومات الأساسية من الصحة والتعليم والبني التحتية في حالة الكثرة غير المنضبطة.. فإن أي عاقل يدرك أنه إذا تعارض الكيف والكم كانت العبرة والمباهاة الحقيقية بالكيف لا بالكم». ويؤكد دكتور أحمد كريمة استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر ما جاء بمقال د.جمعة، مؤكدا أنه يجب علي علماء الدين التوعية بتحديد النسل وفق ما منطق مباهاة الأمم بالكيف لا بالكم. ويطالب د.كريمة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة بالاعتماد علي علماء الأزهر والأوقاف في توجيه تلك الرسالة، علي أن يحرصوا علي تلخيصها في جملة واحدة لا تقبل الجدل وهي أن »تنظيم النسل مشروع في الإسلام». ويؤكد الأب بطرس دنيال مدير المركز الكاثوليكي علي دور الكنيسة في مواجهة العقلية الشرقية التي لا تزال تفكر في الإنجاب بمنطق »العزوة» وتفضيل إنجاب الذكور علي البنات. ويشير إلي اجتماعات تعقد للمقبلين علي الزواج تحت مسمي»اعداد المخطوبين»، ويقول:»هذه الاجتماعات لابد من استغلالها لزيادة الوعي بأن إنجاب الطفلين أفضل من كثرة الإنجاب، وان الزواج ليس فقط إنجابا، وإنما حب وإخلاص ومحبة بين الطرفين».